خلف أبواب العزل.. قصة أسرة سكندرية فرقها كورونا تنتظر اللقاء
لم يكن المرور بتجربة الإصابة بفيروس كورونا المستجد بالنسبة لـ«إسراء» وعائلتها كغيرها من المصابين، حيث إن الفيروس فرقهم بحثا عن علاج، بعد أن أصيبت هي وزوجها، ليفترقا تاركين نجلهما الصغير، وتتلقى هى علاجها في الإسكندرية، وزوجها بمحافظة أخرى، لتخرج بعد رحلة علاج استمرت لمدة 40 يومًا بعد تعافيها تحمل مشاعر متضاربة بين ألم الإصابة وفرحة التعافي والامتنان للفريق الطبي بمستشفيات العزل.
وتروي إسراء فتحي، 27 عامًا، من الإسكندرية، رحلة علاجها من فيروس كورونا التي امتدت لمدة 40 يومًا بداخل مستشفى عزل العجمي، والتي كانت تجربة صعبة، بسبب إصابة زوجها المهندس رامي النقيب أيضًا بالفيروس، تاركين ابنهما الصغير، ليفرقهما الفيروس عن بعضهما كل هذه المدة.
تقول «إسراء» لـ«الدستور» إنها منذ بداية جائحة فيروس كورونا، وهي حريصة على عدم الخروج، نظرًا لخوفها الشديد على نجلها الذي لم يتجاوز عمره العامين، ولم يكن يخرج سوى زوجها لعمله يومين في الأسبوع حيث يعمل مهندس كمبيوتر، وكان ينهي أعماله من المنزل.
وأضافت أنها قبل شهر رمضان بدأت تظهر عليها بعض أنواع الاشتباه بالفيروس، ثم اشتدت الأعراض بعد ذلك، من ارتفاع درجة الحرارة، وتكسير في الجسم، ثم بعد ذلك ظهرت الأعراض أيضًا على زوجها، ومع بداية شهر رمضان، اشتدت الأعراض عليهما لتتواصل مع رقم وزارة الصحة 105، وتم توجيهها لعمل أشعة مقطعية على الصدر.
وتابعت: توجهت لأحد المستشفيات أنا وزوجي وأجرينا الأشعة والتي أظهرت الإصابة لنا نحن الاثنين ولكن كانت أشعة زوجي أصعب، وتم تحويله في الحال إلى مستشفى الحميات، وتوجهت للحميات في اليوم التالي أنا وابني لعمل المسحة، والتي أظهرت نتيجتي إيجابية وابني سلبية، مستطردة: «في ساعات قليلة تفرقنا عن بعضنا، حيث تم احتجاز زوجي بمركز عزل في مدينة كفر الشيخ، وتم تحويلي إلى مستشفى العجمي لأني أعاني من مشكلة في المناعة، وابني تركته مع عائلة زوجي للاعتناء به، فكان كلً منا في مكان بعيدًا عن الآخر، بالإضافة إلى الإصابة التي لانعلم مدى النجاة منها».
وأوضحت، بعد تحويلي لمستشفى العجمي، مكثت فيها ما يقرب من 40 يومًا، حيث كنت أعاني من حالة نفسية سيئة بسبب ابتعادي عن ابني الصغير وزوجي، بجانب مشكلة المناعة، ولكن زوجي تعافى بعد 3 أسابيع، وخرج للعزل المنزلي لمدة أسبوعين آخرين، مشيرة إلى أن جميع العاملين في المستشفى كانوا يهتمون بها وبجميع المرضي، مرددة «لم أتوقع أن أرى كل هذا الاهتمام بمستشفى حكومي، أو تلك النظافة والدقة في العمل، ومراعاتهم لحالتي، وهو ما تم مع زوجي أيضًا حيث كان مركز العزل الذي تواجد فيه كأنه في مصيف وليس في حجر صحى، فكانت تجربتنا معًا في مكانين مختلفين تثبت أن هناك اهتمام كبير بالمرضى وراحتهم».
وأضافت: «عند دخول مستشفى العزل كانت مازالت الحالات قليلة بعض الشيء، وكانت في البداية، وكانت حالتي غير مستقرة، ولكنها استقرت بعد ذلك، ولكن كانت النتائج تأتي إيجابية، وخلال فترة العلاج توافد حالات كثيرة، ومن كل الأعمار، ومنها الحالات البسيطة وأخرى حرجة، وعاصرت لحظات فرح كثيرة بخروج حالات التعافي وخاصة من كبار السن، بجانب لحظات الحزن بوفاة بعض الحالات، وكنا جميعا في الغرف نصلي عليهم صلاة الجنازة».
وأشارت إلى إن التجربة كانت صعبة بسبب الابتعاد عن زوجها وابنها، بجانب الإصابة، فكل منهم كان في مكان، وكانت تتواصل معهم عبر الهاتف والفيديو، وكان يصعب عليا كثيرا بكاء ابنها عند رؤيتها وغضبه أنها ليست معه، وكان ما يهون عليها مواساة الأطباء والتمريض، حيث كانوا لا يتركوها، ويتحدثون معها باستمرار بسبب سوء حالتها النفسية، فجميع من حولها يتعافى، وهي في كل تلك المدة لم تتعاف وتريد الخروج لرؤية ابنها.
وأردفت «إسراء» حديثها قائلة: «تفاجأت مما رأيته في المستشفى من الرعاية الصحية، والنظافة، فقد كنت أتلقى العلاج بمستشفى 5 نجوم، بجانب الحرص على الطعام الصحي والترفيه عنا، قائلة: «اكتشفت أن بلدي أنقذت حياتي.. وأن البقاء في المنزل الذي لا نتحمله، هو نعمة لا يدري بها سوى المرضى في المستشفى».
واختتمت: «الآن خرجت أنا وزوجي بعد تعافينا، هو سبقني للعزل المنزلي وأنا الآن أقضي فترة العزل منتظرة أن اجتمع مع ابني»، مشيرة إلى أنهم يعتزمون بعد إتمام مدة الـ14 يوما التبرع ببلازما المتعافين للحالات الحرجة وغير القادرة التي تتطلب ذلك، وبالرغم من أنها تعاني من مشكلة في المناعة ولكنها سوف تجري تحاليل لتتحقق من قدرتها على التبرع أم لا.