في ذكرى رحيله.. مصطفى صادق الرافعي عن عباس العقاد: يكتب بوقاحة لا بعقل
ونحن نحتفل في شهر مايو الجاري بذكرى وفاة الكاتب الكبير مصطفى صادق الرافعي - إذ رحل عن عالمنا في العاشر من مايو عام 1937- فضلنا أن نسلط الضوء على كتابه "على السفود".
يتكون الكتاب من ست مقالات نشرت تدريجيا خلال الفترة من يوليو عام 1929 وحتى يناير عام 1930، أي على مدار ستة أشهر فقط، ونشرت المقالات الست شهريا في مجلة "العصور" التي كان يديرها إسماعيل مظهر، ثم جمعت هذه المقالات ونشرت في كتاب صدر عن مكتبة "النهضة المصرية" عام 1930 مع مقدمة لرئيس مجلس إدارة "العصور" إسماعيل مظهر، وأعاد الدكتور الطاهر أحمد مكي إصدارها مرة أخرى عن مكتبة الآداب في القاهرة عام 2004، مع تقديم جديد لها بقلم الدكتور الطاهر.
ويبدو أن كتاب "على السفود" ظل محصورا في طبعته الأولى -أي طبعة عام 1930- لما يتضمنه من شتائم قاسية ربما تصل أحيانا إلى حد الإهانات، إلى أن تجرأت الآداب وقدمته في الطبعة الجديدة، لكن ربما تحمل الشتائم هذه ميزة في طياتها- كما يذكر د. حامد أبو أحمد في جريدة القاهرة 17 أغسطس 2004- وهي مدى التسامح الذي كان سائدا خلال النصف الأول من القرن العشرين، فلم يكن الكتاب والمفكرون يلجأون إلى القضاء إلا في أندر الحالات.
ويقول إسماعيل مظهر في مقدمته للطبعة الأولى: "أردنا بنشر السفود أن نرضى من أنفسنا نزعتها إلى تحرير النقد من عبادة الأشخاص، ذلك الداء المستعصى الذي كان سببا في تأخر الشرق عن لحاق الأمم الأخرى في الحضارة".
أما عن "السفود" لغويا فهو الحديدة التي يشوى بها اللحم أو بالمعنى الشعبي الدارج "السيخ" وربما قصد الرافعي بذلك أن يضع كتابنا - وخصوصا عباس العقاد الذي وصفه الرافعي في كتابه بأنه "كاتب مغفل لا يقراة إلا المغفلون!"- على السفود وكأنه بذلك يشويهم كما يشوى اللحم على "السيخ" وبالفعل وعلى حد تعبير د. حامد أبو أحمد فإن الشتائم التي وجهت إلى العقاد في هذا الكتاب قد تكون أقسى من الشي على النار فهو كما يقول الرافعي في كتابه "الجلف الحقود المغرور، السفية الأحمق، والوقح السافل، الذئب الأدبي، الناشئ في منبت السوء، المغفل، المتشاعر، المدعي، الغبي" وغيرها من الشتائم حتى وصل إلى أنه "ذو نفس جاحدة لئيمة، يكتب بوقاحة لا بعقل".
ورغم أنه لم تسلط هذه الشتائم على كتابات العقاد الأدبية إنما السياسية لكنها كانت زائدة عن الحد وربما عن حدود اللياقة –الآن- لكنها كانت تعبر عن مدى تسامح في بدايات القرن العشرين ربما لا نستطيع أن بلغه الآن في القرن الحالي.