الذئاب الرمادية.. قصة «ميليشيا أردوغان» السرية في سوريا
على الرغم من وجود قوات تركية وفصائل مسلحة موالية لأنقرة داخل الأراضى السورية، معروفة لدى الجميع، إلا أن هناك فصيل أخر سري انتشر في الأراضى السورية.
ووقعت حادثة غريبة مؤخرا في محافظة إدلب السورية، حيث شوهد أحد الجنود الأتراك غرب حلب، أثناء تأديته لإشارة منظمة الذئاب الرمادية القومية التركية، التي تأسست في أواخر 1960، وتصنف كإحدى الجماعات الفاشية المتعصبة للقومية، وفقا لما نشره موقع "تركيا الآن".
كما تم تصنيف تلك الحركة كحركة إرهابية في تركيا، وعلى الرغم من ذلك أعلن أردوغان دعمه وانتمائه له من خلال استخدامه هذه الإشارة قبل نحو عام في أوج معاركه مع الأكراد، حيث رفع لأول مرة إشارة غير إشارة رابعة، التي اشتهر بها في دعمه لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
- قصة الذئاب الرمادية وتاريخها
تعود تلك الإشارة لإحدى الأساطير التركية القديمة المنتشرة في وسط أسيا، وتدور حول أنثى الذئب "أسينا" التي قادت الأتراك من وادي أرجينيكون بعد أن ظلوا فيه لأربعة قرون عقب هزيمتهم عسكريا، وتعد هذه الأسطورة الأساس لنشوء القوميتين المنجولية والتركية.
وأطلق على تنظيم الذئاب الرمادية التي تشكلت في أواخر عام 1960 اسما أخر وهو "فرق الموت"، هي منظمة تركية يمينية متطرفة أسسها العقيد السابق بالجيش التركي ألب أرسلان توركش، الذي كان أحد مؤسسي الانقلاب عام 1960.
كما تعد تلك المنظمة الذراع المسلحة غير الرسمية لحزب الحركة القومية الذي يرأسه دولت بهتشالي، حليف الرئيس أردوغان.
- سياسية وفكر الذئاب الرمادية
تعارض الذئاب الرمادية أي تسوية سياسية مع الأكراد، كما أنها كانت معادية للسلطة التركية التي يرأسها أردوغان، حتى عام 2018، حيث عقد وقتها التحالف الجمهوري بين حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يرأسه أردوغان وحزب الحركة القومية من أجل الانتخابات الرئاسية التركية.
- أماكن انتشار وتواجد الذئاب الرمادية..
تتواجد الذئاب الرمادية في قطاعات مختلفة من الاقتصاد والتعليم والمراكز الثقافية والرياضية، كما تمثل الجامعات والكليات بيئة مهمة لنشاط عناصر المنظمة.
وتتألف المنظمة من الشباب التركي حصرا، خاصة الطلاب أو المهاجرين النازحين من الريف إلى إسطنبول وأنقرة.
وتدور أفكار تلك المنظمة حول العرق والشعب التركي، واستعادة أمجاده وتاريخيه، والسعي لتوحيد الشعوب التركية في دولة واحدة، وتمتد حدود دولة الأتراك بحسب الذئاب الرمادية، من البلقان إلى آسيا الوسطى، مستلهمين ذلك من تاريخ الدولة العثمانية.
ويعد دمج الذئاب بين الهوية التركية والدين الإسلامي في توليفة واحدة، هو أكثر ما يهيمن على خطابات المنظمة وأطروحاتها، كما أن الأكراد يشكلون محور العداء الأساسي للذئاب الرمادية، حيث يهتم التنظيم بعدم السماح بتأسيس أي دولة كردية بشتى الوسائل.
- أبرز جرائم الذئاب الرمادية
ومع قيام المنظمة بعمليات إرهابية كبيرة صنفت كمنظمة إرهابية مسؤولة عن قتل مئات العلويين في مذبحة مرعش عام 1978، كما أنها متورطة في مذبحة ميدان تقسيم عام 1977 التي راح ضحيتها 126 شخصا، كما تعتبر كوادرها العقول المدبرة لمحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني عام 1881 بواسطة عضو الذئاب الرمادية محمد علي أكسا.
كما صنفت الذئاب الرمادية منظمة معادية للسلطة التركية بالثمانينات بعد أن أصبح للمنظمة نحو 100 معسكر للتدريب، ونحو 1700 فرع، وضمت أكثر من 200 ألف عضو.
فباتت الذئاب الرمادية القوة الرئيسية المسؤولة عن أعمال العنف السياسية بتركيا، وأصبحت تشارك في عمليات القتل وتبادل إطلاق النار في الشوارع.
وسجلت السلطات التركية أن 220 عضوا بالمنظمة قاموا بقتل 694 من النشطاء والمفكرين اليساريين والليبراليين في تركيا.
- شراكة السلطة التركية مع الذئاب الرمادية..
العداء للأكراد كان العامل الأساسي في تعاون المنظمة مع السلطة التركية خلال تسعينات القرن الماضي، وبادرت السلطة إلى إشراكها في معارك ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني، وهذا ما جعلها تلقي قبول لدى الحكومات التركية المتعاقبة التي استخدمتها في معاركها ضد الأكراد، قبل تسمية تلك الفرق العسكرية التابعة للذئاب الرمادية بفرق الموت.
- عودة الذئاب من خلال الأراضي السورية
عادت الذئاب الرمادية للساحة مرة أخرى، من خلال سوريا، بعد أن أثبتت نجاحها في الحروب ضد الأكراد، وظهر عدد كبير من عناصر الحركة ضمن قوات الجيش التركي بحلب وإدلب لإثبات البعد القومي للحرب التي تشنها تركيا على سوريا، فبالنسبة للذئاب الرمادية فإن كل أراضي الدولة العثمانية سابقا تعد أراضي تركية ويجب الجهاد بها.
نشاط تلك الحركة في سوريا لم يبدأ أثناء العمليات العسكرية التركية الأخيرة على سوريا، ولكنه بدأ قبل أعوام مع بدء تلقي التركمان في سوريا للمساعدات العسكرية بجانب مقاتلين من الذئاب الرمادية، وقتل عدد كبير منهم في حروب ومعارك مع قوات الجيش السوري.
ولم يقتصر نشاط وتواجد تلك الحركة على تركيا وسوريا، ولكنه امتد ليصل إلى أذربيجان وقبرص والصين وروسيا وشبه جزيرة القرم والشيشان وتايلاند وفرنسا وألمانيا.