مصطفى نصر: كتابي الجديد يتناول العديد من رموز الأدب في مصر
صدر حديثًا عن دار الفكر العربي للنشر والتوزيع كتاب حكايات مصطفى نصر، تأليف الروائي السكندري مصطفى نصر وفيه يتعرض للكثير من المواقف التي جمعته برموز الثقافة والأدب في مصر، وتكشف الحكايات عن الكثير من الظواهر.
يقول مصطفى نصر عن كتابه: "الإهداء لأكثر اثنين حكاءين قابلتهما في حياتي، الأول هو هنادي محمود - كان مديرًا لتمثيليات إذاعة الإسكندرية. وكنت أقابله في مبنى الإذاعة، أجلس أنا وهو في فراندة إدارة التمثيليات الصغيرة، المطلة على الحدائق التي تحيط بالمبني. ويحكي لي حكاياته المسلية التي لا تنتهي. يحكي لي عن حياته في الواحات قبل أن ينتقل للقاهرة ويلتحق بمعهد الفنون المسرحية. ثم حكاياته مع الممثلين والممثلات، وسكان العمارة التي يسكنها.
والثاني هو صبري أبوعلم - حكاء من نوع عالٍ، يحكي ذكرياته في بلدته طهطا بالصعيد، ثم قضاء الإجازة السنوية في مليج بلدة أمه، وانتقاله للإسكندرية بعد موت والده، هو وحيد أمه، تزوج والده أربع زوجات ولم ينجب سواه. كانت أمه أقرب زوجة إلى قلبه. يرسل إليها رسائل الشوق في الإجازة السنوية، لكنه لا يخاطبها هي، بل يخاطب ابنه صبري.
يضيف لـ"الدستور": "أحكى عن أول زيارة لي لمدينة القاهرة مع أديب أكبر مني سنًا. كان يعمل صبي محامي. لم يصدر كتابًا واحدًا، لكن ثروت أباظة – رئيس اتحاد مصر في ذلك الوقت- قبله عضوًا عاملًا في الاتحاد لأنه أجرى معه عدة حوارات نشرت في جرائد ومجلات عربية.
ويواصل: "وأحكي في الفصل الثاني عن شخص غريب الأطوار يجالس نجيب محفوظ عندما يأتي للإسكندرية في الصيف. نجيب محفوظ هو الذي أطلق عليه اسم المسكين الغامض، وكان يتابع تصرفاته الغريبة ويسأل عنه. ملابسه دائما متسخة وحذاءه ممزق، لكنه يتحدث في كبرياء وتعالي – خاصة مع كبار الكتاب.
غيرت إدارة قصر ثقافة الحرية الوضع في القاعة التي نجتمع فيها، فهي الآن على شكل صالون، مقاعد فوتيه، تسمح بأن نرى الشخص من أوله لآخره، وكنا في السابق نخفي نصفنا الأسفل تحت المائدة التي نجتمع حولها. اتفقت مديرة الثقافة مع معيدة بآداب الإسكندرية، ذات جسد ممشوق وقامة طويلة، ترتدي ملابس تكشف عن ساقيها، فإذ بالمسكين الغامض أن يضع يده داخل ملابسه ويأتي عملا بذيئا، فأسرعت مديرة الثقافة واستدعت مدير القصر الذي طرده ومنعه من الحضور ثانية، كل هذا والمعيدة الحسناء تتحدث عن الأدباء الإنجليز،غير مهتمة بما حدث.
ويتابع: "أحكي عن اختفاء شاعر الإسكندرية الذي كان طالبًا في كلية الهندسة، ووصل لرئيس اتحاد الطلبة، وكان أشهر شاعر في الإسكندرية في ذلك الوقت، لكنه دعا لوقفة في كلية الهندسة عندما دخلت القوات الإسرائلية للبنان وقتلت آلاف الفسطينين في صابر وشاتيلا.
وهاجمت قوات الأمن المجتمعين والمعارضين، وفصلت هذا الشاعر وجندته في الجيش، ما أدى لهروبه من البيت ومن الحياة. فأصبح رمزًا ولغزًا، فيدعي شاعر يعيش خارج الإسكندرية أن زوجته أخبرته عن حضور هذا الشاعر إلى بيته في غيابه، وسأل عنه. وتحكي شاعرة سكندرية إنها رأته ينشد في تجمع بمسجد السيد البدوي بطنطا، ويزعم شاعر سكندري كبير أنه رآه يطوف الكعبة عندما حج في العام الماضي.
ويكمل: "أحكي عن حبشي فواز الذي قابلته في أواخر حكم أنور السادات، فاندهشت لأنني لم أقابله في أيام حكم عبدالناصر - رغم ارتباطي بالحركة الأدبية في الإسكندرية منذ عام 1967. سألته عن ذلك، فحكى لي بإنه من أصل تونسي كالكثيرين من سكان حي بحري، لكنه يخفي هذا على أمل أن يعينونه محافظا لمحافظة من محافظات مصر. وإنه كان ضمن وفد أدبي سيسافر للعراق أيام حكم عبدالكريم قاسم، الذي صرح بتصريحات تسيء لجمال عبدالناصر، فتم إلغاء الوفد؛ في الوقت الذي سافر فيه حبشي فواز من تونس للعراق، فأحسنوا استقباله هناك، وصافحه عبدالكريم قاسم، وصدرت صورتهما معًا في كل جرائد العراق على أنه يمثل الوفد المصري. فتم القبض على حبشي فواز عند وصوله للقاهرة، وسألوه عما حدث، مما أدى لابتعاده عن أي نشاط سياسي طوال حكم عبدالناصر ومعظم سنوات حكم السادات.
ويواصل: "ويحكي الكتاب عن كاتب حاذق ومشهور، قضى كثير من سنوات عمره يكتب للآخرين. يعني يفبرك حوارًا مع راقصة، ويبيعه لصحفي غير قادر على الكتابة الصحفية، أو يكتب قصة قصيرة ويبيعها لقصاص توقف عن كتابة القصص.
ووصل به الأمر أن كتب سيناريو فيلم وباعه بألف جنيه. وقد كتب عنه سليمان فياض مقالة نشرت بمجلة الدوحة أيام كان رئيس تحريرها رجاء النقاش، ثم نشر المقالة في كتاب عن النميمة في الحركة الثقافية.
في الأخير قال: ويتناول الكتاب حكايات عن كاتب شديد الإعجاب بسليمان رشدي ومن يكتب بطريقته. ومشكلته في الحياة أن لا أحد يلتفت لكتاباته هذه. وهو يتمنى لو وجد من يعارض كتبه ويقتله أو يحاول قتله.