خبراء يتحدثون لـ«الدستور» عن جهود مصر في إجلاء رعاياها من المناطق الخطرة
كانت عودة البعثة المصرية من أفغانستان تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، خير دليل على قوة الدولة المصرية خارج حدودها للدفاع عن مصالح رعاياها وحمايتهم، وأن الحكومة لا تنسى أبنائها العالقين في المناطق الخطرة.
لم يكن الأمر جديدًا من نوعه، فالدولة المصرية لم تتأخر يومًا ما على رعاياها المتضررين من الأوضاع خارج البلاد، ونجحت كثيرًا في إجلاء المصريين العالقين طوال السنوات الماضية في الدول التي شهدت أزمات سياسية وصحية كادت أن تعرض حياتهم للخطر.
فقد أعادت المصريين من ووهان الصينية في ظل أزمة فيروس كورونا، وأيضا المواطنين من اليمن خلال أزمة الصيادين،ومن ليبيا ودول الصراعات وغيرها، كُل هذا يضرب نموذجًا يُحتذى به على جهود الدولة المصرية في حماية وتأمين أبنائها طوال الوقت مهما كانت التحديات.
تواصلت "الدستور" في السطور التالية مع خبراء متخصصين حول الأمر، ليوضحوا الآليات التي تتبعها الدولة المصرية في إجلاء رعاياها من المناطق الخطرة، حين يتعرض المصريين للمخاطر ويتوجب إعادتهم إلى البلاد بأسرع شكل ممكن.
خبير استراتيجي: مسح لبيانات المصريين العالقين في المناطق الخطرة
أوضح اللواء أركان حرب، حسام سويلم،والمدير الأسبق لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة، أن المشهد الذي شهدته مصر في الأيام القليلة الماضية من إجلاء المصريين العالقين في أفغانستان، وإنقاذ حياتهم من الخطر الداهم الذي كاد أن ينهي حياتهم، هو مثال كبير لقدر وقيمة الدولة المصرية، والحكومة التي ترعى أبنائها سواء داخل البلاد أو خارجها.
وأردف "سويلم" خلال حديثه مع "الدستور"، أن هناك بعض الإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية في التعامل مع ذلك الأمر، بالتنسيق مع القوات المسلحة، قبل تنفيذ أي قرار يخص إجلاء المواطنين من المناطق الخطرة.
أشار اللواء أركان حرب، إلى عملية مسح البيانات التي تتم داخل هذه الدول من قبل الحكومة المصرية، بدءً من رصد المصريين المتضررين في المناطق الخطرة، وصولًا لتحديد هويتهم وانتماءاتهم، ثم تجهيز الطائرات الخاصة المسؤولة عن إعادتهم إلى البلاد.
استكمل "سويلم" حديثه، مشيرًا إلى أنه في حالة التأكد من تورط أي مواطن مصري في أعمال التخريب، أو الانتماء إلى الجماعات الإرهابية داخل هذه الدول، يتم التخلي عنه فورًا، ولا يُدرج ضمن قائمة الإجلاء، وهذا ما يستدعي إجراء عمليات المسح قبل التوجه لإعادة المصريين العالقين في الخارج.
وفيما يتعلق بإعادة المصريين من أفغانستان، قال: "هذا الحدث يؤكد على مدى اهتمام الحكومة المصرية برعايها خارج البلاد، بناءً على تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، التي تستحق كل الشكر والامتنان، بعد أن قامت القوات المسلحة بتجهيز طائرة عسكرية لإعادة الجالية المصرية من أفغانستان، بالتعاون مع المخابرات العامة والخارجية ومسؤولى السفارة".
خبير عسكري: 30 يونيو كانت بداية إجلاء المواطنين من الدول الخطرة
وبالحديث مع اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري، عن جهود الدولة المصرية في إعادة المصريين العالقين داخل المناطق الخطرة، أكد أن الحكومة أحكمت سيطرتها على هذا الملف منذ 30 يونيو 2013، حين تدخلت لإجلاء رعاياها من الدول التي تشهد حروبًا ودمارًا مثل إنقاذ العمالة المصرية وإعادتهم إلى البلاد.
وأعرب "بخيت" عن مدى فخره بالإنجاز الذي حققته الدولة المصرية في استعادة أبنائها من أفغانستان، والذي يدل على مدى حرصها على حياة مواطنيها أينما كانوا، وكذلك نجاح القيادة السياسية والقوات المسلحة في تنظيم الأمر.
وأشار الخبير العسكري، إلى الدور الكبير الذي يلعبه الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحفاظ على حياة المصريين بالخارج،واتخاذ القرارات السريعة لاستعادة الجالية المصرية من أفغانستان ليس أمرًا جديدًا،فقد حدث ذلك مع المصريين في ليبيا واليمن وتونس، حين شهدت هذه الدول صراعات دموية كادت أن تعرض حياتهم جميعًا للخطر دائما يضع حياة المواطن في المقام الأول.
وأضاف: "إجلاء المصريين من الخارج ليس أمرًا سهلًا كما يعتقد البعض، بل هو معقد للغاية، ويتم التخطيط له على مدار فترات طويلة، بسبب وجود احتمالية اندساس بعض المتورطين في أحداث الإرهاب داخل الحافلة التي تنقل المصريين من هذه الدول إلى مصر، لذا يتم إجراء مسح لبيانات المصريين العالقين، والتأكد من هويتهم بشكل تقني".
تحدث "بخيت" أيضًا عن الإمكانيات التي تمتلكها القوات المسلحة المصرية في التعامل مع مثل تلك الأمور، بالتنسيق مع الجهات المختصة مثل وزارة الخارجية والسفارات المصرية في هذه الدول، وأيضًا تجهيز الحافلات المجهزة لنقل المصريين العالقين في المناطق الخطرة، وإعادتهم إلى البلاد سالمين.
عكاشة: ما تفعله مصر مع رعاياها في الخارج «إنجاز كبير»
تواصلنا أيضًا مع العميد خالد عكاشة،رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الذي أوضح أن إجلاء المصريين العالقين في أفغانستان كان أمرًا صعبًا للغاية، ويٌعد إنجازًا كبيرًا تم تحقيقه في وقت قياسي بالنسبة للأوضاع المأسوية هناك، ما يستوجب الشعور بالفخر والاعتزاز تجاه حكومتنا الغالية.
واستكمل: "القيادة السياسية في مصر قيمت الموقف والوضع في أفغانستان والاضطراب الذي تعيشه بطريقة محكمة،ودرست أيضًا مدى تعرض المصريين العالقين هناك لأي مخاطر ممكنة، لذا تدخلت الجهات المعنية على الفور، وتواصلت مع السفارة المصرية هناك لتأمين عملية إجلاء الرعايا إلى مصر.
الخطة التي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكلف بها القوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة ووزارة الخارجية، كانت على أعلى مستوى من الإتقان والتنفيذ، وهذا ما شاهدناه جميعًا لحظة وصول الجالية المصرية إلى أراضي مطار القاهرة، بحسب "بخيت".
وأكد رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تنفيذ العملية واجه العديد من التحديات اللوجستية، وبالأخص عمليات التحرك داخل أفغانستان، الذي شهدت خطورة كبيرة في نقل المواطنين من السفارة إلى مطار كابل، لكن تم التغلب على الأمر ونُفذ بأفضل شكل ممكن.
واختتم العميد خالد عكاشة حديثه، مؤكدًا أن وزارة الخارجية والسفار المصرية في كابول تتابع الأوضاع جيدًا داخل أفغانستان، وتتخذ جميع الإجراءات لضمان سلامة المصريين العالقين هناك والاطمئنان على أوضاعهم وتنسيق عودتهم إلى البلاد بطريق آمنة.
لواء أركان حرب: القيادة السياسية تدير الأمور بطرق محمكة
ومن جانبه، أوضح اللواء أركان حرب عبدالرافع درويش، الخبير العسكري، أن المواطن المصري يأتي في أولويات الحكومة دائمًا، وبالأخص المتواجدين خارج البلاد، والذين يخضعون لقوانين خارجة عن سيطرة الدولة المصرية، فهم الأولى الرعاية والتدخل السريع في حال تعرضهم لأي مخاطر.
وقال: "ما شاهدناه من الجهود المبذولة من قبل الحكومة في التدخل السريع لإنقاذ حياة العالقين داخل أفغانستان، كان إنجازًا عظيمًا للغاية، ففي الطبيعي يستقطع الأمر وقت كبير لتنفيذه وإجلاء الرعايا من الدول الخارجية، لكن ما نفذه جهاز المخابرات في هذه المرة أثبت أن الدولة المصرية قادرة على التصدي لأي خطر يتعرض له مواطنيها".
واستكمل الخبير العسكري حديثه، مشيرًا إلى الآليات التي يتبعها جهاز المخابرات في إدارة هذا الملف، بداية من عمليات البحث المكثف عن المصريين المتواجدين في المناطق التي تشهد خطرًا داهمًا، ثم التنسيق مع السفارات المصرية في هذه الدول لللتواصل مع العالقين وإبلاغهم بمكان التجمع، ثم إصدار موعد الانتقال إلى مصر عبر الطائرات الخاصة التي توفرها الدولة في مثل تلك المواقف.
وجه "درويش" شكره إلى رجال القوات المسلحة، الذين يكرسون جهدهم طوال الوقت للاهتمام بحال المصريين العالقين في المناطق الخطرة، والحرص على إعادتهم للبلاد مرة أخرى سالمين، مثل ما حدث قبل ذلك في اليمن وليبيا وأثيوبيا والكويت.
في يونيو 2020، نجحت أجهزة الأمن المصرية في تحرير 23 مصريًا كان قد تم اختطافهم من قبل حكومة الوفاق الليبية والمليشيات التابعة لها، وتمت إعادتهم إلى مصر آمنين، بعد تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة العمال المختطفين على متن 4 حافلات تحت حماية الجيش الليبي إلى منفذ سلوم البري في مصر.
وفي نوفمبر 2020، نجحت السفارة المصرية لدى إثيوبيا، في إجلاء 9 مواطنين مصريين من مدينة ميكيلي، منذ اندلاع الاشتباكات في إقليم التيجراي الإثيوبي.
أما في اليمن، فقد نجحت السلطات المصرية فى إعادة 32 صيادا مصريا، وذلك بعد احتجازهم فى اليمن، بعد ذهابهم للصيد فى أماكن محظورة، وذلك عبر طائرة خاصة إعادتهم إلى أرض الوطن، وذلك بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولم يقتصر الأمر على إجلاء المواطنين من المناطق التي تشهد حروبًا فقط، بل تدخلت الدولة أيضًا في إعادة المصريين المتضررين في الخارج من فيروس كورونا، وقامت الدولة المصرية بتبني خطة لإعادة أبنائها العالقين في الخارج لوطنهم مرة أخرى مع توفير كافة سبل الإعاشة والرعاية الصحية لهم طوال فترة العزل الصحي.