لماذا كتب صلاح عبدالصبور قصيدة «لقاء»؟
على مقهى الطلبة في الزقازيق بقرية «الحلوات»، التقى الشاعر «صلاح عبدالصبور»، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، بـ"مرسى جميل عزيز»، و«عبدالحليم حافظ»، ولم يكن «عبدالحليم» في تلك الفترة معروفًا، وكانت تربطه علاقة صداقة قوية بالملحن كمال الطويل، وحينما عين الطويل في الإذاعة طلب من عبدالحليم أن يقدم طلبًا ليصير مغنيًا بالإذاعة.
وأثناء تقدمه للإذاعة طلب من عبدالحليم أن يقدم أغنية حددتها له الإذاعة إلا أنه رفض ذلك، لأنها لم تعجبه، إذ كانت كلماتها ركيكة ومتواضعة، رفض حليم أداء الأغنية، لأنه كان يريد أن يقدم نفسه للناس في أحسن صورة، وخلال لقائه بـ«عبدالصبور» طلب منه أغنية يتقدم بها للإذاعة وسيلحنها له كمال الطويل فكتب له قصيدة «لقاء».
وكانت القصيدة مكونة من 14 بيتًا وعند التلحين والتجهيز اختار منها الموسيقار كمال الطويل ثمانية أبيات فقط ولحنها وسجلها عبدالحليم حافظ وفي عام 1953 تم إذاعتها فاحدثت قبولًا حسنًا عند محبي الغناء ومهدت الطريق لنجاح وشهرة عبدالحليم حافظ.
«صلاح عبدالصبور»، ولد في 3 مايو 1931 بمدينة الزقازيق، والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية في عام1947 وفيها تتلمذ علي يد الشيخ أمين الخولي الذي ضمه إلى جماعة «الأمناء» التي كوّنها، ثم إلى «الجمعية الأدبية» التي ورثت مهام الجماعة الأولى، وكان للجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر.
وتخرج «عبدالصبور» عام 1951 وعين بعد تخرجه مدرسًا في المعاهد الثانوية ولكنه كان يقوم بعمله على مضض حيث استغرقته هواياته الأدبية، وبدأ ينشر أشعاره في الصحف واستفاضت شهرته بعد نشره قصيدته «شنق زهران» وخاصة بعد صدور ديوانه الأول «الناس في بلادي» إذ كرسه بين رواد الشعر الحر مع نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وسرعان ما وظف صلاح عبدالصبور هذا النمط الشعري الجديد في المسرح فأعاد الروح وبقوة في المسرح الشعري الذي خبا وهجه في العالم العربي منذ وفاة أحمد شوقي عام 1932.
وتميز مشروعه المسرحي بنبرة سياسية ناقدة لكنها لم تسقط في الانحيازات والانتماءات الحزبية، كما كان لعبدالصبور إسهامات في التنظير للشعر خاصة في عمله النثري حياتي في الشعر، وكانت أهم السمات في أثره الأدبي استلهامه للتراث العربي وتأثره البارز بالأدب الإنجليزي، وأصبح أحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربي ويعدّ واحدًا من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة في التأليف المسرحي، خاصة في مسرحيته «مأساة الحلاج».
في 13 أغسطس من العام 1981 رحل الشاعر صلاح عبدالصبور إثر تعرضه إلى نوبة قلبية حادة أودت بحياته، إثر مشاجرة كلامية ساخنة مع الفنان الراحل بهجت عثمان، في منزل صديقه الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وكان عبدالصبور يزور حجازي في منزله بمناسبة عودة الأخير من باريس ليستقر في القاهرة.