رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات عن «اكتئاب ما بعد الولادة».. حالة تدفع أمهات للانتحار

اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة

“اكتئاب ما بعد الولادة” هي حالة نفسية تصيب الأم بعد الإنجاب نتيجة بعض العوامل الخارجية وأخرى نتيجة تغيير الهرمونات وهو تغيُّر في المزاج شديد الخطورة.

قد تستمرُّ الحالة لأسابيع أو أشهر وتؤثِّر في الأنشطة اليوميَّة، وتتراوح نسبة النساء اللاتي يُصَبنَ بهذه الحالة بين 10-15%

"الدستور" حاورت مجموعة من الأمهات اللاتي تعرضن لاكتئاب ما بعد الولادة.

كانت نور السعيد فتاة جميلة تحلم بفارس أحلامها ليعيشا حياة هنية دون متاعب  كما تصورها السينما وبالفعل التفت زوجها محمد بنفس مكان العمل وبدأت الخطوات الأولى لتأسيس حياة ومنزل وبالفعل خلال شهور قليلة كانت مراسم الزفاف قد انتهت وبدأت الحياة الزوجية بكل تفاصيلها؛ ولم تع نور أنها ستحمل في طفلتها الأولى خلال الشهور الثلاثة الأولى من الزواج ولكن كانت إرادة الله.

ظلت نور خلال الـ9 أشهر تعاني من آلام الحمل وليس لديها أم أو أخت حتى تخفف عنها من وطأة هذا الشعور خصوصاً لانخراط زوجها في العمل ليلاً نهاراً لتوفير مصاريف الولادة وما بعدها.

تحكي نور لـ"الدستور": “يوم الولادة كان أصعب يوم يمر عليّ لخوفي الهستيري من الحقن وغرفة العمليات وارتباط ذهني بوفاة والدتي بهذه الأشياء؛ ولكن إرادة الله كانت أجمل فوضعت مولودتي الأولى أنثى وعانيت من شعور الاكتئاب نتيجة عدم وجود أحد بجواري وانشغال زوجي وعدم تقديره آلامي النفسية”.

وتقول نور: “ظللت مكتئبة طوال شهر كامل بعد الولادة ولا أحد يعرف السبب ولم أستطع شرحه أو وصفه لأحد خوفاً من الاتهامات مثل (إنتي بتتدلعي؛ مش أول واحدة تولد؛ دا لسه أول بيبي) وكلام من هذا القبيل”، وتوضح أنها بالقراءة والصبر استطاعت اجتياز هذه المرحلة بسلام والآن معها ثلاثة أطفال.

ولإيمان وليد لها قصة أخرى مع “اكتئاب ما بعد الولادة” حيث تقول لـ"الدستور": “تزوجت كبيرة في السن ولكن بمفهوم المجتمع فالفتاة عندما تصل لـ28 سنة تكون عانساً؛ وكان من النتائج المترتبة على ذلك الإسراع في الإنجاب عشان سني كبر؛ وبالفعل بعد 10 شهور فقط وضعت ابني الأول أحمد ولكن لم أكن سعيدة فكان هناك شعور بالانطفاء داخلي لم أعرف سببه وكنت دائمة السكوت”.

وتضيف: “أسكن بعيداً عن أسرتي ولكن لم أشعر يوماً بعد الولادة برغبة في زيارتهم أو زيارتهم لي؛ كنت أميل دائماً للجلوس بغرفة بمفردي عند نوم ابني حتى في وجود زوجي؛ واستمرت هذه الحالة لمدة 15 يوماً فقط”.

وتنصح إيمان كل زوج بعدم ترك زوجته بعد الولادة تتحمل مسؤولية الطفل بمفردها فلا بد من مشاركتها والتخفيف عنها بكافة الإشكال فقلة النوم والإرهاق النفسي والبدني طول اليوم كفيل بأن يصل بها للانتحار فرفقاً بالزوجات بعد الولادة فهي تحتاج لزوجها أكثر من أي وقت آخر ولا تستطيع أن تطلب ذلك تقديراً لمجهوده خارج المنزل.

من جانبه، يقول الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، إنَّ معظم الأمهات الحديثات يعانين من “اكتئاب ما بعد الولادة” حيث يعاني من 50%-80% من النساء من أعراض اكتئاب خفيف لا يستمر لأكثر من 15 يوماً فقط؛ بينما يعاني من 15-20% من اكتئاب شديد قد يستمر لشهور ويؤدي للانتحار؛  والذي يشتمل في العادة على تقلُّبات في المزاج ونوبات من البكاء والقلق وصعوبة في النوم والحزن والإرهاق ؛ تبدأ حالات الكآبة النفسية خلال يومين أو ثلاثة بعد الولادة، وقد تستمر لمدة أسبوعين.

الأعراض

ويقول هندي إن “اكتئاب ما بعد الولادة” قد يؤثر في في قدرة الأم على العناية بطفلها والتعامل مع المهام اليومية الأخرى. 

وفي حالات الاكتئاب الشديد تكون الأعراض أكثر حدة وأكثر ألماً نفسياً مثل الشعور بالاكتئاب أو التقلُّبات المزاجية الحادة والإفراط في البكاء وصعوبة التعلق بطفلكِ والابتعاد عن العائلة والأصدقاء وفقدان الشهية أو تناول المزيد من الطعام بشكل يفوق المعتاد مع عدم القدرة على النوم أو النوم لفترات طويلة والتعب البالغ أو فقدان الطاقة وقلة الاهتمام ونقص الاستمتاع بالأنشطة التي كانت تبعث على المتعة الخوف من ألا تكوني أمًّا جيدة وزيادة أحاسيس انعدام القيمة، أو الخزي، أو الذنب أو العجز نوبات القلق أو الهلع الشديدة وقد تصل الأفكار السلبية لأفكار إيذاء النفس أو إيذاء الطفل وتكرار أفكار الموت أو الانتحار.

الأسباب

ويشير استشاري الطب النفسي إلى عدم وجود سبب وحيد للاكتئاب بعد الولادة، ولكنها قد تكون مجموعة من الأسباب مجتمعة تسبب هذا الشعور مثل؛ التغييرات البدنية بعد الولادة، وقد يسهم الانخفاض الكبير في هرموني (الاستروجين والبروجيسترون) في الجسم في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة؛ ومشكلات نفسية يسببها الحرمان من النوم وكثرة المهام المرهقة للغاية.

وينصح هندي بضرورة تعاطف الأزواج بشكل أكبر مع زوجاتهم وإظهار نوع من التقدير والحب بعد الولادة مباشرة وزيادة الاهتمام بالزوجة بما يساعد على زيادة شعورها بالأمان والاطمئنان بأن التغييرات التي طرأت على جسمها لن تكون سبباً في نفور زوجها ؛ كذلك لا مانع من مساعدة الزوج في بعض مهام المنزل والمشاركة في حمل الطفل وإطعامه وبعد المهام الأخرى.