سلطان فى مملكة أم كلثوم..عبقريات رياض السنباطى (صور)
سجل اسمه بحروف من نور في قافلة أم كلثوم التي حكمت الغناء العربي لعقود، علامة مسجلة نجح في صياغة مفرداتها ومعالمها في قلوب عشاق الموسيقى من المحيط إلى الخليج.
رياض محمد السنباطي، أشهر من قام بتلحين القصيدة في تاريخ الغناء العربي، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله الأربعون.
تاريخ طويل يحمله ابن محافظة دمياط القادم من فارسكور، السنباطي المولود في 30 نوفمبر 1906م، عدد مؤلفاته الغنائية بالمئات في الأوبرا العربية والأوبريت والاسكتش والديالوج والمونولوج والأغنية السينمائية والدينية والقصيدة والطقطوقة والمواليا.
عدد مؤلفاته الموسيقية 38 قطعة، وتعامل مع ما يزيد على 120 شاعرا من نجوم الكلمة.
زينت ألحان السنباطي أشهر الأصوات الغنائية في تاريخ الوطن العربي، يتقدمهم أم كلثوم، منيرة المهدية، وفتحية أحمد، وصالح عبد الحي، ومحمد عبد المطلب، وعبد الغني السيد، وأسمهان، وهدى سلطان، وفايزة أحمد، وسعاد محمد، ووردة، وميادة الحناوي ونجاة، وسميرة سعيد، وابتسام لطفي وطلال مداح، وعزيزة جلال وغيرهم.
رحلة السنباطي إلى عرش الموسيقى وحكم مملكة أم كلثوم الموسيقية لم تكن سهلة، البداية كانت في مدينة فارسكور التابعة لمحافظة دمياط مع بدايات القرن العشرين، كان والد السنباطي المقرئ والمنشد الشهير في منطقته قد تعود الغناء في الموالد والأفراح والأعياد الدينية في القرى والبلدات الريفية المجاورة، ليهرف السنباطي جماليات العزف على العود من خلال أبيه، ويبدأ في شق طريقه للغناء الأصيل والتواشيح الدينية، نشأ السنباطي في طفولته وسط أجواء تشهد ختام عصر الشيخ سلامة حجازي، وفاتحة عصر سيد درويش، كما تزامن ذلك مع بداية ظهور الأسطوانة والفوتوغراف سنة 1904، لينجح الفتى الشاب في الاستماع لعبد الحي حلمي ويوسف المنيلاوي وسيد الصفطي وأبو العلا محمد، وتتلمذ على أيديهم من دون أن يراهم.
حصد السنباطي طوال مشواره الحافل عشرات التكريمات، منها وسام الفنون من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1964، وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس محمد أنور السادات، جائزة المجلس الدولي للموسيقى في باريس عام 1964، جائزة الريادة الفنية من جمعية كتاب ونقاد السينما عام 1977، جائزة الدولة التقديرية في الفنون والموسيقى، الدكتوراه الفخرية لدوره الكبير في الحفاظ على الموسيقى، من أكاديمية الفنون، 1977، وجائزة اليونسكو العالمية، وكان الوحيد عن العالم العربي ومن بين خمسة أعلام موسيقيين من العالم نالوا هذه الجائزة على فترات متفاوتة.
ارتبط الموسيقار رياض السنباطي بعلاقة صداقة خاصة جدًا بكوكب الشرق أم كلثوم، تشكل الخط الأساسي في تجربته الفنية، وهي شراكة عمر، مكانة خاصة انفرد بها السنباطي وانتزع بها عرش الراحل الكبير محمد القصبجي داخل مملكة أم كلثوم، فقد تعامل السنباطي فنيا مع درة الفن فترة تزيد على 40 عاما، ولحن لها رصيدًا كبيرًا من الأغاني الهامة التي حصدا بها نجاحا ساحقا، وعلاقة الكبيرين أم كلثوم والسنباطي بدأت مبكرا منذ الصغر، عندما كان عمره 13 عاما، وعمرها لم يتجاوز الـ 17، كما كان والد أم كلثوم الشيخ إبراهيم البلتاجي، صديقا قديما للمنشد محمد السنباطي.
غنت أم كلثوم لجمال عبد الناصر 3 أغنيات من ألحان السنباطي، الأولى كانت بعد حادث المنشية عام 1954، بعنوان "يا جمال يا مثال الوطنية"، كما لحن السنباطي لأم كلثوم الكثير من الأغنيات السياسية والوطنية، زاد عددها على 33 أغنية، أشهرها: قصيدة النيل، مصر تتحدث عن نفسها، وقف الخلق ينظرون، مصر التي في خاطري، قصة السد.
تتجاوز أعمال رياض السنباطي الفنية حاجز الألف لحن، يزيد نصيب أم كلثوم منها على 280 أغنية تضم أيقوناتها الشهيرة "أراك عصى الدمع، ولسه فاكر، وحيرت قلبي معاك، وأقولك ايه عن الشوق، وليلى ونهاري، وطوف وشوف، والأطلال".
شكل السنباطي مدرسة خاصة في الموسيقى العربية، منذ بداية تلحينه للقصيدة بالمدرسة التقليدية، كما تأثر بأسلوب وأصالة زكريا أحمد، ومحمد عبد الوهاب والطريقة الحديثة التي أدخلها على المقدمة الموسيقية، حيث استبدل بالمقدمة القصيرة أخرى طويلة، كما سبق إلى إدخال آلة العود مع الأوركسترا، واعتمدت ملامح التلحين لدى السنباطي قبل عام 1948 على الإيقاعات العربية الوقورة، لكنها نجح أن يذهب بعيدا ويخرج لصناعة عدة تحولات في أسلوبه خلال الفترة التي أعقبت ذلك.