خطيب الجامع الأزهر: راقبوا الله في أموالكم
ألقى الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، خطبة الجمعة من الجامع الأزهر، ودار موضوعها حول "مراعاة الله في كسب المال وفي أوجه إنفاقه".
وقال “ شومان”: إن حفظ المال من المقاصد الكلية التي جاءت الشريعة الإسلامية بها، وجعلت له ضوابط في كيفية التعامل معها بداية من اكتسابه ونهاية بأوجه إنفاقه، وهو ما يجعلنا نفهم ونتيقن أن المال في أيدينا هو على سبيل الاستخلاف وأن المال في الأصل هو مال الله -عز وجل- "آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِير"، وفي هذا ترسيخ عميق في نفس المؤمن أن المالك الحقيقي لكل شيء في هذا الوجود هو الله.
وأوضح وكيل الأزهر الأسبق، على الإنسان أن يبحث الأحكام الشريعة المتعلقة بهذا المال وأن يفهمها جيدًا وأن يدرك الحكمة منها، لكي يؤدي حق الله فيما بين يديه من مال الله ، وأن يبتعد الإنسان عن الإسراف والتبذير والشح، "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" وإذا كان الله –عز وجل- زم من يتعامل مع المال بهذه الطريقة، فإنه أثنى على من يلتزم بضوابط التعامل مع المال كما حددتها شريعة الإسلام "وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا".
وأكد شومان، إن فلسفة الإسلام في إنفاق الأموال جعلت ما يمنحه الأغنياء للفقراء حق وفريضة لا تتم إلا بهم، أي أن أموال الزكاة هي حق للفقراء وليس منة يمن بها الأغنياء عليهم، وفريضة وركن من أركان الإسلام لا يستطيع أن يؤديه الأغنياء إلا من خلال الفقراء، وهو يجعل الفقير لا يشعر بنقص أن يمتد يد الغني إليه، ويجعل الغني لا يشعر بمنة أو فضل أن امتدت يده الفقير، وهو ما يضمن للمجتمع تماسكه.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر، إن الإسلام رسم صورة العلاقة بين الإنسان وبين المال، لذلك حرم أخذه بغير صوره الشرعية، فحرم الغش "من غشنا فليس منا "وحرم الرشوة " لعن الله الراشي والمرتشي"، وحرم أكل مال الناس بخير حق كاليتامى "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا"، وحرم النصب والغش في البيع والشراء "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُون"، ولهذا جعل الله –عز وجل- حدين من حدود الإسلام في من يخالف هذه الصورة التي رسمتها الشريعة في التعامل مع المال، فجاء قطع اليد (حد السرقة) في من يسرق المال في خلسة من أهله، وجاء عقاب "أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض" (حد الحرابة) في من أخذه بالتهديد والتخويف والتعذيب.
واختتم خطيب الجامع الأزهر، نوجه رسالة من فوق منبر الأزهر، يجب التعاون مع الجهات المعنية في الكشف عن المحتالين، كما يجب على الجهات المالية أن تؤمن حسابات المودعين بما لا يمكن غير صحابها من استخدامها، لأن انتشار عمليات الاحتيال يضر بالمجتمع ويساعد في تفشي ظاهرة الفساد في الأرض.