صلاح الدين اللاتينى
هذا ليس أفيش الفيلم الشهير عن السلطان صلاح الدين الأيوبي، الذى اعتدنا على تمييزه من بين آلاف الأفيشات السينمائية، والذى أخرجه يوسف شاهين عام 1963. ليس هو الفيلم الذى عند سماع اسمه يقفز إلى خاطرنا فورًا فيرجينيا "جميلة الجميلات" التي في ليلة أقل بهاءً من ليلتها سوف تذهب زاحفة إلى خيمة زكي طليمات طلبًا للرفق بها، ولكنه أفيش فيلم "صلاح الدين الأيوبي"الذي تم إنتاجه عام 1941 من إخراج إبراهيم لاما، المخرج الفلسطيني الجنسية والمهاجر وعائلته إلى دولة تشيلي في أمريكا اللاتينية، ويحمل اسم إبراهام لاماس، والفيلم من بطولة شقيقه بدر لاما، أو بيدرو لاماس.
حكاية صلاح الدين الأيوبي التاريخية لها عدة معالجات سينمائية، ومنها المشهورة عربيًا وأخرى أجنبية تخص الدول والأطراف المشتركة فى الحروب المسماة بالصليبية على بيت لحم والقدس، ومن أشهرها -كما أشرنا- أنها نسخة ذات إنتاج ضخم من إخراج العالمي يوسف شاهين.
ما أود قوله هو تحليل الأفيش من عدة جهات، تكمن الأهمية الأولى للأفيش في أسبقية إنتاج الفيلم عربيًا قبل فيلم فيرجينيا وعيسى العوام بما يقارب 22 عامًا، وكان فيلم لاما لم يركز على الحرب منذ بدايتها، ولكن اختص فقط بالفترة التي عانى منها ريتشارد قلب الأسد من المرض، واعتبرها هدنة سلام لإيقاف الحرب وقتل أغصان الزيتون وحمام سلام يوسف شاهين، ولكن لاما انتهزها فرصة هدنة لحشد شباب العرب الغيورين على القدس ودعوتهم للانضمام إلى الجيش العربي لمحاربة الصليبيين، في تقديم جانب مختلف ورؤية مغايرة للقصة التاريخية.
أسند بدر لاما دور البطولة النسائية لزوجته في دور الأميرة الجميلة زوجته بدرية رأفت، أو جوزيفين جورج سركيسي، التي امتهنت التمثيل لسنوات في ظل الأخوين لاما ومن بعد احتراق استوديو لاما بحدائق القبة توقفت عن التمثيل حتى عادت مرة أخرى بتشجيع من المخرج سيد زيادة في فيلم "اللقاء الأخير" عام 1953 أمام عماد حمدي ومحسن سرحان وزهرة العلا، ولكنها توقفت ثانية وفضّلت العيش في مونتريال مع أحفادها.
عودة للأفيش الذي يدعو إلى التأمل والتفكيرفي ماهية مصطلح "عيد رمضان". ألا يعلم أهل الأربعينيات بأن عيد ما بعد رمضان يُسمّى عيد الفطر؟ أم أنها تبعات غزو المصطلحات الوهابية الآتية من شبه الجزيرة إلى مصر في سبعينيات القرن الماضي؟.
على كلٍ أود توضيح أن شهر رمضان كان هو المواسم السينمائية في مصر قبل سباق الدراما التليفزيونية، وقبل بث القنوات في التليفزيون، بالإضافة إلى المصطلحات الُمغايرة التي استخدمها أوائل مبدعي وصناع السينما، مثل كلمة "وضع وإخراج"، والمقصود بها الآن مُعالجة سينمائية وإخراج، أو سيناريو وإخراج وإلى ما ذلك من مصطلحات تترات معتادة في عصرنا الحالي، بالإضافة إلى كلمة "تمثيل" التي تطورت إلى "بطولة".
هذا ولم ينته تحليل الأفيش بعد، ولكن هناك سؤالًا مُلحًا بلا إجابة.. من هم الممثلين العالميون حمدي مصطفى وسيد نصير اللذين أخرجا أحشاء الأرض بحثًا عن تاريخهما السينمائي من قبل أن يتصدر اسمهما الأفيش الرسمي لفيلم "صلاح الدين"، ونعتهما بالبطلين العالميين؛ إلا أنه اتضح أنهما بطلان أوليمبيان في رفع الأثقال وليس في البطولات السينمائية، مما يُذكرنا في التسعينيات بإسناد البطولة السينمائية لأبطال رياضيين من أمثال الشحات مبروك ويوسف منصور، واللذان تصدرا أدوار البطولة السينمائية وهما لا يفقهان شيئًا عن السينما سوي إبراز العضلات.