«صورته أفزعني وأحاول ألا تتكرّر معي».. كيف عاني الكبار من الفقر والعوز؟
"ربما كان لهذه الوسامة بعض الأثر في تكوين شهرتي، ولكن بالتأكيد فإن الأساس في هذه الشهرة هو إعجاب الناس بما أعزفه على الجيتار، ولهذا فأنا عندما أكون على المسرح لا أهتم إلا بالعزف الجيد، أحيانًا ابتسم للجمهور الذي يسمعني، ولكن لا أفعل أكثر من هذا، لا أقوم بأي حركة، لا أتشنج، لا أهرج، لا أفتعل ما يثير المستمع، وأنا اعتقد أن العازف الجيد على أي آلة موسيقية يجب أن يقبله الجمهور أولًا عن طريق الإذاعة، لكي لا يكون لمظهره أو شكله أي تأثير في الرأي الذي يكونه الجمهور عنه".
هكذا بدأ الموسيقار الراحل عمر خورشيد حديثه عن دور وسامته في حياته الفنية، في حواره لمجلة "الموعد" عام 1977.
وحكى "خورشيد" عن علاقته بكوكب الشرق "أم كلثوم" وقال، إنها كانت تحنو عليه، وتوده، وتعامله باهتمام ورعاية، ففي أحد الأيام كان رفقتها في "دبي" وعلمت بخبر زواجه، فرحت للغاية، وساعدته في اختيار منزل الزوجية، قال: "أنا أعتز بما كانت تقوله أم كلثوم عني كفنان، ومما قالته مرة: إن عمر خورشيد يفهم متى يجب أن يغني المطرب، ومتى على الفرقة أن تعزف، ويفهم أيضًا كيف يضبط أوتار غيتاره على درجة الصوت".
وحكى عمر خورشيد عن الحب في حياته، وبدأ حديثه بالحكاية الأولى في فترة المراهقة، قال:" عشت في سن المراهقة العديد من قصص الحب. أما الحب الحقيقي فمن الطبيعي أن يكون هو آخر حب، لأنه لو لم يكن حقيقيًا وقويًا لما أنساني كل حب سابق".
وتزوج الموسيقار عمر خورشيد للمرة الأولى من أمينة السبكي، ثم للمرة الثانية من الفنانة ميرفت أمين، ثم من اللبنانية دينا ثم من الفنانة مها أبو عوف.
وعن حكايته مع "دينا"، قال: حكايتي مع دينا هي أصلًا حكايتي مع مجتمع بيروت، فعندما جئت إليه وبدأت أعزف في «الايبي كلوب» كان أمامي مجتمع لم يسمع من قبل الموسيقى الشرقية، ولكنني استطعت أن أجتذب هذا المجتمع إلى المقطوعات الشرقية التي كنت أعزفها على الجيتار، وتحوّل «الفن» الذي أقدّمه إلى موضة انتشرت بسرعة في بيروت ومجتمعاتها الراقية، وكثر الحديث في الأجواء الأرستقراطية عن عمر خورشيد، وكانت الموائد تحجز في «الايبي كلوب» لوجوه لم أكن أراها في حفلات الغناء العربي. ومن هنا كان التعارف بيني وبين دينا التي جاءت يومًا لتسمعني، وتصادف أن أصدقاءها الذين حضرت معهم كانوا أصدقاء لي أيضًا، وهكذا تمّ التعارف بيني وبينها بواسطة هؤلاء الأصدقاء، وبدأنا نخرج ونسهر معًا، وتطورت العلاقة بيننا إلى حب مع الأيام ومع العشرة اليومية".
واعترف عمر خورشيد أنه كان في علاقته بالفنانة ميرفت أمين في أحسن حال، وبينهما حالة من التفاهم والود الكبيرين، لكن المشكلة الأساسية التي أرقتها أن كل منهما كان ضائعَا وتائهًا عن الآخر، كانا يلتقيان في المناسبات صدفة، بالإضافة إلى أنه كان يسافر كثيرًا، وفي حال وجوده في مصر كان يقضي معظم أوقاته في الاستوديوهات، وفور عودته للمنزل تكون "أمين" قد خرجت لعملها.
وحكى في حواره لمجلة "الكواكب" 1973:" استأنفنا حياتنا الزوجية بهدف تهدئة الخواطر، والأعصاب حتى يستطيع كل منا أن يحدد موقفه تجاه الأخر، وصلنا إلى نتيجة وهي استحالة استمرار الزواج، وأصبح الانفصال من مصلحتنا حتى تظل صداقتنا، لأن عودتنا مرة أخرى كانت ستزيد الأمر سوءًا، وربما نفقد صداقتنا بعد أن خسرنا حياتنا الزوجية وهذا ما لا أريده".
وبعد انفصاله عن ميرفت أمين، قرر "خورشيد" أنه من الأفضل أن تكون زوجته من خارج الوسط الفني، كي يجدها في المنزل وقت عودته إليه.
وكان الفنان عمر خورشيد يرى أنه لم يقدر ماديًا، خاصة وأن الأجر الذي كان يتقاضاه يدفع لعازف جيتار جديد، لذا أصر وقتها أن يطلب الأجر الذي يشعره بتقديره الفني والذاتي، واستشهد بواقعة الفنانة إسماعيل ياسين الذي التقاه في التلفزيون وكان يشكو من حالة الفقر والعوز، قال:" عليّ أن أدّخر مالًا يحميني من غدر الزمن، أو يكون لي سندًا عندما أتقدم في السن ولا أكون قادرًا على العطاء الفني. وما زالت أمامي صورة المرحوم إسماعيل ياسين عندما رأيته مرة في الإذاعة وهو يشكو من العوز والفاقة. وهي صورة تُفزعني وأحاول ألا تتكرّر معي. ولكن، ورغم كل هذا فإنني لست ماديًا الى أبعد حد، فهناك حفلات أعزف فيها مجانًا، وأحيانًا أدفع من جيبي أجور أفراد الفرقة الموسيقية التي تعزف معي".