حقيقة المرأة التي ظهرت لهاورت وماروت لتعليم الناس السحر
قال الشيخ محمد متولى الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق، والداعية الإسلامي الشهير رحمه الله، إن الملكان هاروت وماروت، نزلا إلى الأرض ليعلما الناس السحر بأمر الله، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه اختار ملكين من جنس آخر، وعناصر أخرى غير عنصر الإنسان.
وتابع: «لأن الملكين لا ينتفعان بالسحر، فهما في غير حاجة إليه وبذلك تنتهى شبهة الانتفاع، ونعلم جميعا أن السحر لا ينفع بل يضر ولو أن الله سبحانه وتعالى اختار بشرًا رسولا ليعلم الناس السحر والرسول مفروض فيه أن يكون قدوة سلوكية، ومطبقا لمنهج يقتدى به الناس، لاعتقد الناس أن السحر شئ نافع، ولقالوا إنما علمنا ذلك رسول الله والرسول قدوة ونحن نفتدي به ونفعل مثله ولوجد من يجادل قائًلا : إذا كان السحر ضر يقود إلى الكفر، فلماذا أرسل الله به رسولا والرسول لا يأتي إلا بمنهج نافع من الله؟
واستكمل في كتابه" السحر والحسد": لكن الملكين هاروت وماروت اللذين علما الناس السحر، لم ينتفعا به لأنه لا ينفعهما، وفي نفس الوقت حذرا الناس أن السحر فتنة يؤدي إلى الكفر، وبذلك يكون العلم الذي أراده الحق سبحانه وتعالى للبشر قد وصل إليهم بالطريقة التي أرادها الله، وبوضوح رؤية في أن السحر شر وابتلاء».
وأردف: «هناك أشياء كثيرة رويت عن هاروت وماروت ومن بين هذه الروايات أن حين أخبر الحق تبارك وتعالى الملائكة عن خلق آدم عليه السلام قالوا:" أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" حينما قالت الملائكة ذلك، طلب الحق سبحانه وتعالى منهم أن يختاروا ملكين، ليهبطا إلى الأرض فينظر كيف يعملان، فاختاروا هاروت وماروت، وعندما نزلا هاروت وماروت إلى الأرض.. جاءتهم إمرأة بارعة الجمال فسألاها نفسها، فقالت لا حتى تشركا، فرفضا الاشراك، فغابت عنهما وعادت بصبى وقالت لا أعطيكما نفسي حتى تقتلا هذا الصبي، فرفضا أن يقتلاه فذهبت وعادت إليهما بقدح من الخمر، وقالت لا أعطيكما نقسي حتى تشربا هذا الخمر، فشرباه فأشركا وفتلا الصبي وارتكبا الزنا».
وأشار إلى أن هذه القصة رغم ورودها في بعض كتب التفسير، فإنها غير صحيحة أولا لأن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وثانيا: أنه من تمام الإيمان أن يؤدي المخلوق كل ما كلف به من الله سبحانه وتعالى.
وأضاف أن هذا الملكان كلفا بتعليم الناس السحر، وكلفا بأن يحذرا كل من علماه بأن السحر فتنة تؤدي إلى الكفر وقد فعلا ذلك، بذلك يكونان قد أديا ما أمرهما الله به وهذا من تمام التكليف وتمام الإيمان.
وأكد على أنه قد أوردنا هذه القصة التي رويت في بعض الكتب ليعلم الناس أنها غير صحيحة، وأنها مفتراة وأن هاروت وماروت أديا ما أمرهما الله به، وإذا كان الحق تبارك وتعالى قد أرسل ملكين ليعلما الناس السحر، فمعنى ذلك أن السحر علم يستعين فيه الإنسان بالشياطين ولكن من الخير للبشر دميعا ألا يتعلموه، وألا يفتنوا به لأنه لا ينفعهم.