«أدرى بشعابها».. البعثات الأثرية تنتصر لأحفاد الفراعنة على الأجانب
يمكن القول إن عام 2020، ربما يكون الأصعب في تاريخ البشرية بعد أن اجتاح فيروس كورونا المستجد العالم من نهاية عام 2019، واشتدت وتيرته وقوته في هذا العام الجاري ليصيب الملايين ويحصد أرواح المئات، إلا أن عام 2020 كان العام الذهبي في عصر الاكتشافات الأثرية المصرية التي تفوقت فيها البعثات الأثرية باكتشاف تلو الآخر لتبهر العالم أجمع بما يحويه باطن الأرض من تاريخ الحضارة المصرية القديمة.
آخر هذه الاكتشافات الكشف الأثري في منطقة سقارة، الذي ضم أكثر من 25 تابوتًا مغلقًا منذ أكثر من 2500 عام، والعثور على 3 آبار للدفن على أعماق مختلفة تتراوح ما بين 10 إلى 12 مترًا بداخلها 59 تابوتًا خشبيًا ملونًا.
البعثات المصرية تتفوق على 50 بعثة أجنبية
هنا يأتي دور البعثات المصرية الأثرية التي أثبتت تفوقها غير المسبوق في هذه الاكتشافات وجدارتها عن البعثات الأجنبية، وهو ما أكده الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في تصريح له عن اكتشافات منطقة سقارة التي كانت بها بعثة فرنسية تعمل منذ عشرات السنوات وتوقفت، وتركت «رديم» ارتفاعه 12 مترًا، وهو ما شكل تحديًا كبيرًا للبعثة المصرية، التي بدأت العمل بعدها، مضيفًا أن هذا الموقع مرت عليه أكثر من 50 بعثة أجنبية ولم تعثر على ما عثرت عليها البعثة المصرية من حفائر.
دور البعثات المصرية
في هذا الصدد أوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، أن البعثات المصرية تفوقت في السنوات الماضية على البعثات الأجنبية، نتيجة لتوافر الميزانيات الكافية لأعمال الحفائر وتخصيص آثاريين مدربين وذوى خبرة ليقودوا هذه البعثات.
وقال ريحان، في تصريح لـ«الدستور»، إن عمل البعثات يتطلب الكثير من الجهد والعمل المضني لكي تخرج الآثار بحالة جيدة ومؤمنة بالكامل، ويقوم دور البعثات في البداية على دراسة الموقع عن طريق تقسيمه إلى مربعات وتحديد مستوى الارتفاع عن سطح الأرض لمعرفة الطبقة التى تم رفعها يومًا بيوم، ورفع الموقع هندسيًا عن طريق الآثارى ذى الخبرة.
وأضاف أن هذه البعثات هي من تكتب الميلاد للاكتشافات الأثرية بداية من أعمال المسح الأثري لتحديد مواقع الحفر ثم أعمال الحفائر لاكتشاف الأثر ثم كتابة ميلاد هذا الأثر الوليد بعد اكتشافه وتحديد عمره بتأريخه، وصيانته بصفة مستمرة وشرح معالمه للزوار وتقديمه مادة موثقة علميًا للباحثين والإعلاميين والمستثمرين.
طبيعة عمل البعثات الأجنبية ودورها في الاكتشافات
أما عن طبيعة عمل البعثات الأجنبية، أوضح ريحان أن المجلس الأعلى للآثار يحق له السماح لبعثات أجنبية بالعمل في مصر طبقًا لشروط معينة، وبعد موافقة اللجنة الدائمة المختصة سواءً للآثار المصرية القديمة واليونانية والرومانية أو الآثار المسيحية والإسلامية.
وتابع أنه يشترط في البعثات الأجنبية أن تنتمي إلى جامعات أو معاهد علمية أو مراكز علمية دولية معروفة تقدم كل المستندات اللازمة؛ لتأكيد خبراتها السابقة ويقدم ملفًا عن أفرادها لدراسته أمنيًا وإخطار كل الجهات المختصة بذلك.
وأشار ريحان إلى أن البعثة الأجنبية يجب أن تقدم خطة بحث وخطة عملها وتعرض كل هذه المستندات على اللجنة الدائمة، ويتم العمل تحت إشراف المنطقة موقع العمل في وجود مفتشين آثار مرافقين للبعثة طوال مدة العمل بالتعاون مع الجهات الأمنية بالمنطقة؛ لتذليل أي عقبات، وتكون مهمة مفتشي الآثار مراقبة تنفيذ الخطة المقدمة وأعمال الحفر يوميًا وتسجيل كل اللقى الأثرية المكتشفة بالكامل، وفي نهاية الموسم يتم تحديد القطع الأثرية التي تسجل في الدفاتر الرسمية كآثار، والقطع التى تخضع للدراسة وتحفظ في مخازن متحفية بالموقع، تمهيدًا لنقلها للمتاحف أو المخازن.
وأكد خبير الآثار أنه لا يحق للبعثات الأجنبية الحصول على أي لقى أثرية مما يتم العثور عليها ولا يحق لها تحليل أي عينات أتربة أو مواد مختلفة خارج مصر، ولا يحق التحرك لأي فرد من أفراد البعثة خارج منطقة العمل إلا بموافقة المفتش المرافق، وحق البعثة فقط هو النشر العلمي لناتج أعمالها في المجلات والدوريات العلمية مع تسليم وزارة السياحة والآثار صورة مما تم نشره، وتقدم البعثة تقريرًا علميًا وافيًا للمجلس الأعلى للآثار عن نتائج أعمالها خلال كل موسم وخطتها للمواسم القادمة، بالإضافة إلى تقرير المفتش المرافق.