تعليق العمل لزوال الخطر.. أبطال: «خسارة ولا مكسب يجيب كورونا»
رغم حالة اللامبالاة من بعض فئات الشعب فى التعامل مع فيروس كورونا، إلا أن هناك آخرون ينتسبون إلى القطاع الخاص، قرروا الامتناع عن النزول حتى تنتهي المحنة، حتى لو كان الثمن قوت يومهم.
أحد أصحاب المحال التجارية قرر اغلاق مصدر رزقه الوحيد لمدة أسبوع، سائق أوبر رفض نقل المواطنين حرصًا على سلامتهم فامتنع عن ركوب سيارته حتى إشعار آخر، سباك رفض أن يكون سببًا في أذي غيره فالتزم منزله، وغيرهم من الأشخاص الذين ضحّوا.
سائق أوبر: لن أنقل الفيروس للمصريين
سمع علاء محمد، 27 عامًا، عن مخاطر استخدام السيارات الخاصة في نقل المواطنين، لأن الفيروس المستجد يمكن أن ينتقل من خلال الكراسي، وتداول النقود، فقرر أن يتوقف عن عمله كسائق سيارة خاصة لدى شركة أوبر حتى تعلن الحكومة أن شوارع القاهرة عادت آمنة.
لا يمتلك "علاء" مصدر رزق آخر ليعتمد عليه خلال الأسبوعين المقبلين: " كنت اكسب في اليوم بين 200 لـ300 جنيهال، اشتغل فترة صباحية واخرى مسائية، وهذا مصدر رزقي الوحيد لكن فكرت في الزبائن الذين قد ينتقل لهم الفيروس بسببي فامتنعت، حفاظًا على نفسي وأهل بيتي،وعلى أرواح الزبائن الذين قد تسبب سيارتي في نقل الفيروس القاتل لهم".
ذهب الشاب العشريني إلى مغسلة خاصة بالسيارات ليغسل سيارته ويعقمها ويطهرها كما نبهت وزارة الصحة ويركنها تحت منزله حتى يسمح له الله بالعمل قريبًا، وفكر في الإعتماد على بعض المدخرات حتى تنتهي الأزمة.
صاحب محل: أغلقته خوفًا من العدوى
رفض صاحب متجر الأدوات الصحية العروض التي انهالت عليه للبيع بأضعاف السعر وتحقيق مكاسب مالية طائلة، حيث رفض مصطفي خضر الشاب الذي يدير معرض والده بإحدى قرى محافظة الغربية أن يكون سببًا في نقل فيروس كورونا لأهل بيته أو لشخص واحد من زبائن معرضه.
أعلن الشاب أنه لن يفتح أبواب معرضه لأي شخص بعد الساعة السابعة مساءً امتثالًا لقرار رئاسة الوزراء بمنع العمل بعد هذا التوقيت، إلا أن الأمر لم يجدي نفعًا مع سكان قريته الذين رغبواء في شراء الأدوات الزمة للبناء وتأسيس المنزل ظنًا منهم بأن ثمنها سيرتفع، وحاول "مصطفى" نفي هذه الشائعات.
وأكد لزبائنه أن تصرفاتهم ستكون السبب في رفع الثمن وليس الشركات المنتجه للسلع التي يبعها
قائلا: "حاولت الامتناع عن فتح أبواب المعرض بعد الموعد المحدد، لكن العمال رفضوا ذلك واصطحبوا أصحاب المنازل الراغبين في الانتهاء من أعمال البناء سريعصا قبل تفشي الأزمة، ونظرًا لأننا أبناء قرية واحدة وكلنا نعرف بعضنا البعض كنت أشعر بالحرج منهم وأطلب منهم أن يأتوا غدًا في الموعد المحدد لعمال المعرض ولكن تكرر الأمر".
بعد أن باءت محاولاته بالفشل لجأ للأسلوب القاسي وأعلن أن المتجر سيظل مغلقًا لمدة أسبوع لا عمل بالنهار أو بالليل حتى لا يتسبب في نقل المرض لنفسه أو لأسرته: "طلبت من كل الصنايعية اللي بتعامل معاهم يوقفوا شغل مش علشان يكسب 100 أو 200 جنية في اليوم يأذي نفسه وأصحاب البيت اللي هيشتغل عندهم، صحتى وصحة أهل بيتي وأهل قريتي أهم من كنوز وأموال الدنيا".
ولم يكتف الشاب بدوره في غلق المتجر لكنه استمر في دعوة أهل القرية لمنع التجمعات، ويستخدم صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لدعوة أصحاب المحال التجارية ليحذو حذوه.
صاحب توكتوك: خفت على أسرتي فقعدت في البيت
يعمل محمد صالح، سائق توكتوك، ينقل عشرات المواطنين بين القرى والمركز التابع له، فرصة أن يصاب بفيروس كورنا قائمة، فهو يتعامل مع الكثيرين طوال اليوم، سواء زبائنه، أو عندما يذهب إلى البنزينة ليزود التوكتوك بالوقود، وأخيرًا عندما يلتقي بزملائه.
قرر الامتناع عن النزول نهائيًا: "خدت القرار من 3 أيام بعد ما الحكومة قالت محدش ينزل من بيته ولا يشتغل بعد الساعة 7، لكن لقيت الوقت بيسرقني وبعمل مشاوير كتير، وفي النهاية كل يوم برجع لأهلي، وممكن أنقلهم المرض من غير ما أقصد، فقولت بلاش الخمسين جنيه اللي بكسبها في اليوم تكون سبب في هلاكي أو نقل المرض لأسرتي".
خوفًا عل نفسه وأسرته، قرر الاستغناء عن مصدر كسب عيشه الوحيد وهو التوكتوك، واستقر في منزله سالمًا في بيته حتى يمنع عن نفسه المرض وعن كل الزبائن الذين يتعامل معهم، ولم يحدد الموعد الذي قد يعود فيه إلى العمل، فهو ينتظر الأمل في إيجاد علاج للفيروس القاتل، أو تخبره الحكومة بأن الأمر على ما يرام ويمكنه اسئناف عمله.
سباك: شغلي من أسباب نقل الفيروس
"الرزق على الله"، عبارة بدأ بها "شريف" الذي يعمل سباكًا بإحدى قرى الدلتا، معلنا تخليه عن عمله اليومي والمكوث في منزله حتى يأذن له الله وينزل رحمته على عباده وينتهي هذا الوباء القاتل.
عمل شريف يمكنه من دخول منزل أو اثنين كل أسبوع، وربما يستعين به صاحب منزل لتنفيذ أعمال تركيب الأدوات الصحية، ويأخذ أجره بعد أسبوع من العمل.
طبيعة عمل الشاب لا تمكنه من أخذ أجازة طويلة،فهو العائل لأسرته ويعتمدون عليه لتوفير احتياجات المنزل، ولكن أزمة انتشار فيروس كورونا حول العالم وصلت إليه، وقرر التصدي لها رغم ما قد يعانيه من جراء قراره المفاجئ: " بلغت زبايني اللي اتفقت معاهم على الشغل عندهم الأسبوعين الجايين ده إني أجازة، ومش هرجع للشغل تاني غير بعد ما الفيروس ينتهي ويبقى أمان إني أدخل بيوت الناس".
يتقاضي شريف يومية تتراوح بين 150 إلى 200 جنيه، ويتراوح أجر العاملين معه بين 70 إلى 80 جنية، وطلب من العمال المرافقين له التضامن معه في الأزمة والجلوس في منازلهم لمدة أسبوعين تنفيذًا لقرار الحكومة.
يضيف: " أنا بخرج من بيت أسرة أروح عند أسرة تانية، وممكن أروح محل أو اتنين لشراء مستلزمات شغلي، وفي النهاية بروح لأبويا وأمي واخواتي بليل، وفرص إني أكون من أسباب انتشار المرض كبيرة، وخصوصًا بعد ما عرفت إني أبويا وأمي ممكن لا قدر الله ميقدروش يقاموا الفيروس، صحيح صعب إني أقعد في البيت من غير الشغل، لكن في النهاية صحتهم وحياتهم أهم من شغلي".
"الأثري" أغلق الصالون
يذهب إليه شباب قريته والقرى المجاورة كل يوم لعمل أحدث قصات الشعر، حقق شهرة واسعة، فكل عريس مقبل على الزواج يعتمد عليه، كان يذهب إلى بيت العريس ويقضي اليوم معه ومع أصدقائه.
"محمد الأثري" صاحب محل حلاقة، تخذ قرارا بوقف جميع أنشطته لمدة أسبوعين خوفًا من انتشار فيروس كورونا: " ممكن أحلق لأكثر من عشرين واحد في اليوم، وفي أيام المناسبات ممكن يوصل العدد لـ100 شخص، وطبعًا الحلاقة ممكن تكون من أهم أسباب نقل المرض، صحيح أنا بعقم الأدوات بتاعتي لكن في أيام الضغط ممكن يكون التعقيم مش كافي، خاصة بعد ما اتشهرت بين الشباب في المنطقة".
رفض "الأثري" أن يكون مصدر دخله هو سبيله للإصابة بفيروس لعين قد يودي بحياته وحياة زبائنه، فلن يذهب إلى بيت أحد لمدة أسبوعين، ولن يستقبل أي من الشباب الراغبين في تحديد لحيته أو عمل قصة في شعره، سيتوقف حتى تنتهي أزمة كورونا التي ضربت الأرض.