محمد الحديني: بمرور الزمن أدركت أن عبد الناصر يمثل رمزا أيقونيا
تحل اليوم ذكرى نصف قرن على مغادرة عبد الناصر لعالمنا٬ وفي هذا الصدد قال الكاتب الشاب محمد الحديني: كنت طفلا عنيدا يرفض الذهاب إلى المدرسة خصوصا في السنة الأولى من دراستي في المرحلة الابتدائية وكان أبي، أحيانا ما ينصاع لرغبتي في ذلك خصوصا وإن امتزج هذا العناد بادعائي المرض. وحتى يمر الأمر بسلام. كان لزاما عليه أن يختار بين حلين إما أن يأخذني إلى بيت عمتي (وهو ما كان يحدث غالبا) أو يصطحبني معه إلى محل عمله بمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة حيث كان وقتها يشغل وظيفة مفتش بمنطقة الإصلاح الزراعي. وهناك كنت أقضي معه بعض الوقت ريثما يرسلني مع أحدهم إلى بيت جدي الكائن في إحدى القرى القريبة نسبيا.
تابع موضحا: وفي مكتب أبي كنت أجلس مطالعا بشغف صورتين بالأبيض والأسود معلقتين على الحائط: الأولى لرجل في زي عسكري يشرب من قُلة والثانية لنفس الرجل في زي مدني يعانق فلاحا. وبسؤالي لوالدي عرفت أن بطل الصورتين هو جمال عبد الناصر.
ومع مرور الزمن أدركت أن جمال عبد الناصر يمثل رمزا أيقونيا لدى أفراد عائلتنا الصغيرة إلى جانب امتلاكه رصيد محترم من كتب تناولت سيرته في مكتبة منزلنا.
ومع الاحتفال السنوي بذكرى ميلاد ووفاة الزعيم تتجدد الشهادات وتدور المناقشات والسجالات التي تتمخض عن أسرار جديدة وحقائق مخفية ورؤى موضوعية وأراء مُحبة من مريدين وأخرى كارهة من بعض مدعي الأرستقراطية من المصريين أو من بعض العرب ناكري الجميل وهو أمر أراه صحيا يحدث حصريا مع جمال عبد الناصر من بين كل رؤساء وزعماء العالم.
ومن وجهة نظري الشخصية، أقول إن عبد الناصر كان رئيسا وطنيا شريفا وقائدا عروبيا قويا قاوم الاحتلال الغربي في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية والعديد من دول العالم واجتهد وحاول بناء وطن قوي اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا وثقافيا من خلال قرارات جريئة تحدى بها قوى خارجية وأخرى رجعية داخلية فحاز لقب ( الزعيم ) واستحق أيضا أن تقتدي بمنهجه العديد من الأحزاب والحركات السياسية في مصر وخارجها وأن تتخذ من اسمه رمزا لها في نضالها نحو التحرر الوطني ومناهضة الإمبريالية والرأسمالية الغربية.
واختتم مؤكدا: تأتي إنجازاته العديدة لترجح كفته في ميزان التقييم البشري والتي يعتلي قمتها السد العالي الذي صُنف أعظم المشروعات الهندسية في القرن العشرين لما حققه من فوائد وفرت لمصر رصيدها الاستراتيجي من مياه النيل التي كان يذهب جزء كبير منها سدىً في البحر المتوسط، كما حمى جنوب مصر من الدمار الذي كان يحدثه الفيضان كل عام.