محمد سيد ريان: «الكتاب هو الحل» والاستراتيجية الوطنية للثقافة ستحقق الكثير
طريق طويل قطعه الكاتب محمد سيد ريان، الباحث في مجال الثقافة الرقمية والسياسات الثقافية في أبحاث النشر والسياسات الثقافية ورقمنة الثقافة يتواصل بخطوة جديدة مع أحدث إصداراته عن هيئة الكتاب، تحت عنوان “الكتاب هو الحل" .. المشكلات الراهنة وطريق الخلاص في 50 كتابًا وكتابًا".
الكتاب يأتي ضمن أبرز الإنتاجات المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ويذكر الكاتب في مقدمته أن القراءة هي المستقبل وطريق الخلاص، وهي الأمن الثقافي للأسرة، وأساس النهضة الحديثة للمجتمع، والثورة السياسية بدون تغيير ثقافي لا فائدة منها.
وقال محمد سيد ريان، لـ"الدستور": “ينطلق مشروعي الثقافي من أهمية ودور الثقافة الرقمية في حياتنا ، ففي عصر تسيطر عليه تكنولوجيا المعلومات ومواقع التواصل والفضائيات تبدو المشكلة أكبر بكثير، فكثير من التقنيات التي تتنشر علي شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لازالت بعيدة المنال عن أغلبية الناس العاديين ، ويعد الجهل التكنولوجي والأمية المعلوماتية اخطر مايواجهه الشعب ويساعد في تضليله وتوجيهه نحو نظريات ثقافية فاسدة".
يضيف ريان: “منذ فترة طويلة دخلت في نقاش مع أحد أصدقائنا المعترضين علي مصطلح الثقافة الرقمية ، وكان لابد من توضيح الغموض والإرتباك حوله ، وهو غموض لايقل عن الأزمة التي يحملها مصطلح الثقافة وحده ، فمنذ خمسين سنة كتب عميد الأدب العربي طه حسين ( ثقافة هي كلمة نرددها كل يوم فيما نقول وما نكتب .وقليل منا يحققها في ذهنه ويستطيع أن يعرب إعراباً صحيحاً دقيقاً عن معناها شأنها في ذلك شأن ألفاظ كثيرة تنطق بها الألسنة وتجرى بها الأقلام وليس لها في نفوس الذين ينطقون بها معنى واضح أو صورة لا أقول دقيقة بل مقاربة)، ولأن العالم من حولنا لايتوقف كثيراً مثلنا أمام الإشكاليات المفاهيمية ، فقد انطلق الباحثون في مجال الثقافة الرقمية ليبدعوا وينتجوا أفكاراً مهمة لوضع الرقمية ضمن سياق الثقافات الإنسانية".
وعن تركيبة مشروعه مع الكتابة يقول ريان: “يتكون مشروعي من 3 اجزاء رئيسية ، الجزء الأول تسويق المنتج الثقافي وهو جانب تطبيقي ، والجزء الثاني السياسات الثقافية وهو جزء نظري تأسيسي ، أما الجزء الثالث وهو في طريقة للظهور قريبا هو ثقافة المستقبل مع الأخذ في الإعتبار عند الحديث عن المستقبل أنه شيء في منتهي الخطورة، فهو ينطوي علي أبعاد يصنف بعضها علي أنها نبوءات، والبعض الآخر يصنف علي أنه تكهنات لامعني لها. بينما يلجأ البعض إلي إصدار أحكام قد تؤدي إلي صياغة مشروع متسرع، أو نتائج يتم بها تسيس الاستقرار لحساب جهات أو أفراد معينين".
أما عن أحداث إصداراته في معرض الكتاب، أشار ريان إلي أن الكتاب هو مساهمة لوضع شباب ورجال ونساء عصرنا على طريق المعرفة، ففي حالة التخلف الحضاري سنخرج من القطار السريع للمعرفة وعند العودة لن نجد مكاننا لأن هناك من ينتظرون أن تترك لهم هذا المكان.
يقدم الكتاب 50 حلًا لـ50 مشكلة في 50 كتابًا؛ ومن أبرز القضايا التي يناقشها الكتاب ما يعانيه مجتمعنا المصري والعربي من الوقوع في فخ الأفكار المستهلكة والقديمة واستسهال الحلول السطحية دون البحث عن حلول جذرية خارج الصندوق، وعلى الرغم من شيوع الوسائط الإلكترونية الاجتماعية إلا أننا نفتقد ثقافة المبادرة وتبني فكرة جديدة أو رؤية مختلفة لشخص ما لمواجهة أسلوب أو طريقة أو مشكلة أو قصور في أحد مناحي الحياة.
كما يذكر الكاتب أننا لو نظرنا في الواقع المعاش للبحث عن أسباب ما وصلنا إليه من صراعات سياسية وفكرية بين أفراد الوطن الواحد، فلن نجد سببًا رئيسيًا سوي التعصب بمختلف أشكاله.
كما يناقش الكتاب مهمة المثقف والمفكر والأديب والفنان الحقيقية وهي نقد المجتمع ومحاولته بشتى الطرق طرح رؤى بديلة للطريق السائد، وزرع أفكار التغيير الحقيقي اللازم للعبور لمستقبل أفضل.
ويعمل محمد سيد ريان منذ فترة طويلة علي مشروع ثقافي يستهدف التسويق الثقافي باستخدام أدوات القوى الناعمة المصرية، وإبراز دورها الهام والضروري لمواجهة مشكلات العصر الحالي.
وعن رؤيته لدور الثقافة في حياتنا، قال ريان إن الثقافة ليست مجرد علاج لقضايا المجتمع ولكنها وقاية لازمة وأساسية ضد كل ماهو حالي أو قادم بقوة ضد القيم والأفكار الإنسانية المتحضرة، وترتبط الثقافة بالأشخاص الحاملين لها أو المثقفين ، ولعل فئة المثقفين في المجتمعات العربية تحتاج إلي تطوير مهم يتعلق بقكرة الدمج والإرتباط مع قضايا المجتمع ، فلابد أن يتم الإستعانة بالمفكرين والمثقفين في كل المؤسسات الوطنية من أجب إيجاد بنية فكرية واضحة للمواطنين تؤكد وحدة الهدف وتنوع الرؤي من أجل تخطيط وتطوير وتنفيذ كافة المشروعات الحاضرة والمستقبلية.
وعن الأسس والركائز التي يجب أن نستند إليها في مواجهة المخاطر الثقافية الحالية، يقول "ريان": “بما أن الثقافة هي الحياة، فمع المخاطر الحياتية والمجتمعية التي نواجهها، لابد أن يكون واضحاً أمام الجميع أن المواجهة الثقافية تبدأ بفكرة وجود سياسة ثقافية اوإستراتيجية وطنية للثقافة تحقق مايريده الوطن ولاتصبح حبراً علي ورق، ولابد كذلك في المرحلة التالية من التعاون بين المؤسسات الرسمية والمجتمعية والمثقفين من أجل إيجاد نقاط مشتركة وأرضية واحدة للإنطلاق نحو الأهداف الوطنية"، ويتمثل الردع الثقافي والفكري من وجهة نظري من تكوين شبكة ثقافية عملاقة تحتوي علي كافة الحلول الثقافية والفكرية للقضايا الحياتية وكذلك التأكيد علي فكرة التنوع الثقافي الخلاق والبعد عن الأفكار المطلقة التي تحمل في داخلها إحتكار المعرفة".
وقال ريان إنه ينبغي الإشارة إلي ضرورة الاهتمام بالسياسات الثقافية الجديدة و قضية المحتوي على الإنترنت، خاصة أن عدم وجود محتوي جيد أو حتي وجود محتوي هلامي غير ناضج شيء سيعود بنتيجة سيئة علي الجيل الجديد ، فعلي الرغم من أهمية الشبكات الإجتماعية والإخبارية إلا أنها بدون صياغة جيدة و ثقافة تقوم علي أسس وأخلاقيات المجتمعات تصبح ترسيخ لقيم مادية لا تضع مجالا للإنسان أو قيمه أو طموحاته أو مستقبله الشخصي والمهني.
وعن رؤيته للقاهرة من زاويته السكندرية، قال ريان: هناك نقطة مهمة تخص تكويني المعرفي ترتبط بالمدينة التي عشت فيها منذ مولدي وحتي الآن ، فقد كانت الإسكندرية وستظل ملتقي الأدباء والمفكرين والأدباء بعيداً عن مركزية القاهرة التي بها الجهاز الإداري بكل بيروقراطيته وأجهزته التنفيذية و الكثافة الشديدة فى ظل ثقافة الجماهير الغفيرة، ولكن الوضع كان مختلفاً فى الإسكندرية التى أحتفظت بهدوئها على مر العصور وأستوعبت كل من عاشوا فيها ليرتبطوا بها ، فهي المدينة التي تمثل الواقع الحالم بكل شخوصه وهمومه وآماله وطموحاته ، وما زالت حتي الآن تجذب مزيداً من الشعراء والأدباء لزيارتها سواء لمناقشة أعمالهم أو للإقامة والاستقرار فيها لفترات قصيرة او طويلة ، وظل للمبدعين السكندريين سمات أساسية لاعمالهم الروائية والشعرية والفنية أرتبطت بهم فى أغلب الدراسات النقدية وأبرزها هو حضور المكان – الإسكندرية - فى أغلب تلك الأعمال بصورة كبيرة ومميزة والإنفتاح الثقافي علي الغير وقبول الإختلاف وأهمية الحوار وضرورة المعرفة".