نبوية السمرا.. سكن معها رشدي أباظة 3 شهور .. "قاتلت الإنجليز بسببها"
قص الفنان الكبير رشدي أباظة الكثير من الحكايات ما قبل السينما، ومنها ما رواه لمجلة الشبكة أنه كان يهوى لعبة الحديد، وذات مرة أجهز على كل الخصوم الذي يقفون ضده، ونفض يديه وقال لصديقه صدقي جرجس والذي كان يرافقه: "هيا بنا"، فقالت بنت سمراء مثل غصن البان" أنا .. أنا أريدك".
يكمل رشدي أباظة:" وتوقفت وتأملتها، كنت أعرف اسمها "نبوية السمرا"، وكانت ذات صيت في العشق وإذلال الرجال، واحتوتني بعينيها حتى ارتجفت من أعماقي، وصاحت شقراء تقف بجانبها وتدخن سيجارة وتنفث دخانها في وجهي: "نبوية لك.. ليلة قدر"، لم أكن أريد إذلال من صنع النساء، لم أنطق حرفًا، وخطرت لأمضي مبتعدًا، وهنا صاحت نبوية بلهجة أمر: "قلت أريدك.. ألست رجلًا؟"، واغتظت ورأيت الأعين تحدق تجاهي، وصاح نادل على مقهى قريب :"واحد شاي سخن وصلحه، وشيشة عجمي للزبون وريحه"، وسألت نفسي، هل يسخر مني، وزممت حاجبي وأنا أنظر إليه فجرى بخفة ظله، وضحكت نبوية بقهقهة ماجنة وقالت وهي تنتحي عن الباب الذي تلتصق بمدخله: "هل تحتاج لعزومة؟"، وفي ثانية انقذفت للداخل كما لو كنت أقذف القاطرة الحديدية إلى الكبسولة وتبعتني نبوية ثم سبقتني.
يواصل: "وأطلت وجوه مليئة بالأصباغ والكذب والدنس من غرف متلاصقة، أما غرفة نبوية فكانت في آخر ممر طويل يشبه ممر الفنادق، وفاحت من غرفتها رائحة بخور، وبدا فراشها نظيفًا، وجلست كالأبله، كنت أحتاج لوقت لكي أسترد نفسي، ثلاثة اشهر قضيتها مع نبوية السمرا، حققت فيها الرجولة بكل ما يتمناه شاب من النساء".
يستدرك أباظة: "كنت أهرب من المدرسة وأذهب إليها، وأصبح الحي يعرفني، ولم تكن تكلفني شيئًا، كما لم أكن أعرف أن العيب كله أن تنفق امرأة على رجل، على أنني عرفته من دعابة صديق فعوضتها عن كل ما أنفقت، وأشهد لها وهي البغي، أنها أوصدت بابها في وجوه الرجال وكم من معركة خضتها لأن هناك من يطاردها وهي لا ترضاه.
يتابع: "حتى العساكر الإنجليز الذين كانوا يتدفقون على هذا الحي في جماعات استعصت عليهم، وأذكر أنني كنت في طريقي إليها حين وجدت أربعة منهم يتجمعون حولها، وأحدهم يمزق قطعة من ثوبها، فانقضضت عليه وأوسعته ضربًا، وحين تدخل أصدقاؤه لتخليصه مني ضربتهم فرادى وجملة، وراحوا يتساقطون وأنا بينهم مثل وحش هائج".
يكمل: "واستمرت لي مع الإنجليز ملحمة على أسابيع، يتربصون بي وأتربص بهم، ولا أنكر أنهم ضربوني ضربًا مبرحًا أحسست بعده من لوم أمي أنني أمضي إلى طريق منزلق من المعارك، قد تكون في نهايته حتفي، لم تكن أمي تعلم ميدان المعركة وإلا لفقدت كل حبها واحترامها، وذات يوم قالت لي نبوية أنها كانت في باب البحر حين تعرض لها فتوات الحي وأنها توعدتهم بي، وأرادت أن تأخذني إليهم، وكرهت هذا وعافت نفسي وحلًا أتمرغ فيه أخذتني إليه عزة الرجولة واستعراض الفتوة، ثم صدتني عند نوازع ضمير تحرك وأرقني، واحتقار للذات استبد بي، وارتفع ستار من جديد بيني وبين السمرا.. نبوية.