«احتواء الفكر العشوائي».. خبراء يوضحون أهمية إخضاع اشتراطات البناء للتجربة
أيام قليلة وتخرج اشتراطات البناء الجديدة إلى النور لتعود حركة البناء إلى وضعها ولكن بشكل منظم عما كانت عليه في السبق، الأمر الذي يدعو إلى إخضاعها للتجربة وفقًا لتصريحات مسؤولين بأن يتم اختيار حي أو مدينة بكل محافظة للتجربة، حتى يتم الوقوف على السلبيات والإيجابيات ورصد أي عراقيل أو مشكلات على أرض الواقع تحول دون تنفيذها على أن يتم دراستها، والعمل على تلافيها في أسرع وقت وتحقيق الصالح العام ومصلحة المواطن معا.
ضمان التطبيق الجيد لاشتراطات البناء
وفي هذا الصدد قال صبري الجندي، المستشار السابق لوزير التنمية المحلية، إن الهدف من هذه التجربة لاشتراطات البناء الجديدة على مناطق محددة في مختلف المحافظات هو ضمان التطبيق الجيد لها، والتي من خلالها يتم قياس مدى التزام المواطن بها ومدى قدرة الإدارة المحلية على تنفيذها.
وأوضح الجندي أنه من خلال هذه التجربة يتم معرفة مدى تأثير اشتراطات البناء الجديدة على حركة البناء والمباني، ومعرفة هل مع هذه الاشتراطات سيكون المواطن عازف على البناء أم مقبل عليه؟
وبشكل أكثر توضيحي يسرد الجندي: "مواطن لديه قطعة أرض ثمنها 10 ملايين جنيه على سبيل المثال، واشتراطات البناء الجديدة تحدد له بناء الدور الأرضي فقط وثلاث طوابق في حين أنه كان سيبنيها عشر طوابق على الأقل، هنا يقوم المواطن بحسابها هل البناء لثلاث طوابق فقط سيكون ذو جدوى اقتصادية بالنسبة له أم لا، وعندها سيقرر الخوض في البناء أم العزوف وبيع الأرض أو أي تصرف أخر لإحساسه أنه لن يربح منها".
وأكد الجندي أن اشتراطات البناء الجديدة أصبحت واجبة التنفيذ لكل المحافظات في كل الأحياء، لذلك تفيد هذه التجربة في الاستفادة من مدى ملائمة هذه الاشتراطات للأحياء، التي تم وضعها وفقًا لضوابط عامة لا يمكن تجاوزها.
واستكمل أنه من فائدة هذه التجربة لاشتراطات البناء الجديدة معرفة مدى قدرة الإدارة المحلية على تطبيقها والالتزام بها وعدم التهاون في أي مخالفات تحدث، ورصد مدى التزام المواطن بتطبيق القانون.
رصد احتياجات المواطنين
وقال الدكتور محمد جبر، خبير التخطيط العمراني، إن الدولة تسعى لاحتواء الفكر العشوائي في منظومة العمران التي تفشت وتوغلت منذ عقود لذا جاء الهدف لوضع هذه الاشتراطات.
وأوضح جبر أن إخضاع هذه الاشتراطات للتجربة في نطاق ضيق لمعرفة ردود الفعل عليها فهو مسلك صحيح لمعرفة آراء المستخدم وهو المواطن الذي سيقوم بالبناء، بحيث لا يتم اتخاذ قرار ما في عملية البناء مرتبط بالتخطيط أو بقيم عمرانية على اعتبار أن واضعه يفهم احتياجات المواطنين في حين أنه غير صحيح.
وتابع: لذلك هذه التجربة في غاية الأهمية بحيث لا يتم تعميمها دون دراسة أو وعي باحتياجات المواطنين، خاصة وأن هذه الاشتراطات تم وضعها لتأسيس منظومة عمران بها نوع من التوافق ومن خلالها يتم ترسيخ قيم جمالية تعيد المجتمع إلى هذا الاتجاه.
وأشار إلى أن هذه الاشتراطات تم صياغتها في وقت ضيق وبالتالي احتمالات الخطأ أو تجاوز الصواب فيها وارد إلى حد كبير، لذلك هذه التجارب في منطقة عمرانية ضيقة وتم تطبيقها فيه والاحتكاك مع المواطنين والمجتمعات السكانية ورصد وجهات نظرهم، التي يمكن أن تساعد إلى حد كبير في معرفة احتياجات كل منطقة في التخطيط العمراني إلى جانب الرؤية التي وضعتها القيادة السياسية والذي يخدم في النهاية المنظومة العمرانية والنسق المعماري في مصر.