أمل جديد.. ما بعد توجيه الرئيس بالتوسع فى زراعة الكلى
أشاد خبراء متخصصون ومرضى بتوجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتقديم الدعم اللازم للتوسع فى عمليات زراعة الكلى، باعتبارها العلاج الأمثل لمرضى الفشل الكلوى، لرفع المعاناة عنهم وتحسين ظروفهم المعيشية، مع إعداد الدراسات اللازمة واتخاذ الخطوات التنفيذية الضرورية للتوسع فى مراكز زراعة الأعضاء بصفة عامة على مستوى الجمهورية. وقال عدد من الخبراء والمنتفعين إن المبادرة الرئاسية امتداد للجهود التى بدأها الرئيس، بهدف إنهاء معاناة المصريين مع الأمراض، خاصة الخطيرة والمزمنة منها، التى كان من بينها القضاء على فيروس «سى»، فى واحدة من أنجح الحملات الصحية فى العالم، مشددين على أن التوسع فى عمليات زراعة الكلى سيقضى بالفعل على معاناة عدد كبير من المرضى الذين يذوقون العذاب خلال جلسات الغسيل الكلوى، بخلاف النفقات الكبيرة.
رئيس لجنة صياغة قانون زراعة الأعضاء: يسهم فى علاج آلاف المرضى.. والقانون المصرى ينظم العمليات
قال الدكتور عبدالحميد أباظة، رئيس الأمانة الفنية لزراعة ونقل الأعضاء سابقًا رئيس لجنة صياغة قانون نقل وزرع الأعضاء، إن القرار الأخير للرئيس السيسى، بشأن التوسع فى زراعة الأعضاء البشرية داخل العديد من المراكز، يسهم فى إنقاذ حياة آلاف المرضى.
وأضاف: «عمليات التبرع بالأعضاء عمومًا تخضع لقوانين ولوائح عديدة خاصة زراعة الكلى، لأن عمليات الزراعة الأكثر طلبًا فى مصر، وهى مكلفة وقد تصل لـ٤٥٠ ألف جنيه فى بعض الحالات، وتجرى أكثر من ٣٠٠ عملية شهريًا، ٨٠٪ منها لمتبرعين من الأقارب»، مشيرًا إلى أن مخاطر زراعة الكلى تكون أكبر بالنسبة للمتبرع الذى يكون عرضة للجلطات والاكتئاب، ولا تُقبل عمليات التبرع ممن تحت السن القانونية أو مصابى أمراض القلب والنقص الحاد فى الوزن، وتستغرق فترة النقاهة نحو ١٢ أو ١٣ يومًا حتى يتعافى المتبرع والمريض من آثار الجراحة.
وذكر أن القانون المصرى ينظم عمليات التبرع بالكلى فى مصر بين الأحياء وبين الأقارب فقط، وفى عام ٢٠٠٣ جرى السماح بالتبرع بعضو الكلى إلى غير الأقارب بشرط ألا يكون هذا التبرع مقابل مبلغ مادى، على أن يسجل المتبرع إقرارًا بالشهر العقارى يفيد بذلك، مشددًا على أن أى عملية تجرى خارج الأطر القانونية للدولة تعتبر اتجارًا بالبشر والأعضاء.
أستاذ بجامعة المنصورة: جلسات الغسيل تشبه «خروج الروح من الجسد»
ذكر الدكتور حسين شعيشع، أستاذ أمراض الكلى بجامعة المنصورة، أن مريض الفشل الكلوى يعانى بسبب اضطراره لتنقية سوائل جسمه أسبوعيًا، فى عملية مؤلمة تشبه «خروج الروح من الجسد».
وقال «شعيشع» إن الأطباء يلجأون لعمليات غسيل الكلى لمرضى الفشل الكلوى، لأن هذا الحل المؤلم كان السبيل الوحيد لإنقاذ حياة المرضى، الذين لا يستطيعون الخضوع لجراحة زراعة الكلى، إما لعدم توفر متبرع، أو لأن التكاليف عالية، أو لصعوبة الحصول على قرار بالعلاج على نفقة الدولة، مضيفًا: «كان المريض المحظوظ هو الذى يستطيع الاستفادة من التأمين الصحى أو الوصول لقرار علاج على نفقة الدولة، لكن الآن بعد توجيهات الرئيس السيسى سيستطيع المرضى أن يعيشوا حياة طبيعية».
ولفت إلى أن من لا يتمكن من زراعة كلى، يكون مجبرًا على الخضوع لغسيل كلوى مدى الحياة، وفى بعض الأحيان تكون الزراعة هى الحل الوحيد لإنقاذ المريض فى المراحل المتأخرة، متمنيًا أن يزيد عدد عمليات زراعة الكلى.
وأشار إلى أنه يمكن لمرضى الكلى الاستفادة من عملية الزراعة قبل أن يصلوا لمرحلة الغسيل الأسبوعى، وتسمى العملية «زراعة استباقية»، وإن تحقق ذلك يستطيع مريض الكلى أن يعود لحياته دون ألم.
مريض: المبادرة «طوق نجاة» لارتفاع التكاليف
قال أحمد ناجى، ٣٥ عامًا، يعانى من قصور بالكلى، إنه حاول استخدام عقاقير معينة لإنقاذ نفسه من المرض، لكن العلاج فشل، وأصبحت حياته متوقفة على زراعة عاجلة للكلى.
وأضاف أنه فى بداية علمه بالمرض حاول تجنب الغسيل الكلوى، لأن حالته لم تكن بحاجة ملحة إليه، واتبع خطة علاج ووقاية فى آن واحد، وابتعد عن الأغذية التى تسبب استسقاء أو ارتفاعًا فى ضغط الدم، وأقلع عن التدخين ولجأ لبعض الوصفات والعقاقير الطبية المنشطة، لكن الوضع ساء وبدأ فى جلسات الغسيل الكلوي.
وذكر أنه خريج كلية هندسة، وبسبب المرض لم يعد قادرًا على القيام بالكثير من الأعمال، منها مباشرة العمال فى الموقع، كونه مهندسًا مدنيًا، خاصة بعد زيادة عدد الجلسات لثلاث أسبوعيًا، لافتًا إلى أنه فى سبتمبر ٢٠١٨ تعرض لموقف خطير فى أثناء خضوعه للجلسة، حيث تعطلت الماكينة وتبدلت المياه الخاصة بالغسيل، وكان أحد ضحايا الحادث الشهير الخاص بتعطل وحدة الغسيل الكلوى بديرب نجم بالشرقية.
وأضاف: «شاهدت رفاقى من المرضى، وهم يموتون أمام عينى وتوقعت أن أموت مثلهم، وفى داخل الرعاية الحرجة أخبره الطبيب بأن وضعه ساء وأصبح فى حاجة ملحة لزراعة كلى»، مشيرًا إلى أنه منذ ذلك الحين يسعى لإيجاد متبرع لندرة فصيلة دمه A+، وعندما وجده تعثر فى تدبير التكاليف، لأنه غير خاضع للتأمين الصحى بسبب عمله الحر، ويأمل حاليًا فى قرار رئيس الجمهورية الأخير، وتدخل صندوق «تحيا مصر» للتوسع فى الزراعات، كطوَّق نجاة للمرضى.
«صحة النواب»: الأزهر الشريف أباح الأمر.. والخطوة الأهم الآن هى نشر «ثقافة التبرع»
أشاد عدد من أعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب بتوجيهات الرئيس السيسى بالتوسع فى عمليات زراعة الكلى، باعتبارها العلاج الأمثل لمرضى الفشل الكلوى، وذلك لرفع المعاناة عنهم وعن ذويهم.
وأثنى الدكتور محمود أبوالخير، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب النائب عن حزب النور السلفى، على توجيهات الرئيس وتكليفه بإنشاء مراكز متخصصة لزراعة الكلى بمختلف المحافظات، لما فى ذلك من تخفيف للمعاناة عن المرضى وأسرهم.
وقال: «مصر كانت بحاجة ملحة لمثل هذه المبادرة، فالفشل الكلوى مرهق بدنيًا وماليًا للمريض وأسرته، ويتطلب الغسيل الكلوى التوجه لمراكز غسيل الكلى ٣ مرات أسبوعيًا، تتحمل فيها الأسرة تكلفة الانتقالات والغسيل والعلاج، بالإضافة إلى العبء الذى تتحمله الدولة، خاصة أن عدد مراكز غسيل الكلى بمصر غير كافٍ بالنسبة لعدد المرضى، كما أن المريض يخرج من الغسيل مرهقًا وغير قادر على العمل، مما يشكل عبئًا على الأسر».
وأضاف: «لذلك كان من المهم التوسع فى زراعة الكلى، لكونها تعيد المريض لحياته الطبيعية، وتجعله قادرًا على العمل والإنتاج ورعاية أسرته مجددًا»، مطالبًا وزارة الصحة بسرعة تنفيذ توجيهات الرئيس السيسى بهذا الخصوص، دعمًا للأسر المصرية التى تعانى مع هذا المرض.
وشدد على أن «التوجيهات الرئاسية تعطى المصريين الأمل فى القضاء على مرض الفشل الكلوى، وكما نجحت مصر فى القضاء على فيروس «سى» وقوائم انتظار الجراحات وعلاج أورام الثدى وكثير من الأمراض المزمنة ستنجح كذلك فى القضاء على أمراض الكلى بمصر»، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف سبق وأباح زراعة الكلى ولم يحرمها، مما يدعم ثقافة التبرع بالكلى لصالح إنقاذ المرضى.
وبدورها، أكدت الدكتورة إيناس عبدالحليم، عضو «صحة النواب»، أن القانون الحالى لزراعة الأعضاء، والصادر عام ٢٠١٠، يعد قانونًا جيدًا ولا يحتاج لأى تعديلات لتنفيذ التوجيهات الرئاسية بخصوص زراعة الكلى.
وقالت: «القانون يقصر الأمر على التبرع بالأعضاء للأقارب فقط، وذلك للقضاء على الباب الخلفى للاتجار بالبشر، كما ينص على وجود بنوك للأعضاء، ويمنح الشخص الحق فى أن يوصى بالتبرع بأعضائه فور وفاته، وبالتالى يمكن نزع الأعضاء ووضعها فى بنوك مختصة لحفظ هذه الأعضاء، واستخدامها بعد ذلك، خاصة فى ظل النص على تخصيص وسائل لنقل أعضاء المتبرعين من أى مكان بالجمهورية، ما يسهل الحصول على العضو المناسب للمريض».
وأضافت: «فى عهد الإخوان، توقف العمل بقانون زراعة الأعضاء، لأنهم اعتبروها حرامًا، واستمر المرضى فى جلسات الغسيل الكلوى المرهقة، إلا أن فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى شهدت إعادة العمل بالقانون، وحاليًا تجرى مستشفيات الجامعة وبعض المستشفيات التابعة لوزارة الصحة هذه الجراحات، وفى مستشفيات جامعة المنصورة مثلًا يتم إجراء كثير من عمليات زراعة الكلى وفق شرط التبرع للأقارب».
وشددت على أهمية السماح للمستشفيات الخاصة فيما بعد بإجراء عمليات زراعات الكلى، وذلك وفق ضوابط تحددها الدولة، حتى لا يكون هناك مجال للاتجار فى الأعضاء.
وأكد الدكتور رضوان خليفة رضوان، عضو «صحة النواب»، أهمية تفعيل التوجيهات الرئاسية بأقصى سرعة، فى ظل ارتفاع نسب الإصابة بمرض الفشل الكلوى فى مصر، والعجز الكبير فى ماكينات الغسيل الكلوى.
وقال: «الغسيل الكلوى مرهق ماليًا وجسديًا للمرضى وأسرهم، والزراعة تعد الأفضل صحيًا وماديًا للمريض وللدولة، لأن المريض الذى يتردد على مراكز الغسيل الكلوى لا يكون قادرًا على العمل والإنتاج، ويكلف الدولة تكاليف مستمرة لدورية الغسيل، فيما تجرى الزراعة مرة واحدة، وبعدها يعود المريض إلى ممارسة حياته بشكل طبيعى، ويعود فردًا منتجًا فى المجتمع، وقادرًا على العمل، مما يخفف العبء عنه وعن عائلته».
وأضاف رضوان: «فى مجال زراعة الأعضاء تصنف مصر عالميًا بأنها دولة آمنة، لأن نسب نجاح العمليات بها تبلغ ٩٥٪، كما أن نسب الخطورة بالعمليات لا تتعدى باقى العمليات الجراحية المعتادة، لذا فإن التوسع فى زراعة الكلى يعد الأفضل للمريض وللدولة».
وأكمل: «تتحمل الدولة حاليًا ٥٠ ألف جنيه من تكلفة عمليات زراعة الكلى، التى تتكلف الواحدة منها تقريبًا نحو ٢٠٠ ألف جنيه، وفى بعض المستشفيات تقدم الدولة دعمًا أكبر، ويمكن مقارنة ذلك مع تكاليف علاج فيروس «سى»، فقد كان العلاج يتكلف ٧٠ ألف جنيه، وتوصلت الحكومة لتوفيره للمواطنين بأسعار رمزية ونجحت فى القضاء على المرض، ووصلت بنسب الإصابة حاليًا إلى نحو ١ أو ٢٪ من السكان، بعدما كانت الأولى عالميًا فى نسب الإصابة».
وتابع: «تبنى القيادة السياسية هذه المبادرة يستحق التقدير، كما يمنحها كل عوامل النجاح، مع تكرار ما حدث مع مبادرات القضاء على قوائم الانتظار، والكشف عن الأمراض المتوطنة، والقضاء على فيروس «سى»، والكشف عن صحة المرأة، وغيرها، خاصة أن تحسن الوضع الاقتصادى لمصر أصبح يوجه الموارد لصالح صحة المواطنين ورعايتهم، ما سينعكس على التنمية الحقيقية بالبلاد».
وأشار رضوان إلى أن التوسع فى إنشاء مراكز زراعة الكلى سيكافح جشع بعض المستشفيات الخاصة، واستغلال بعض الأطباء حاجة المرضى، كما سيقضى على سماسرة الأعضاء، مؤكدًا أن القانون الحالى لا يحتاج لتعديلات.
ولفت إلى أن الخطوة الأهم حاليًا هى نشر ثقافة التبرع بالأعضاء، خاصة الكلى، خاصة أن الإنسان يمكنه التبرع بإحدى الكليتين دون أن يؤثر ذلك على صحته العامة.