«مباحث.. افتح».. تفاصيل رحلة محمود السعدنى إلى المعتقل
في كتاب "الطريق إلى زمش" يرصد الساخر العظيم والكاتب الكبير محمود السعدني تفاصيل رحلة القبض عليه لمدة عامين وإيداعه في المعتقل، وهي التجربة ظل يقول عنها طيلة حياته دخلتها وخرجت منها إنسان غير الإنسان.
ورصد القصة على النحو التالي:
[القاهرة- 1959]
كانت الساعة تشير إلى الثالثة من صباح يوم رمضاني من ذلك العام، عندما فرغ محمود السعدني من وجبة سحوره، مع زوجته الحامل في شهرها الثاني، وبجوارهما طفلته «هالة» التي كان عمرها عامًا وشهور قليلة، عندما طُرق باب شقته طرقات شديدة!
- "مباحث.. افتح"!
- أهلاً.. وسهلاً.. خير؟!
- "عندنا أمر بتفتيش الشقة"!!
قال ذلك الضابط في الوقت الذي بدأت فيه القوة المصاحبة بتحويل الشقة إلى مخزن لـ«روبابيكيا»، من فرط البهدلة التي تعرضت لها كافة محتوياتها!
- لو أعرف بس بتدور على إيه ؟!
رد الضابط: - "عن منشورات يا سيدي" !
وبعد 50 دقيقة تقريبًا من البحث، والتنقيب، عن منشورات الحزب الشيوعي المتهم فيها السعدني بوصفه أحد قياداته التاريخية، وأنه يخفيها في بيته!
- أيـوه.. بس أنا عمري ما انضميت لا للحزب الشيوعي ولا للشيوعية!
- "الكلام ده بقي تقوله في المباحث..اتفضل معنا بهدوء".
- "على فين؟".
- "5 دقائق لمبنى «المباحث العامة» في"الدقي"وترجع على طول"!.
***
اسمه محمود عثمان محمد على السعدني، اسم الشهرة (محمود السعدني) ولد بمدينة «الجيزة» في 20 نوڤمبر 1927، ويُعد من رواد الكتابة الساخرة في الصحافة المصرية والعربية، وهو الشقيق الأكبر للفنان صلاح السعدني. شارك في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها. ورئس تحرير مجلة «صباح الخير» في الستينيات، كما شارك في الحياة السياسية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وسُجن في عهده. وكذلك سُجن في عهد الرئيس أنور السادات، بعد إدانته بتهمة الاشتراك في المحاولة الإنقلابية التي عُرفت وقتها بقضية «مراكز القوى». ومن أهم أعماله كُتب: «حمار من الشرق»، و «على باب الله»، و «مصر من تاني»، و«مسافر على الرصيف»، و «وداعًا للطواجن»، و «عودة الحمار»، و «المضحكون»، و «الولد الشقي»، و «في المنفى»، وغيرها من الأعمال.