«رعب فى الهند».. مدينة الجمال تتحول لمدفن جماعى بسبب كورونا
على مدار ١٦ شهرًا باتت علاقة العالم بالموت لصيقة، فكل يوم نجربه، منذ أن داهمنا الفيروس التاجي «كوفيد-١٩» لكن لازلت مشاهده المروعة تفزعنا، فجميع الدول تُفجع لما يحدث في الهند حاليًا ؛ حيث تعاني البلاد من ارتفاع حاد في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا.
فتفشي المرض في الهند بسرعة كبيرة وارتفاع عدد الوفيات والإصابة بشكل حاد ليس مجرد أزمة محلية تخص الهند لوحدها، بل هي أزمة تقلق العالم بأسره، حيث تشهد الدولة الميليارية ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد المصابين بفيروس كورونا، وضع مستشفيات البلاد تحت ضغط هائل، مما دفع عائلات المرضى للجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن مستشفيات فيها أماكن شاغرة ومحاولة إمتلاك إمدادات من الأكسجين لمعالجة ذويهم.
في هذه الأثناء سارعت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى إرسال أجهزة تنفس ومعدات تطعيم إلى ثاني أكثر دول العالم سكانا، والتي باتت السبب الرئيسي في الزيادة العالمية لأعداد المصابين بـ«كوفيد-19».
حاليًا تواجه الهند موجة كارثية غير مسبوقة من الإصابات بفيروس كورونا أغرقت المستشفيات ومحارق الجثث التي باتت تعمل بكامل طاقتها، ما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا للمسارعة إلى تزويد البلد الآسيوي بأجهزة تنفس ومعدات تطعيم.
لكن ما أسباب ما آلت اليه إلأزمة ؟
الهند مطلع العام الحالي اتحتفلت بتحقيق أقل معدل إصابة منذ إصابة بلادها بالفيروس علاوة على قيامها بأعلى حملة تلقيح بلغت في أول أسبوع لها 300 مليون مواطن .
يشير البعض أصابع الاتهام في الانهيار التي تشهده الهند على الأحزاب السياسية في البلاد لمضيها قدمًا في حملة المسيرات والتجمعات الانتخابية المزدحمة استعدادًا لانتخابات الولايات، فلم يكن هناك التزامًا بالتباعد الاجتماعي أو ارتداء الكمامات إلا قليلًا في بعض التجمعات الانتخابية.
لكن الأحزاب الكبري حاولت تبرئة نفسها ببيانات مفادها «لا علاقة لحالات الإصابة المرتفعة بالتجمعات الدينية أو السياسية».
لكن في واقع الحال احتشد أكثر من ثلاثة ملايين هندوسي في نهر الجانج الثلاثاء والأربعاء الموافقين الـ 14 ـ 15 من أبريل الجاري ، للاحتفاء بواحد من أكثر الأيام قداسة عند الهندوس، علمًا بأن المهرجان يستمر لمدة شهرين.
وسجلت الهند يوم الثلاثاء 184372 إصابة جديدة بفيروس كورونا في أعلى حصيلة إصابات يومية بالوباء ونحو الضعف اليوم التالي.
وانتقد العديد من الأشخاص الحكومة الهندية لسماحها بإقامة المهرجان في ظل تفشي الوباء.
وقال مسؤولون، إن نحو 900 ألف هندوسي اغتسلوا في النهر المقدس، وفقًا للمعتقدات الهندوسية، بحلول ظهيرة يوم الأربعاء، الذي يعتبر أكثر الأيام قداسة في هذا المهرجان الديني.
ويعتقد الهندوس أن نهر الغانج مقدس، وبالتالي فإن الغطس فيه يطهرهم من خطاياهم ويوفر لهم الخلاص.
وقال مسؤولون أشرفوا على إجراء فحوص متعلقة بوباء «كوفيدـ19» إنه تم جمع أكثر من 20 ألف عينة في المنطقة يوم الثلاثاء، مضيفين أنه سجلت 11000 حالة مؤكدة للوباء، مما يعني أن نصف السكان مكد الاصابة والباقي مهدد بها لكون مخالط .
الأمر لم يقتصر على العامة، فأعلن المسؤولون الطبيون عن «مهرجان كومبه ميلا»، تسبب الحشد الديني، في إصابة تسعة من كبار القادة الدينيين بفيروس كورونا.
وتأكد أيضًا إصابة ناريندرا جيري، وهو رئيس اتحاد يضم 14 مجموعة هندوسية، وأُدخِل إلى مستشفى عام في مدينة هاريدوار يسمى «معهد عموم الهند للعلوم الطبية».
وتأكدت إصابة أخيليش ياداف، وهو الوزير الأول في ولاية أوتار براديش المجاورة، بفيروس كورونا.
وأيضًا من الوزراء «ياداف» وزير مدينة هاريدوار يوم الأحد، والتقى ببعض كبار الشخصيات الدينية لدى الهندوس.
وثبتت أيضًا إصابة يوجي أديتياناه، الوزير الأول الحالي في ولاية أوتار براديش، بالرغم من أنه لم يزر المهرجان.
وأمام الارتفاع الكبير في عدد الإصابات الذي تشهده البلاد، لجأت عائلات المرضى إلى وسائل التواصل الاجتماعي لبث نداءات من أجل الحصول على إمدادات الأكسجين ومعرفة المستشفيات التي تتوفر فيها أسرة، فيما مددت سلطات العاصمة نيودلهي حجرًا صحيًا فرضته لمدة أسبوع.
وأصبح البلد الذي يبلغ عدد سكانه 1,3 مليار نسمة آخر بؤرة للوباء الذي أودى بحياة أكثر من ثلاثة ملايين شخص حول العالم، على الرغم من تحرك الدول الأغنى لإعادة الحياة إلى طبيعتها مع تسريع وتيرة برامج التطعيم.
انهيار النظام الصحي.. وإغاثات عالمية
تعهدت فرنسا وألمانيا وكندا بتقديم الدعم للهند التي يعزى إليها الارتفاع في عدد الإصابات على مستوى العالم في الأيام الأخيرة، إذ سجلت وحدها 352,991 إصابة جديدة و2812 وفاة الإثنين، في أعلى حصيلة لديها منذ ظهر الوباء.
ومن المقرر أن تصل إلى الهند صباح الثلاثاء أول شحنة إمدادات جوية من تسع من المملكة المتحدة، وتشمل أجهزة تنفس وأجهزة توليد الأكسجين، وفق ما أفاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، متعهدًا بأن بلاده ستبذل «كل ما في وسعها» للمساعدة.
بدوره، أكد البيت الأبيض أنه سيوفر معدات إنتاج اللقاحات والعلاجات والفحوص وأجهزة التنفس والوقاية فورا للهند.
لكنه لم يذكر إن كان سيرسل أيًا من 30 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا فائضة عن الحاجة حاليا في الولايات المتحدة.
الهروب من الموت .. الهند تستغيث
وفِي محاولة للحصول على أخر طوَّق نجاة للخروج من نفق الموت بإسعاف أكبر عدد من المصابين طلبت الحكومة الهندية من الشركة الوطنية المُصنعة لدواء «رمديسيفير»، إمدادها بكميات كبيرة من الدواء للعمل على معالجة مرضى كورونا، للحد من الوفيات المنتشرة بصورة ضخمة في الدولة الهندية بفيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19» خلال الأيام القليلة الماضية.
جدير بالذكر أن «رمديسيفير إيفا فارما»، الدواء الأكثر فعالية من مضادات للفيروسات ثبت عملهم على وقف انتشار فيروس كورونا المستجد، ومنع تحويل المريض من الحالة البسيطة والمتوسطة من الإصابة بالفيروس إلى الحالة «الحرجة»، مع خفض الفترة اللازمة للعلاج داخل المستشفيات بمقدار الثلث تقريبًا، وتقليل معدلات الحاجة للدخول للرعاية المركزة للمرضى.
وفي استجابة سريعة من الشركة أعلنت مد دولة الهند بأية احتياجات لها من دواء «رمديسيفير إيفا فارما»، بهدف المساهمة بشكل فعَّال في وقف كابوس تزايد الإصابات والوفيات بكورونا بصورة كبيرة، مؤكدة ثقتها في قدرة هذا الدواء على تخفيض معدلات الإصابات الحرجة والوفيات والحاجة في البقاء في المستشفيات الهندية، خصوصًا لدى إعطائه للمريض في الأيام الأولى من إصاباته بالفيروس، حيث يوقف انتشاره في الجسم.