رؤية للمستقبل.. كيف يساهم مصنع المستنسخات الأثرية في حفظ الهوية المصرية؟
بحثت جمعية «مشوار التحدي» بقيادة مدرب التنمية الخاصة منى صفوت رئيس مجلس الإدارة، سُبل تسهل على أطفالها من ذوي الاحتياجات الخاصة خاصة المكفوفين؛ التعرف على الآثار المصرية بطريقة توضح لهم شكل وطبيعة هذا الأثر، خاصة أنه لا يمكن لمس المعروضات الأثرية بالمتاحف، وبنفس الوقت لا يمكن للأطفال تخيل الشكل الذي يسمعون قصته خلال رحلاتهم المختلفة.
وقالت «صفوت» إن الرحلات التي ينظمونها تهدف لاستكشاف تاريخ بلادهم وزيارة الأماكن الأثرية، لكنها لاحظت صعوبة المكفوفين والصم في استيعاب شرح المرشد خلال الجولة، خاصة مع صعوبة لمسهم للقطع الأثرية، لذا شعرت أنهم هم سيُظلمون في هذه الرحلات، خاصة وأن طفل في أحد الزيارات لمتحف الفن الإسلامي سألها: «الاسطرلاب دا شكله إيه يعني مدور ولا مربع؟».
من هنا قررت صفوت من خلال جمعيتها تصميم مستنسخات لبعض القطع الأثرية وفقًا لإمكانيتهم البسيطة، ليتمكن المكفوفين من تخيل الشكل الذي توضح شرحه لوحات البرايل، التي نفذوها كذلك وهي 50 لوحة تم وضعها في متحف الفن الإسلامي كتجربة أولى من الجمعية للمساهمة في تنشيط سياحة ذوى الاحتياجات الخاصة وتبسيطها، تحمل ذات البيانات التي تحملها اللوحات المكتوبة على كل قطعة أثرية لشرحها.
• أول مصنع للمستنسخات الأثرية في مصر والشرق الأوسط
في هذا الصدد، يمكن أن يمثل مصنع المستنسخات الأثرية الجديد بالمنطقة الصناعية بمدينة العبور؛ بشرة خير لتشجيع سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إنه يُعد الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، ومن المقرر افتتاحه في بداية عام 2021، وتبلغ مساحته حوالي 10 آلاف متر ومجهز بماكينات تعمل وفقًا لأحدث الطرز التكنولوجيا الحديثة، ويعمل به 44 فنان وعامل.
ويشمل المصنع خطوط إنتاج يدوية ومميكنة لسبك المعادن لإنتاج ورفع كفاءة المنتجات من المشغولات المعدنية، وخط للأخشاب والنجارة لإنتاج جميع المشغولات الخشبية، وخط للقوالب لعمل الاسطمبات، والقوالب المطلوبة لخطوط الإنتاج والنحت والطباعة والرسم والتلوين، وقاعة عرض للمستنسخات التي يتم إنتاجها.
يأتي الهدف من المصنع في حماية التراث الثقافي الحضاري المصري، وتنمية الموارد المادية للوزارة وبالتالي زيادة الدخل القومي، وحماية حقوق الملكية الفكرية للآثار المصرية.
• صرح تراثي يحافظ على الهوية المصرية
من هذا المنطلق يوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن إنشاء مصنع للمستنسخات الأثرية هو إضافة جديدة لقطاع السياحة في مصر، علاوة على إسهامه في فتح فرص عمل جديدة وزيادة دخل الوزارة، فهو مشروع للحفاظ على الهوية المصرية المتمثلة في منتجاتها التراثية ويحرص كل زوار مصر من جميع الجنسيات على اقتنائها.
وأكد أن هذا المصنع سيكون أبلغ رد على فوضى سوق المنتجات التراثية الذي انتشر بعد 2011 وغزت السوق المصري، كالمنتجات التراثية المصرية المُصنّعة بالصين لدرجة أن أكثر من 90% من منتجات خان الخليلي كانت صينية وما زالت حتى الآن، ويقبل عليها التجار لرخص ثمنها وارتفاع ثمن الخامات لإنتاج سلع مصرية وكانوا يكتبون عليها صنع في مصر رغم أنها منتجة فى الصين؛ وذلك لأن السائح لا يقبل على شراء مستنسخات إلا صناعة مصرية.
وأشاد خبير الآثار بهذا المصنع الذي ينم عن إدراك وزارة السياحة والآثار لهذا الخطر وحرصها على تعزيز الهوية المصرية، وهي المنوطة بحضارة مصر والحفاظ عليها، خاصة أنه جاء فى الوقت المناسب، كما أنه يعد تطبيق لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 المادة 39.
وتابع ريحان أن المجلس الأعلى للآثار له الأحقية في عمل نماذج ومستنسخات من المنتجات التراثية طبق الأصل، وهو ما سيميزها عن أي منتج وسيكون ختم وزارة السياحة والآثار علامة تجارية مميزة تعطي حق الملكية الفكرية لهذا المنتج.
وتساهم في ترويجه في مصر وتصدير هذا المنتج أيضًا للخارج، كما أنه يساهم في تطبيق المادة 39 من قانون حماية الآثار الخاصة باستنساخ نماذج في مقاضاة أي جهة في العالم تستنسخ نماذج دون الرجوع إلى المجلس الأعلى للآثار والحصول على موافقة رسمية.