رئيس جامعة القاهرة يطرح رؤية لتأسيس «خطاب ديني جديد»
طرح الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، خلال كلمته في مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، رؤية لتأسيس خطاب ديني جديد.
وأوضح أنَّ تجديد الخطاب الديني عملية أشبه ما تكون بترميم بناء قديم، والأجدى هو إقامة بناء جديد بمفاهيم جديدة ولغة جديدة ومفردات جديدة «إذا أردنا أن نقرع أبواب عصر ديني جديد».
وأكد «الخشت» أنه لا يمكن تأسيس خطاب ديني جديد بدون تكوين عقل ديني جديد، مشيرًا إلى أنَّ العقل الديني ليس هو الدين نفسه، بل هو عقل إنساني يتكون في التاريخ وتدخله عناصر اجتماعية واقتصادية وثقافية، ويتأثر بدرجة وعي الإنسان في كل مرحلة، لافتًا إلى أنَّ تطوير العقل الديني، غير ممكن دون تفكيكه وبيان الجانب البشري فيه.
لا يمكن تكوين عقل ديني جديد دون تغيير طرق التفكير
وأضاف أنه لا يمكن تكوين عقل ديني جديد دون تغيير طرق التفكير وتجديد علم أصول الدين، موضحًا أن من أهم الشروط لتكوين عقل ديني جديد، إصلاح طريقة التفكير، وفتح العقول المغلقة وتغيير طريقة المتعصبين في التفكير، والعمل على تغيير رؤية العالم، وتجديد فهم العقائد في الأديان، ونقد العقائد الأشعرية والاعتزالية وغيرها من عقائد المذاهب القديمة.
وأشار إلى أنه لا بد لافتتاح عصر ديني جديد من الرجوع إلى فلسفة التاريخ، والتي «تكشف لنا أن عصور الانتقالات الكبرى لا تتم إلا بتغيير طرق التفكير، وهو ما قام به الأنبياء الكبار والفلاسفة والمصلحون الدينيون والقادة السياسيون الكبار».
وتابع أنَّ المعارك في كل عصور الانتقال من عصر قديم إلى عصر جديد، كانت معارك بين طرق التفكير التقليدية وطرق التفكير الجديدة، لافتًا إلى أنَّ جامعة القاهرة عملت على تطوير العقل وتغيير طرق التفكير، من خلال مقرري التفكير النقدي وريادة الأعمال، ومبادرة تطوير اللغة العربية، وإطلاق مشروع التنمية الاقتصادية والإصلاح الديني وتطوير الامتحانات والمناهج.
تطوير علوم الدين لا إحياء علوم الدين
ورفض رئيس جامعة القاهرة محاولة «إحياء علوم الدين»، ودعا إلى ضرورة «تطوير علوم الدين»، موضحًا أن العلوم التي نشأت حول الدين علوم إنسانية، تقصد إلى فهم الوحي الإلهي، وأن علوم التفسير والفقه وأصول الدين وعلوم مصطلح الحديث وعلم الرجال أو علم الجرح والتعديل، هي علوم إنسانية أنشأها بشر، وكل ما جاء بها اجتهادات بشرية، ومن ثم فهي قابلة للتطوير والتطور، بل قابلة لاستبدالها بعلوم جديدة.
وقال إنه بات من الضروري تفكيك الخطاب التقليدي، والبنية العقلية التي تقف وراءه، وتأسيس خطاب ديني جديد، وأصبح ذلك يمثل حاجة ملحة، ويجب أن نعيد تفكيك هذا النص البشري لكي نعيد بناء العلوم.
التجديد لا يمكن أن يأتي من المؤسسات الدينية الكلاسيكية
وأكد أن التجديد لا يمكن أن يأتي من المؤسسات الدينية الكلاسيكية في أي بقعة من العالم إلا اذا كان لديها القدرة على التخارج والتعلم من دائرة معرفية أخرى، وأنه لا بد أن يأتي التجديد من دائرة معرفية خارجية أو قادرة على التخارج.
وأردف أن جمود اللغة أحد أهم أسباب عجزنا عن تطوير الخطاب الديني؛ وأن تطوير اللغة هو أحد أهم أركان الدخول في عصر جديد، ويجب أن تطال عمليات تغيير طرق التفكير تطوير اللغة؛ لأن اللغة لها دور في نمو المفاهيم والتصورات ومن ثم السلوك، وأن منهجية فهم اللغة تنعكس على الفكر مثلما ينعكس الفكر على منهجية فهم اللغة.
فهم اللغة عند التيار المتشدد أحد أسباب التطرف
وواصل أن أحد أهم أسباب التطرف والتشدد هو طريقة فهم اللغة عند التيار المتشدد الذي يقف عند حدود الحرف وظاهر اللغة كما تشكلت قديمًا وعدم الالتفات إلى السياق التاريخي والاجتماعي للغة، فضلًا عن عدم الالتفات إلى المقاصد.
وشدد على أن الخطاب الديني الجديد لن يتحقق بالصورة المأمولة إلا من خلال الدراسات البينية التي يسهم فيها أكثر من اتجاه علمي، في إطار العلوم الاجتماعية والإنسانية، فالدراسات البينية هي التي تحقق الفهم المتكامل والشامل للظواهر التي يتم دراستها.
وكشف عن الأخطاء المنهجية والمعرفية التي تقع فيها الدراسات الدينية الحالية، مطالبًا بضرورة العمل على تغيير مسار أبحاث الماجستير والدكتوراه من المسار التقليدي إلى مسار منهجيات العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطورها الأخير في الأكاديميات البحثية العالمية، بعيدًا عن التقليد والنقل والاستنساخ.
توثيق الطلاق
ودعا «الخشت» إلى ضرورة توظيف النظريات القانونية الحديثة في تطوير أحكام الشريعة، مثل توثيق الطلاق على غرار توثيق الزواج طبقًا لنظرية الأشكال القانونية المتوازية، فإن انعقاد الطلاق عن طريق توثيقه منطقي في ضوء نظرية الأشكال القانونية المتوازية، فما يتم وفق شكل وإجراء لا بد أن يتم بالشكل والإجراء نفسه.