فيروس سي
كيف تكاتفت مؤسسات الدولة لتحويل مصر من بؤرة لإصابات «فيروس C» للريادة في علاجه؟
رحلة نجاح صنعتها مصر في سنوات قليلة تحولت خلالها من أكبر بؤرة لانتشار فيروس سي بعد أن وصل عدد المصابين به في مصر 6 ملايين مصاب في عام 2007، إلى قصة نجاح يهتدي بها العالم للتخلص من هذا المرض، ففي بداية 2018 بلغ عدد المرضى بفيروس سي مليون و540 ألف، وتم علاجهم بشكل كامل خلال نفس العام من خلال إحدى حملات وزارة الصحة التي استهدفت الأمراض المتوطنة ومنها فيروس سي.
بداية قصة نجاح مصر في مواجهة الفيروس كانت في عام 2006، عندما أنشأت مصر اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية ووضعت استراتيجية من 2007 حتى 2012، ثم وضعت استراتيجية أخرى من 2013 وحتى 2018، وكان الهدف هو ضرورة توفير الدواء لأي مريض فيروس سي وإتاحة التحاليل والكشف بالمجان، وهو ما تم بالفعل.
وشهد العالم على قصة نجاح مصر في علاج الفيروس، ومنها منظمة الصحة العالمية التي أكدت أن مصر باتت من الدول الرائدة في علاج مواطنيها من الفيروس الخطير، الدستور مع احتفالات منظمة الصحة العالمية باليوم العالمي لفيروس سي خلال هذه الأيام، عرضت دور مؤسسات الدولة في محاربة الفيروس.
محمد عز العرب أستاذ الباطنة بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية، إنه في الوقت الذي وضعت فيه منظمة الصحة العالمية هدفها في القضاء على فيروس سي في العالم بحلول عام ٢٠٣٠، استطاعت مصر أن تحقق هذا الهدف في عام ٢٠٢٠، فأصبحت الاصابة به أقل من ١% من عدد السكان.
مَثَل التهاب الكبد الفيروسي سي المشكلة الصحية الأولى في مصر، وقدرت منظمة الصحة العالمية عدد المواطنين الذين لديهم أجسام مضادة لفيروس سي بنسبة ٢٢% من عدد السكان، وظلت تتراجع إلى 10% في عام ٢٠١١ و ٧% في عام 2015 ، حتى بلغت أقل من 1% حاليًا.
وأوضح عز العرب، أن مصر استطاعت منذ اكتشاف السوفالدي الذي تم انتاجه عام 2013 وحصل عليه أول مريض مصري في 2014، إنتاج مثيله بسعر أرخص وتوفيره للمصابين بالمجان، مشيرًا ان العلاج المصري كان أفضل من العالمي لأنه منخفض التكلفة وبنفس فاعلية المستورد.
وتابع أن المبادرة الرئاسية ١٠٠ مليون صحة كانت من أنجح المبادرات التي استطاعت علاج المصريين، فكانت نسبة الإصابة بالفيروس حينها أقل من ٤%، وتم خلالها الكشف على أكثر من ٦٠ مليون مواطن خلال ٧ شهور من أكتوبر ٢٠١٨ وحتى نهاية أبريل ٢٠١٩، وتم علاج أكتر من ٩٠% من المصابين.
وتكاتفت مؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في علاج فيروس سي مع وزارة الصحة، ولعل أبرز دور لهذه المؤسسات كان من خلال صندوق تحيا مصر، أوضح أن صندوق تحيا مصر بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان، نجح في توفير العلاج لـ220 ألف مريض بفيروس سي، وتم البدء في محاصرة المرض، ومن هنا جاءت فكرة المسح الطبي الميداني.
ارتكزت آلية عمل الصندوق في الخطة القومية لمكافحة فيروس سي على أن يقوم الصندوق بإجراء المسح الطبي للفئات المستهدفة (+18) على أن يتم تحويل الأشخاص الذين يتم اكتشاف إصابتهم بفيروس سي للمعامل التابعة لوزارة الصحة والسكان وذلك لإجراء تحليل ال (PCR) والتحاليل الأولية طبقاً للبروتوكول العلاجي لوزارة الصحة والسكان.
ذلك من خلال برنامج عمل استهدف عدة قطاعات، منها إجراء المسح الطبي بالجامعات الحكومية والمستشفيات التابعة لها، فضلا عن إجراء المسح الطبي الميداني في المناطق غير المخططة، والمحافظات التي شهدت نسب إصابة عالية، وتوفير الجرعات العلاجية للحالات المكتشف إصابتها من خلال المسح الطبي، وكذلك التوعية بطرق الوقاية من الفيروس داخل الجامعات والمدارس، بتكلفة قدرها 500 مليون جنيه.
أحمد صبري، مسؤول تقني ببرنامج الالتهاب الكبدى الوبائي بمنظمة الصحة العالمية المكتب الأقليمي لشرق المتوسط، أن التجربة المصرية لعلاج الأمراض المتوطنة ومرضى فيروس سي، من خلال مبادرة 100 مليون صحة، نجحت بشكل كبير، حتى باتت مصر من الدول الرائدة في علاج مواطنيها من الفيروس الخطير، مشيرًا إلى أن المبادرة الرئاسية وصلت لأكبر عدد ممكن من الموطنين، ونجحت في توفير العلاج لهم بالمجان.
واتخذت مصر إجراءات عدة لمواجهة فيوس سي بدأتها عام 2006 بإنشاء اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، عملت اللجنة على توفير الأدوية المتاحة في ذلك الوقت بسعر مناسب، وبحلول عام 2013، أنشأت مصر 25 مركزًا لمكافحة الالتهاب الكبدي عبر الجمهورية، كما وفرت هذه المراكز العلاج لقرابة 50 ألف مريض سنويًّا على نفقة الدولة. لكن نسبة النجاح للعلاج المتاح في ذلك الوقت بلغت 40% فقط.
ومع عام 2018 أطلقت مصر برنامج 100 مليون صحة، وبلغ عدد المصابين الذين جرى اكتشاف إصابتهم بالفيروس في أثناء الحملة إجمالًا 2,229,328، بنسبة 4,61% من المشاركين في الحملة، وعالجت الحملة جميع المصابون بالفيروس بالمجان.