الإمارات تعفو عن البريطاني ماثيو هيدجز المدان بالتجسس
أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الاثنين، عفوا عن البريطاني ماثيو هيدجز، المحكوم عليه بالسجن المؤبد على خلفية قضية تجسّس، مع تأكيد الاتهامات بحقه، وبأنّه كان يجمع معلومات عن قدراتها العسكرية ودورها في اليمن.
وعبّرت لندن عن "الامتنان" لدولة الإمارات، وقالت إن خطوة العفو عن الشاب البريطاني (31 عاما) أتت انطلاقا من "العلاقات التاريخية والروابط القوية" بين الدولة الخليجية وبريطانيا.
وحسب بيان لوزارة الخارجية الإماراتية، فإن عائلة هيدجز قدّمت "التماسا للعفو" إلى الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "من خلال إرسال رسالة شخصية إلى سموه".
وأضافت الوزارة أن الرئيس الإماراتي قرر أن يكون هيدجز أحد السجناء الـ785 الذين أصدر، يوم الأحد، عفوا بحقهم بمناسبة اليوم الوطني، مشيرة إلى أنّه سيسمح له بمغادرة دولة الإمارات "فور اكتمال الإجراءات الرسمية".
وفي لندن، كتب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، على تويتر: "أخبار رائعة بخصوص ماثيو هيدجز.. رغم عدم موافقتنا على التهم، نحن ممتنون لحكومة الإمارات العربية المتحدة لحل القضية بسرعة".
وبشأن اتهامات التجسس، قال هانت، على إذاعة بي. بي. سي: "لم نر أي أدلة بأنها حقيقية"، متوقعًا الإفراج عن هيدجز "في وقت قريب بالفعل"، وأضاف أنها "لحظة جميلة لا تخلو من مرارة" لوجود بريطانيين آخرين محتجزين "دون وجه حق" حول العالم.. وبدورها عبّرت زوجة هيدجز عن سعادتها لأنباء العفو عنه.
وقالت دانييلا تيخادا، التي شاهدت زوجها لآخر مرة يوم الحكم عليه الأسبوع الماضي، لإذاعة بي. بي. سي: "هذا النبأ غمرنا بسعادة بالغة".
وردا على سؤال بشأن تكرار اتهام دولة الإمارات لزوجها بالتجسس، قالت تيخادا: "في صميم قلبي أعرف بأنه ليس كذلك". لكنها أضافت: "إذا كان هذا مقابل عودته، فأنا أرحب بالنبأ".
جاء الإعلان عن العفو بعدما عرضت على صحفيين، بينهم مراسلة وكالة فرانس برس في أبوظبي، تسجيلات مصوّرة لتحقيقات مع هيدجز يقول فيها إنه عنصر في جهاز الاستخبارات البريطاني "إم آي 6".
ورغم قرار العفو، كرّرت أبوظبي اتهام هيدجز بأنه عمل على جمع معلومات حساسة "لصالح أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية".
وقال بيان تلاه في أبوظبي المسئول الاعلامي الحكومي، جابر اللمكي، إن هيدجز قام بأعمال تجسس حول القدرات العسكرية والاقتصادية للإمارات، وبـ"جمع وتحليل المعلومات العسكرية والسياسية حول دور دولة الإمارات العربية المتحدة في الحرب ضد الحوثيين باليمن"، حيث تقود مع السعودية تحالفا عسكريا دعما لحكومة معترف بها.
كما قام البريطاني بـ"جمع وتحليل المعلومات عن متخذي القرار بالدولة، بمن فيهم أفراد من الأسر الحاكمة".
وأوضح: "اعترف السيد هيدجز بالعمل على جمع معلومات حساسة وسرية عن الإمارات لصالح أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وقد أثبتت الأدلة التي عُرضت على المحكمة من قبل النيابة العامة التهم المسندة للسيد هيدجز، والتي أكدها كذلك اعترافه الصريح بقيامه بالتخابر لصالح دولة أجنبية، الأمر الذي لا يقبل الجدل بإدانة السيد هيدجز".
وأوقف هيدجز في الخامس من مايو في مطار دبي، وقالت عائلته إنه طالب دكتوراه، وكان يجري بحثًا عن سياسات الإمارات الخارجية والأمن الداخلي بعد الاحتجاجات في العالم العربي، وتم الإفراج عنه بشروط وبشكل مؤقت في 29 أكتوبر دون السماح له بالسفر.
والأربعاء الماضي، أصدرت محكمة في أبوظبي حكما بالسجن المؤبد بحق هيدجز بتهمة التجسس.
وذكرت السلطات الإماراتية، في وقت سابق، أن هيدجز قدم إلى الإمارات "تحت غطاء باحث أكاديمي، وثبت من التحقيقات تطابق اعترافاته مع المعلومات التي أسفر عنها فحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة به".
ورغم ذلك قال وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية، أنور قرقاش، في بيان وزارة الخارجية، إن خطوة الإفراج عن هيدجز "تتيح لنا التركيز على متانة العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، والمنافع التي يمكن أن يجنيها كلا البلدين والمجتمع الدولي عمومًا".
وأكّد أن الإمارات "حرصت على أن تكون الأولوية للعلاقات الثنائية بين البلدين خلال المباحثات التي جرت في الأشهر الخمسة قبل الشروع في الإجراءات القضائية، كانت هذه المسألة واضحة، ولكنها أصبحت تزداد تعقيدًا بلا داع رغم كل الجهود التي بذلتها دولة الإمارات".
وتابع قرقاش: "إن مَكرُمة العفو الرئاسي المُعتاد تسمح لنا بإغلاق هذا الجزء والتركيز على الجوانب الإيجابية العديدة لهذه العلاقة".
وجاء في البيان الرسمي، الذي تلاه اللمكي، أن القضية "تتعلق بجريمة تمس أمن دولة الإمارات وسيادتها، وليست قضية سياسية أو قضية رأي وحقوق إنسان".