الأنبا ميخائيل: البابا تواضروس أب للجميع.. وفترة الإغلاق أثبتت محبة المسيحيين للكنيسة (حوار)
تعتبر الكلية الإكليريكية "كلية اللاهوت" القبطية الأرثوذكسية هي المنارة التعليمية الأولى بالكنيسة، حيث تعد هي المصدر التعليمي الرئيسي لتأهيل الرعاة بالكنائس للخدمة من اكليروس أو كهنة أو أقباط عامة، لذلك يولي قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اهتمامًا كبيرًا لتطويرها، حيث عين منذ وقت قريب الأنبا ميخائيل أسقف عام كنائس حدائق القبة بمنصب وكيل عام الكلية الإكليريكية، والذي يحرص على تطبيق خطة تطويرها، والتي نتحدث عنها في حوار خاص لـ"الدستور" مع وكيل الكلية بالتزامن مع عام دراسي استثنائي دراسي بها.
* لماذا تعتبر الكلية الإكليريكية لها دور مهم بالتعليم الكنسي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟
_ الكلية الإكليريكية هي كلية اللاهوت القبطية الأرثوذكسية التابعة للكنيسة تحت رئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ويبدأ عهد الكلية منذ القديس مارمرقس الرسول بالقرن الميلادي الأول، والذي بشر مصر بالمسيحية منذ ذلك الوقت وبدأ مدرسة تدعى الإسكندرية اللاهوتية، وكانت أول مدرسة مسيحية تبشر بالمسيحية وتدرس العلوم اللاهوتية ونشاطها استمر لمدة 5 قرون، وكانت أساس تخريج الرعاة والمعلمين بالكنيسة، وتوقف العمل بها لفترة، وتم استئناف العمل بها في عهد البابا كيرلس الرابع الملقب بـ"أبو الإصلاح"، حيث قام بتطوير التعليم الكنسي بها، حيث تكونت في عهده المدارس اللاهوتية لتعليم الشباب والأجيال التعليم اللاهوتي الصحيح.
* متى تم تجديدها ومتى أصبحت الإكليريكية بشكلها التعليمي الحالي ككلية لاهوتية؟
_تم تجديدها وإعادة افتتاحها بمنطقة مهمشة عام ١٨٩٣ على يد البابا كيرلس الخامس. وتعيين الارش دياكون حبيب جرجس مديرا لها. ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف عن العطاء منذ 127 عاما.
* لماذا تعتبر الكلية الإكليريكية الدراسة بها شرطًا أساسيًا قبل رسامة أي كاهن بالكنيسة؟
_الإكليريكية هي قلب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لأنها تقدم رعاة يكرزون بالإنجيل للخليقة كلها.
*ما الرسالة الرئيسية للكلية الإكليريكية بالوقت الراهن؟
رسالة الكلية عبر العصور هي إعداد كوادر قبطية أرثوذكسية روحانية قادرة على التعليم الكنسي ومعرفة الله معرفة حقيقية من خلال الكتاب المقدس والتقليد.
*هل تسعي الكلية الإلكليريكية إلى اعتمادها من المجلس الأعلى للجامعات؟
_ بالفعل تسعى الكنيسة بالوقت الحالي برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني عميد الكلية ومدير المدارس اللاهوتية بالكنيسة، إلى اعتمادها من خلال المجلس الأعلى للجامعات ونحن الأن في طريقنا للاعتماد الرسمي لها، خاصة أنها ليست مجرد كلية تابعة للكنيسة ولكنها منارة علمية للباحثين من مختلف دول العالم الذين يسعون للدراسة بها.
*ما أهم المحاور التي تركز عليها الكلية في إعداد خريجيها؟
تركز الكلية على عدة محاور أهمها إعداد خريج باحث ودارس روحاني، يحيا بما يعلم به، يتميز بمهارات البحث العلمي. كما تسعى إدارة الكلية إلى تطوير المنظومة التعليمية داخل الكلية، حيث يتم تطوير وإعادة هيكلة المنظومة من الداخل وإعادة وضع اللوائح الداخلية والتي تتضمن لائحة لشئون الطلبة وأخرى لهيئة التدريس وأيضا للشئون الإدارية لمعادلة الكلية بالكليات المعتمدة والجامعات الدولية.
*ما أبرز شروط التي يجب توافرها في مدرسي الكلية.. وما أبرز أقسام الكلية؟
تضم هيئة التدريس بالكلية الاكليريكية نخبة متميزة من الأساتذة مشهود لهم جميعًا بالأمانة والسيرة الروحانية وخلال وقت قريب سيكون جميع المعلمين بها حاصلين على الدكتوراة والماجستير، وتشمل أقسامها الكتاب المقدس وقسم اللاهوت وقسم الآباء وتاريخ الكنيسة والعبادة والليتورجيا والعلوم الإنسانية وقسم اللغات وذلك التنوع نركز عليه لتخريج دفعات من الدارسين لديهم تنوع معرفي بين العلوم الدينية والإنسانية أيضًا.
*ما خطة التطوير الذي وضعها قداسة البابا تواضروس الثاني لتطوير التعليم الكنسي والكلية؟
_البابا تواضروس منذ رعايته للكنيسة كبطريرك لها اهتم بتطوير التعليم الكنيسة، ولذلك اعتمد مجلس الكلية برئاسته العمل بنظام الساعات المعتمدة مع بداية هذا العام، ويتطلب للتخرج النموذجي والحصول علي درجة البكالوريوس ١٢٨ ساعة معتمدة، وتعادل ٨ فصول دراسية على 4 سنوات. كما يشترط أن يقدم الطالب مشروع تخرج في السنة الرابعة كشرط أساسي لحصوله على درجة البكالوريوس في العلوم اللاهوتية.
في ظل ظروف كورونا.. ما نظام الدراسة بالكلية خلال العام الدراسي الحالى؟
استكمالًا للرؤية الجديدة للعام الدراسي ٢٠٢٠-٢٠٢١م بالكلية تم الاستعانة بالدراسة بنظام (أون لاين)، حيث تم تدشين موقع للكلية اللاهوتية القبطية الأرثوذكسية. وأقر مجلس الكلية أن الدراسة في الأساس تعتمد على التلمذة. ونظرًا لظروف جائحة كورونا تم استقبال عدد محدود من الطلاب بعد اجتياز الاختبارات النظرية والمقابلة الشخصية، كما تم إقرار الدراسة بنظام أون لاين بنسبة ٤٠٪ وبالحضور الفعلي ٦٠٪ وذلك لأهمية الجزء التفاعلي في دراسة العلوم اللاهوتية، ولكن مع تطورات انتشار فيروس كورونا بموجته الثانية اعتمدنا على التعليم عبر المنصات التعليمية بشكل كامل بالوقت الراهن من خلال اختبارات الكترونية وأبحاث عبر تلك المنصات.
_ في رأيك كيف أولى البابا تواضروس اهتمامه بالتعليم الكنسي؟
أولى قداسة البابا اهتماما خاصًا بالكلية الاكليريكية إذ يقول عبارته الشهيرة "إن الكنيسة تسير بقدمين: التكريس والتعليم. التكريس في الرهبنة والكهنوت والتعليم من خلال الكليات والمعاهد اللاهوتية"، فقد اهتم قداسته بتطوير المكتبة الخاصة بالكلية وأصبح كل طالب بمجرد التحاقه بالكلية يحصل على رقم عضوية خاص به في المكتبة يمكنه تصفح آلاف الكتب عن طريق تطبيق علي تليفونه الخاص. كما تضم الكلية معملًا لدراسة اللغات القبطية والعبرية واليونانية والإنجليزية، ومعملًا آخر لتعليم الحاسب الآلي واستخداماته المتعددة. كما تم تطوير وتحديث المدرجات بالكلية، فتم تزويدها بالشاشات الذكية، والكاميرات عالية الجوده لنقل المحاضرات مباشرة على موقع الكلية لسهوله متابعة الطلبة.
*كيف تعمل الكلية على دعم البحث العلمي بها؟
_قام البابا تواضروس هذا العام بتعيين وكيلًا للدراسات العليا بالكلية وتكوين لجنة علمية ثلاثية تقوم بدراسة ومراجعة جميع الرسائل البحثية المقدمة لكي تكون على درجة عالية تليق بكليتنا العريقة التي يرجع تاريخها إلى مدرسة الإسكندرية ومؤسسها القديس مارمرقس الرسول، كما نقدم خلال العام الحالي مجلة بحثية لتشجيع الطلاب على البحث العلمي.
* هل هناك نية للتعاون مع الكليات اللاهوتية التابعة للكنائس الأخرى؟
_ندرس التعاون مع الكليات الأخرى في الوقت الراهن، حيث نبحث تعاون مشترك معهم من خلال مؤتمرات وفعاليات مشتركة مع الكليات الأخرى، وذلك لأنه يجب أن نمتلك رؤية للأخر.. وتشجيعًا على التطوير ودعم البحث العلمي تسعي الكلية لإقامة مؤتمرات علمية دولية، وسوف تنظم هذا الأمر بعد جائحة كورونا. كما تنظم مؤتمر نصف سنوي مع كليات اللاهوت الفرعية بالايبارشيات المختلفة داخل مصر وخارجها. كما تسعى إدارة الكلية هذا العام لتقديم كورسات متخصصة في مجالات متنوعة بين موضوعات علمية وسياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية، وذلك بالاستعانة بمجموعة من الأساتذة والخبراء المتخصصين لكي يكون الطالب ملمًا بجميع نواحي الحياة. ويصبح عضوًا فعالًا في المجتمع غير قاصرًا في المعرفة على العلوم اللاهوتية.
* كنت مشاركًا في مؤتمر هيئة الإعلام الكنسي برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني فما كواليس لقاء هيئة الإعلام؟
_ هيئة الإعلام الكنسي هي مبادرة رائعة من قداسة البابا تواضروس الثاني وهي بمثابة هيئة تساعد الهيئات الإعلامية الكنسية من قنوات فضائية كنسية أو مجلة الكرازة، لتجتمع بشكل أكاديمي، تحت مظلة واحدة تحدد مهام كل وسيلة إعلامية تابعة للكنيسة، خاصة أن العالم يتجه بالوقت الراهن الى الإعلام بكل وسائله سواء التقليدية أو الحديثة من موقاع تواصل إجتماعي بكل أشكاله.
كما أن الأجيال الجديد منفتحة على وسائل الإعلام، لذلك كان على الكنيسة دور هام في مراقبة ما يشاهده الأطفال لتكوين وعيهم لذلك هناك قنوات مختصة بالطفل تابعة للكنيسة تهتم بهذا الشأن مثل قناة كوجي القبطية الذي تقدم محتوى هادف يناسب المراحل العمرية للأطفال، وهكذا تعمل جميع القنوات الفضائية الكنسية، حيث تعمل هذه الهيئة التي تشكل بالوقت الراهن على تحديد سمات كل قناة ليكون لها خطتها وسماتها التي تميزها عن غيرها من القنوات الأخرى، كما أن البابا تواضروس أراد من هذه الخطوة دعم العمل الجماعي بين القنوات المسيحية من خلال هيئة واحدة تجمع هذه المنصات الإعلامية.
* كيف ترى الكنيسة بعهد قداسة البابا تواضروس؟
_الله حقًا يختار الإنسان المناسب بالتوقيت المناسب، والبطريرك خليفة مارمرقس دائمًا هدفه أن يقود الكنيسة إلى السماء والحياة الأبدية، وبعهد البابا تواضروس نرى جميعًا العمل المنظم بالكنيسة، والمحبة للجميع، ورؤية واضحة للتطوير بداخل الكنيسة، وهادئ الطباع ومحتملًا للجميع ودائمًا يضع أمام عينه المسيح قبل أي موقف يتخذه حيث يؤكد علينا دائمًا مقولته "لا تلتفت إلى المعطلات، فقط انظروا إلى المسيح".. والبابا تواضروس يجسد المعني الحقيقي لمعني كلمة "أب"، والعالم يحتاج لهذه الكلمة فقط، حيث كل احتياج العالم يتمثل في من يجمع ولا يفرق، أيضا نحتاج إلى الحكمة والصبر وطول الأناة، والشخص المدعوم من الله يسعى لاحتضان رعاياه داخل الكنيسة دائمًا، وعندما يجد راعي الكنيسة أبنائه منزعجين أو مضطربين يقوم بدوره الأبوي تجاهم باحتوائهم داخل الكنيسة بيتهم وهم في النهاية أبنائه، وهذا ما يفعله البابا تواضروس حيث يتعامل مع الجميع كأبنائه.
*هل أصبحت السوشيال ميديا من التحديات التي تواجه الكنيسة؟
_ كل الأشياء ممكن أن نستخدمها في الخير أو الشر، القلم الذي نستخدمه ممكن استخدامه بكتابة كلام مقدس أو كلام سلبي، الإنسان هو القادر على قيادة حياته، وبإرادته أن يكون مبادرًا أو سلبي، وجيمع أدوات التواصل الاجتماعي تعتمد على رؤية الإنسان والذي بإرادته يوجه تلك الوسائل سواء خيرًا أو شرًا، لذلك دورونا مراقبة استخدامنا للأشياء حولنا ومحاولة استخدام بشكل إيجابي.
*ما رأيك بتقديم مشروع قانون للأحوال الشخصية يخص الأقباط لمجلس الوزراء لتشريعه قريبًا؟
_ بالطبع القوانين خطوة هامة لوضع أطر التعامل بين الأفراد وحل مشاكلهم إذا احتاج الأمر التدخل القانوني، ولكن أساس حل أي مشكلة في بيت مسيحي هو الحاجة الله لبناء بيت على الصخر لا تؤثر به أي مشكلات.
* لماذا تزايدت نسبة المشكلات في الزيجات بالوقت الراهن؟
_ البيوت المسيحية تفتقد لوجود الله داخلها، والبيت الذي يبني على صخر وبداخله الله نجد به الحب والاحترام وفهم حقيقي لهدف الزواج المسيحي، ومن الضروي أن يفهم أي شخص مقبل على الزواج المسيحي الرسالة من الزواج بالمسيحية هي الوصول بالأسرة إلى السماء.
* هل دورات المشورة للمقبلين على الزواج ساهمت في الحد من نسبة وجود متضرري الأحوال الشخصية الأقباط؟
_ بالطبع ساهمت في الحد من مشكلات المتزوجين أو المقبلين على الزواج واهتم جدًا أن تركز على هدفها الرئيسي في تأهيل الشباب المقبل على الزواج.
_ كيف تتعامل الكلية الإكليريكية مع الإلحاد وهل يوجد بها دورات لمواجهة الدارسين بها الإلحاد؟
الكلية الإكليريكية تعتمد على نظامي الصباحي والمسائي وخلال هذا العام نطلق كورسات متخصصة تحت مظلة "الدبلومة" دبلومة التعليم الأساسية في اللاهوت" ويكون نظام الدراسة في هذه الدبلومة أون لاين وتتكون تلك الدبلومة من 6 محاضرات يدرسها كبار الأساتذة وتتكون تلك الدبلومة من كورسات في الكتاب المقدس والعقيدة وتاريخ الكنيسة والإلحاد وغيرها وعند انتهاء تلك الدبلومة يتم منح الشخص المتقدم لها شهادة من الكلية الإكليريكية في دورة التعليم الاساسي، بالإضافة إلى أن تلك الدورة تناقش الإلحاد وغيرها مثل هذه الإشكاليات.. بالإضافة إلى أن الالتزام شرط أساسي لمنح الكلية الإكليريكية لتلك الدبلومة، فعند تقدم شخصًا لدبلومة التعليم الأساسية والتزم بحضور كورسًا دون استكمال الباقي فلن تمنح الكلية الإكليريكية شهادة دبلومة التعليم الأساسية وهذه الدبلومة معتمدة وتعد نوع من المشاركة لمواجهة الإشكاليات الجديدة التي تظهر على الساحة كل فترة.
*كيف رأيت كأسقف للكنيسة الأرثوذكسية فترة إغلاق الكنائس بسبب كورونا؟
كانت أيقونة رائعة وجميلة لأقباط العالم ومسيحي العالم فكل إنسان أعلن حبه للكنيسة في كل مكان في نفس الوقت وفي نفس اللحظة اشتياق المسيحيين لكنيستهم كان رائعًا.. فكل كتابات المسيحيين في الميديا وغيرها فالكل كان ردد دائمًا "كنيستي أنا أحبها" فجميع مسيحي العالم أعلنوا حبهم للكنيسة فكانوا أيقونة رائعة ومفرحة إلى قلب الله خلال فترة غلق الكنائس وقاموا بتقديم الحب لكنيستهم عن طريق الصلاة في بيوتهم، فكانت كل البيوت كنائس فهذا شئ مفرح جدًا وإيجابيًا.
وأنا رأيت خلال فترة إغلاق الكنائس مجموعة من الخدام الرائعين فكل الخدام يقوموا بافتقاد الأطفال عبر وسائل التواصل المختلفة ومتابعتهم عن طريق مجموعات الواتساب وغيرها من وسائل التكنولوجيا فأصبحت الخدمة خلال تلك الفترة أعلنت فيها عن حب الخدام وعن نشاط الكهنة في الاهتمام والرعاية وأعلنت عن حب الشعب نفسه لكنيسته، فالشعب يظهر في وقت الضيق، فحب الكنيسة ظهر في الضيق، وقمنا بتأسيس لجنة لإدارة الأزمات بكنائس حدائق القبة، تم تأسيسها في شهر فبراير الماضي وتم عمل جروب للأطباء والمتخصصين وتم تقسيمها إلى مجموعات كل مجموعة مقسمة لمنطقة ما توفر لها كل الدعم الطبية والغذائية والروحية للأسر المختلفة. وهذه اللجان قامت بدور رائع وخدمي ومفرح، وهذه المجموعات تم تدعيمها من قبل مسيحي المنطقة.
*كيف تستعد منطقة حدائق القبة لمواجهة موجة ثانية من كورونا؟
بدأنا في تشكيل لجنة الأزمات مرة أخرى لمواجهة الموجة الثانية من فيروس كورونا من خلال أطباء متطوعين للرد على الاستشارات الطبية، لدعم مرضى كورونا ومتابعة أحوالهم الصحية بشكل منتظم.