«مأساة تيجراي».. تقارير دولية تُحذر من تفاقم الحرب الأهلية في إثيوبيا
سلطت عدة تقارير دولية الضوء على مسار الحرب التي شنتها الحكومة الإثيوبية في تيجراي على مدار 9 أشهر، محذرة من تفاقم الأزمة، مشيرة إلى أن الأعداد التي تتناقلها الوكالات الأممية والإنسانية بشأن الضحايا في الإقليم أقل بكثير من المعلن.
فاتيكان نيوز
وحذرت منظمة الإغاثة الكاثوليكية "ميسيريور"، من تفاقم الأزمة في إثيويبا، معتبرة أنه لا يوجد أي فرصة في الوقت الراهن لإنهاء الحرب التي شنتها الحكومة على إقليم الشمالي ووضع حد للنزاع بين القوات الحكومية الإثيوبية و"قوات تحرير تيجراي".
ووفقا لما نقله وقع "فاتيكان نيوز" الإيطالي، قال مارتن بروكلمان سيمون العضو المنتدب والمدير التنفيذي لمنظمة الإغاثة الكاثوليكية في مقابلة مع وكالة الأنباء الكاثوليكية، إنه لا يرى حاليًا أي فرصة لإنهاء القتال بين قوات الحكومة الإثيوبية ضد "جبهة تحرير شعب تيجراي".
وأضاف بروكلمان: "لا يسعني إلا الاعتماد على مبادرات المصالحة، التي طرحتها الكنيسة الإثيوبية أيضًا، لتدخل حيز التنفيذ في مرحلة ما"، مشيرا إلى أن إفريقيا كقارة لديها "مصادر قوة هائلة وإمكانات لا تصدق من الناحية الديموغرافية والاقتصادية ، وكذلك فيما يتعلق بالمواد الخام ولكن في الوقت نفسه ، تكافح العديد من الدول مع إرث الماضي".
وتابع "العديد من الصراعات الحالية من إثيوبيا إلى موزمبيق وأنجولا أو جنوب إفريقيا لها علاقة أيضًا بالآثار التي خلفتها القوى الاستعمارية".
وأوضح بروكلمان، الذي يعمل مع لمنظمة الإغاثة الكاثوليكية منذ عام 1985، أنه بالرغم من ذلك، هناك بعض المشكلات في افريقيا تعد محلية الصنع أيضًا، وتأتي بسبب حوكمة سيئة في العديد من البلدان، ومن بينها اثيوبيا، مشيرا إلى أنه من الهام أن نعزز دور المجتمع المدني في تلك البلدان.
فوكس أون أفريكا
وفي ذات السياق، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنها بدأت في إعادة توطين 23 ألف لاجئ إريتري بعد أن تقطعت بهم السبل في منطقة تيجراي الإثيوبية، مشيرة إلى أن العديد من اللاجئين اللإريتريين يتلقون نفس معاملة ومصير العرقية التيجراية المقموعة من قبل النظام لمجرد كونهم "مشتبه بهم" مناهضين للحكومة.
ووفقا لمجلة "فوكس أون أفريكا" الإيطالية المختص بالشأن الإفريقي، تعمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع وكالة شؤون اللاجئين والعائدين الإثيوبية، على تسهيل نقل اللاجئين النازحين من تيجراي إلى مخيم جديد في دابات في منطقة أمهرة، حيث تم تحديد مساكن طارئة داخل المرافق المجتمعية ليقيمون بها داخل معسكرات دائمة بعيدا عن قمع الحكومة الإثيوبية.
وسيستضيف الموقع الجديد 25 ألف لاجئ إريتري جميعهم كانوا في مخيمي "ماي عيني وعدي حروش" في منطقة تيجراي، حيث كانوا يتعرضون للقمع والاضطهاد من قبل القوات الفيدرالية، لكونهم "مشتبه بهم" مناهضين للحكومة التي تنظر لهم على انهم "إرهابيين محتملين"، في حين أنهم في الواقع وضعوا في خضم حرب عرقية ليست لهم بها علاقة، تمارس فيها أساليب إبادة جماعية.
وفي يوليو الماضي، طلبت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من الحكومة الإثيوبية وقف الأعمال العدائية التي تمارسها في مخيمات "ماي عيني وعدي حروش" لمدة 30 يومًا للسماح بالنقل الآمن للاجئين من ماي تسبري في تيجراي في منطقة دابات بأمهرة.
ونقلت المجلة عن نيفين كرفينكوفيتش المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قوله "في غضون ذلك، اتخذنا إجراءات طارئة لنقل اللاجئين من منطقة ماي تسبري في تيجراي حيث يتعرضون لنفس المصير الذي يتعر له جميع المدنيين في تيجراي المقموعة".
وأضاف: "في نهاية شهر يوليو ، تلقينا أنباء مقلقة وذات مصداقية من مخيم ماي عيني عن مقتل لاجئ على يد عناصر مسلحة تعمل داخل المخيم، وفي الماضي القريب ، تلقينا تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد اللاجئين الإريتريين".
سياتل تايمز الأمريكية
وفي سياق متصل، أعرب مجتمع التيجرايين في مدينة سياتل الأمريكية، وهو من بين أكبر التجمعات السكانية في البلاد، عن ادانته إزاء الأوضاع الإنسانية المتدهورة في بلدهم إثيويبا، معتبرين ان البلاد تتجه إلى مستقبل أسوأ في ظل تفاقم الأزمة واستمرار الحرب والمجاعة في إقليم تيجراي الشمالي.
وبحسب صحيفة "سياتل تايمز" الأمريكية، يعيش التيجرايون في مدينة سياتل أوقاتا مروعة منذ بدء الحرب في تيجراي في نوفمبر من العام الماضي، مشيرة إلى أنهم لا يشعرون بالخوف المستمر على عائلتهم وأقاربهم في الإقليم المحاصر الذي التهمه الحرب والمجاعة، لا سيما بعد أن انقطعت الأخبار بسبب قطع الحكومة الإثيوبية كل وسائل الاتصالات عن المنطقة.
ويقول "فيساها تاساو"، رئيس جميعة "مجتمع التيجرايين" في سياتل، الذي يضم ما بين 1200 إلى 2000 شخص: "لا نستطيع النوم من القلق على عائلتنا، نشعر بأن الأسوأ هو القادم وننتظر طوال الوقت اخبارا سيئة عن عائلتنا ولا نعلم حتى ما إذا كانوا أهلنا أحياء أو في عداد الأموات".
وأضاف تاساو ، 58 عامًا "لا نستطيع التحدث مع عائلتنا وأحبائنا، إنه كابوس، نحن لا نعرف ما الذي مروا به ولا نعرف ما إذا كانوا أحياء أو أمواتًا، لا نعرف ما يجب أن نفكر فيه بدون وجود عائلتنا، أنه أمر مدمر للعقل".
ولفتت الصحيفة إلى أن النظام الإثيوبي هو من بدأ الحرب على تيجراي، بعد أن شن عملية عسكرية في المنطقة في 4 نوفمبر 2020، مضيفة أن الحكومة وعدت بإن الأمر سينتهي في غضون أسابيع، لكنه مر شهور طويلة من الحرب المستمرة ولم تنتهي حتى الآن.
وتابعت "ووفقا للأمم المتحدة، تسبب القتال في نزوح 1.7 مليون شخص وحدوث مجاعة هي الأسوأ في أي مكان في العالم منذ ما لا يقل عن عقد من الزمان حيث يعانب ما يقرب من 400 الف شخص من ظروف شبيهة بالمجاعة و 1.8 مليون آخرين معرضون لذات الخطر في المستقبل، إلى جانب أن هناك أكثر من 1200 تقرير عن العنف الجنسي".
وأشارت الصحيفة، نقلا عن باحثين في جامعة جينت البلجيكية، أن تلك الأرقام المعلنة مجرد جزء بسيط من العدد الفعلي للحالات المتضررة من النزاع في تيجراي.