ختم القرآن ف العاشرة من عمره
قارئ قرآن: الإنشاد فن راقي والشيخ «محمد رفعت» قدوتي (فيديو)
صوت محمد رفعت والنقشبندي، والفشني وغيرهم من مشاهير المشايخ الأجلاء الذي اعتادت أذاننا منذ الصغر على أصواتهم العذبة عند تلاوتهم لآيات القرآن الكريم، تجعلنا في عالم آخر خاصة في شهر رمضان، فهم أحد رموز التلاوة التي تصل بنا إلى حالة من السمو الروحي وتشرح صدورنا بالطمأنينة في الأيام المباركة.
ومع حلول شهر رمضان، نبحث دومًا عن مَن يخطوا على خطاهم، لنقدم نماذج بارزة في قراءة القرآن والإنشاد، وفي تلك الأيام التقت «الدستور» محمد صابر عبد الغفار، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف والقارئ والمبتهل بالإذاعة؛ للتعرف معه على رحلته مع القرآن الكريم وتعلقه بفن الإنشاد.
فمنذ نعومة أظافره وبلوغه سن الـ10 سنوات كرمه الله سبحانه وتعالى بالقرب إليه وحفظ آيات القرآن الكريم، وخلال مراجعة والده له لآيات كتاب الله، اكتشف به ميزة رائعة وكانت عذوبة الصوت أثناء التلاوة، ومن هنا جاء اكتشاف موهبته ومع التعمق في الدراسة بشكل أكبر، نشأ بداخله دافع أنه يريد أن يصبح مثالاً بارزًا في العالم الإسلامي، واتخذ المشايخ القدامى المشاهير أمثلة عليا له، وأتبع نفس خطاهم حتى حقق أولى الأهداف التي يطمح بها وتم تعيينه إمامًا وخطيبًا لمسجد الروبي، التابع لمديرية أوقاف الإسكندرية، وقارئ ومبتهل بإذاعة وسط الدلتا والإسكندرية.
• رحلة مع القرآن
"رحلتي بدأت في تعلم القرآن عندما اكتشف والدي موهبتي في صغري، فاتممت حفظ القرآن في العاشرة من عمري ثم تعلمت التجويد والأحكام، وانطلقت في مجال القراءة» هكذا قص محمد صابر قارئ ومنشد بداية تعلقه بالقرآن لـ« الدستور»، متابعًا أنه حصل على المركز الأول في مسابقة الصوت الذهبي الذي كان يعدها بيت العائلة الطاروتية، على مستوى الجمهورية في 2017، ومن هنا كان مجال الإنطلاق حتى تم تعينه في إمام وخطيب بوزارة الأوقاف.
أضاف محمد أنه منذ صغره كان الإنشاد الديني هو هوايته المفضلة، حيث كان والده يحرص على تشغيل إذاعه القرآن الكريم، ليجعله يتعرف على كيفية قراءة كتاب الله، والتمييز بين أصوات المشايخ، حتى نشأ بداخله حب القرآن والإنشاد، والتحق بمعهد الموسيقي لدراسة المقامات الموسيقية، لافتًا إلى أن القرآن هو كلام الله، والإنشاد هو مدح للذات الإلهية والنبي (ص)، والاثنين متممين لبعضهما.
• تأثره بالشيوخ القدامى
أضاف عبدالغفار أنه تأثر بالجيل القديم الذين جمعوا بين قراءة القرآن والإنشاد، كـ«الشيخ الفشني، والشيخ علي محمود، والشيخ النقشبندي، والشيخ محمد عمران والشيخ نصر الدين طوبار»، حيث أن من حفظ القرآن وأتقن اللغة يستطيع أن ينشد حيث أن قارئ القرآن سهل أن يكون منشد، وبذلك جمع بين الحسنيين.
• فن المديح والإنشاد
وعن فن المديح والإنشاد، أكد أنها ليست فكرة مستحدثة، فعلى مدار العصور كان للأمراء والشعراء مجلس إنشاد، وكان يتواجد مداحين لسيدنا محمد (ص) وكان يستمع لهم، وكانوا من القوة الدفاعية للنبي عليه الصلاة والسلام، من خلال رد الشبهات عنه بالمديح، مشيرًا إلى أن فن المديح بدأ يتطور مع الوقت حتى أشتهر الإنشاد في عهد هارون الرشيد.
وتابع أنه في العصر الحديث انقسم فن المديح إلى ثلاث اقسام «الإنشاد، الإبتهال، والتواشيح»، الابتهال إرتجال بمساحة صوتية، والإنشاد مقترن بجملة نغمية، والتواشيح جمعت بين الاثنين، ويصحبها بطانة وهم مجموعة من الكورال الذي يردد خلف المنشد.
أوضح أن التواشيح مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بشهر رمضان، حيث إنه شهر تسمو فيه النفس فالصيام إحياء للروح، وغذاء الروح هو سماع القرآن والإنشاد، فهو مدح للذات العليا والرسول الكريم، والشعب المصري مرتبط بالقرآن والإنشاد في الشهر الكريم، وصوت الشيخ رفعت وقت المغرب، والنقشبندي بأنشودته الرائعة رمضان أهلاً، والكثير من مقاطع الإنشاد التي نرتبط بها.
•إحياء الإنشاد أون لاين
وأكد أنه خلال شهر رمضان وفي ظل جائحة فيروس، وقصر المساجد على الصلاة الراتبة والتراويح فقط للحد من انتشار الفيروس، توجه المنشدين إلى إحياء فن الإنشاد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لافتًا إنها المنصة المجانية المفتوحة، الذي يستطيع الإنسان من خلالها الإنطلاق لتوصيل رسالة المديح والإنشاد، وذلك بجانب دور الإذاعة والتلفزيون.
ولفت أن كل انشودة جديدة يتم تسجيلها وطرح الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون هي حلقة التواصل مع الناس، وهو ما له تأثير كبير جدًا، وله مردود كبير ونسب مشاهدة مرتفعة.
• الإنشاد فن عام وليس صوفي
وعن اقتران فن المديح والإنشاد بالصوفية، أكد صابر أن الإنشاد شرف فهو فن راقي واقترن بالصوفية لأنه مدح في الذات الإلهية والرسول التي تتميز بها الطرق الصوفية، إنما هو فن عام للكل، حتى أن مجالس الإنشاد تضم مستمعين أقباط.
وأكد أن قارئ القرآن يستطيع الإنشاد، والمنشد يستطيع أن يقول جمل نغمية من الأغاني، لكن المغني لا يستطيع أن يكون منشد أو قارئ، لأن القارئ تربي على شيئ كبير وهي اللغة العربية ومخارج الحروف وأحكام التجويد، وهو ما جعل النطق سليم،
وأشار إلى أن القرآن يستطيع أن يفتح للإنسان جميع المنصات التي يتوجه، لها لافتًا أن «سيد درويش وام كلثوم ومحمد عبد الوهاب»، جميعهم حفظة للقرآن، فهو المرجعية، إنما التوجه هو شئ آخر، فلا حجر على أحد، لكن لا بد من تقديم شيئ راقي يليق بالإنسان وبذاته ولا تقل من مكانته، ويكون له هدف ورسالة فلا يكون شيئ هزلي يثير فتنة بين الناس ، وكل إنسان يتجه لمعنى راقي في الكون من غناء أو انشاد أو مديح وهو يدرس القرآن فهو شيئ مستحب طالما يبرز المعني الجميل للمجتمع.
وعن المراحل التي تمر بها القصيدة لتخرج في نوع من انواع المديح، قال محمد إنه عندما تكون القصيدة إبتهال، تكون مصطحبة بعزف بسيط، ولو إنشاد تكون مع ملحن وتوزيع موسيقي راقي، أو تواشيح يصحبه كورال وتلحين، لافتًا أنه يمكن تركيب كلمات القصيدة على لحن أغنية مشهورة مثل أغنية يا صلاة الزين تم تحويلها إلى إنشاد، واغنية ابعتلي جواب أيضًا، وهو ما يكون له أثر على الناس.
واختتم حديثه قائلًا إن الإنشاد علم له قيمة، وموهبة ودراسة، لتخريج شباب جميل يمدحون بحب الله ورسوله، فهو فن راقي يستطيع أن يعصم الإنسان من الإنحدار.