من روائع الادب العالمى
«التوت البري» قصة الكاتب الروسي الكبير تولستوي عن طعم الحرية
في قصته «التوت البري» التي كتبها عام ١٩٠٦، كان الكاتب الروسي الكبير تولستوي مهتما بقضايا بلاده، يطوع أدبه فى خدمة المجتمع الروس ورفعته، منحازا إلى الطبقة الفقيرة التي ترك لها ثلاثمائة فدان من الأراضي الزراعية الجيدة ليثبت للجميع أنه رجل أفعال لا أقوال.
ويتحدث تولستوى عن نيكولا سيميونتش الإقطاعي الذي يحب الفلاحين ولا يضطهدهم مثل غيره من الأثرياء، حيث زاره في بيته صديق ليبرالى من بطرسبرج ليقضي معه يوما واحدا فى بيته، وأثناء وجود الضيف توعك الابن الصغير غوغو بسبب التوت البري الذي جلبه إلى بيت نيكولا أطفال القرية، حيث يعد جنى التوت البري من الغابة مصدر رزق لهؤلاء الفلاحين.
كما مر تولستوي على إحدى الأسر الفقيرة التى تجنى التوت كى تستطيع الاستمرار فى الحياة بما يسد الرومق ويكفي بالكاد ، وبين تولستوى أن هؤلاء الفقراء يغامرون بحياتهم بدخولهم الغابة من أجل التوت ذلك لأنهم يكونون عرضة للذئاب الضارية، جاءت زوج نيكولا بالطبيب الذى أخبر الوالدين بأن التوت البرى كان سبب فى توعك الطفل فدخلت الزوجه فى وصلة عتاب مع زوجها، الذي سمح لهؤلاء الفلاحين بدخول القصر كى يبيعوا التوت لأبنائه.
خرج نيكولا مع الطبيب ثم أكمل حديثه مع صديقه الليبرالى عن انتخابات روسيا وقال الحل فى الحرية. وهذا هو المورال من قصة التوت البرى لتولستوى، انصرف الضيف وفي اليوم الثانى اشترى الابن الأكبر رطلين من التوت البرى واكلهم دون أن يتوعك ميل أخيه. وهنا أراد تولستوى أن يقول إن مرض المجتمعات ليس فى التوت بل في نقص الحرية.
الأزمة لا تكمن في دخول الفقراء إلى بيوت الأغنياء ربما يكون العكس هو الصحيح.
ودلل تولستوى على ذلك حين تطرق إلى الخادمة التى تعمل فى بيت نيكولا، والتي اغتصبها أحد الأثرياء فانجبت منه طفلا ومات، وكأن تولستوى أراد أن يقول إن الطبقة العليا تغتصب الطبقة الدنيا وتنجب منها سفاحا. وإن كانت شخصية نيكولا من الأغنياء إلا أنه كان رقيقا ورفيقا بهذه الطريقة المعدمة لذا جاء بالخادمة لتعمل في بيته بكل احترام. ربما كان نيكولا هو ذاته تولستوى أو شبيها له.