أسرار دعم جمال عبدالناصر وجيهان السادات لفرقة رضا
أحب الفنان محمود رضا الرقص في طفولته من خلال مشاهدته للأفلام السينمائية، قال الفنان الراحل: "لم أجد مدرسة أتعلم فيها الرقص وإنما تعلمته بالعافية"، حسب حواره بجريدة "العربي" 2005.
سافر محمود رضا إلى باريس لمدة 3 أشهر تعلم فيها بعض الحركات الاستعراضية، وعاد إلى مصر واهتم بالفن الشعبي من خلال السفر لأغلب المحافظات لمشاهدة الرقصات وأزياء السيدات ورقصاتهن، خاصة في سيوة، ثم عاد إلى القاهرة وأقنع بعض المدرسين القاهريين لإقناع الفتيات الصغيرات بالمدرسة لارتداء ملابس الرقصات لأداء الحركات الاستعراضية.
بدأت فرقة محمود رضا عام 1959 بسبعة راقصين وسبع راقصات كلهم من أصدقاء الفنان الراحل، فقد كان من الصعب آنذاك إقناع الأسر المصرية بعمل أبنائهم في الرقص.
تعرضت فرقة رضا لأزمة مادية في بدايتها، فقد كان سعر التذكرة 50 قرشًا، فلم تكن الإيرادات تكفي ما تحتاجه الفرقة من مستلزمات، في الوقت الذي كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مهتمًا بما تقدمه الفرقة، لدرجة أنه حرص على أن يشاهد أغلب ضيوفه من دول العالم من الرؤساء والشخصيات المهمة، استعراضات الفرقة.
دعم "عبدالناصر" فرقة "رضا" ماديًا وطلب من وزير الثقافة آنذاك الدكتور عبدالقادر حاتم بدعم الفرقة ومساندتها.
كما اهتمت جيهان السادات بفرقة "رضا" أثناء دعوتهم لتقديم عرض بحديقة استراحة الرئيس أنور السادات بالمعمورة، بمناسبة زيارة رئيس المكسيك وزوجته، ولم يكن بالقصر مسرح لتقديم عروض الفرقة، لذا احتاج محمود رضا لبناء مسرح على أسرع وجه بحديقة القصر، وفي الوقت الذي كان يعاين فيه المكان مع أحد الضباط المختصين، حضر ضابط آخر وأبلغ "رضا" أن "الهانم" تريد محادثته تليفونيًا.
يحكي محمود رضا: "حسبت أن الهانم التي تريد محادثتي تليفونيًا هي زوجتي، ولكن كيف عرفت بوجودي في هذا المكان وكيف عرفت رقم التليفون؟ وبالسؤال علمت أن "الهانم" هي حرم السيد رئيس الجمهورية، وعندما أجبت على سيادتها قالت: محمود أنا عاوزاكو تهتموا كتير بالحفلة دي لأنها مهمة جدًا، خصوصا الملابس لأني كنت في زيارة للمكسيك وشاهدت عروضها للرقص الشعبي وكانت أكثر من رائعة وخصوصا الملابس، وإحنا مش عاوزين نكون أقل منهم".
كانت الفرصة لتجهيز ملابس تضاهي قيمة الملابس التي طلبتها جيهان السادات صعبة للغاية، خاصة أن العرض في اليوم التالي، حاول محمود رضا الانتهاء من إعداد المسرح وبدأت الفرقة في التدريبات ليلًا على البرنامج المعد لاستقبال رئيس المكسيك وزوجته، وفوجئ "رضا" بحضور جيهان السادات تقف بينهم أثناء سير البروفات، وسألته عن الملابس والمعوقات التي تواجه الفرقة.
لم يحاول محمود رضا إلقاء اللوم على أي من المسئولين خاصة وزير الثقافة وقتها، لكنه لم يجد مفرًا من أن يخبرها بأن الروتين الحكومي واللوائح التي تقضي بعمل ممارسات ومناقصات عن الشراء واختيار أقل الأسعار.
كما تعجبت جيهان السادات من الأجور المتدنية التي يتقاضاها أعضاء فرقة رضا، فلم تكن تتجاوز الـ20جنيهًا، لذا قالت "جيهان" لمحمود رضا إنها ستخاطب وزير الثقافة بهذه المعوقات لتستطيع الفرقة أن تمثل مصر خارج مصر وداخلها.
قدمت الفرقة العرض وبعد أيام اتصل سعد الدين وهبة وكيل أول زارة الثقافة بالفنان محمود رضا، ليخبره بموعد مقابلة مع وزير الثقافة يوسف السباعي في استراحته بالمعمورة.
قال "رضا": "أثناء المقابلة شعرت بعدم ارتياح من الوزير، فقد ظن أنني سعيت لمقابلة السيدة جيهان للشكوى من معاملة الوزارة للفرقة، لكنه طبعًا لم يصرح لي بذلك، ولم يشر إلى حديث زوجة الرئيس، لكنه سألني عن مشاكل الفرقة".
بعد أن عرض محمود رضا المشكلات التي تواجه الفرقة، رد "السباعي" عليه قائلًا: "وماذا تستطيع الوزارة أن تفعله في مسألة الأجور، ففرقة رضا ليست الفرقة الوحيدة التابعة للدولة، فإن قررنا زيادة أجور فرقة رضا يجب أيضًا زيادة أجور باقي الفرق، وميزانية الوزارة لا تحتمل، كما أن مسألة الملابس عليكم أن تتصرفوا في حدود الميزانيات المقررة لكم".
وقال الفنان الراحل:"كان واضحًا أن يوسف السباعي مستًاء من شكواي للسيدة حرم الجمهورية مما اعتبره تخطيًا لسلطانه".