الراقص مع الكلاب: رسام يعشق أصالة ويتمنى استكمال تعليمه (فيديو)
صبي لا يتجاوز عمره الخامسة عشر ربيعًا، يجلس في أحد الأماكن العامة ممسكًا بألوان وبجوراه لوحات انتهى للتو منها، لكن جمالها الملفت يجذب المارة الذين يحاولون الإعجاب بها بنظرة رضا يخطفونها للطفل الفنان، ومحاولة آخرين الاقتراب منه لمعرفة سبب تواجده في ذلك المكان، معرّفًا نفسه بتباهي بأنه معروف وسط أقرانه بـ"الراقص مع الكلاب" مجرّدًا نفسه من هويته الأصلية التي يجيد فنونها، ليتعاطف معه الكثيرين، مودّعينه بدعوات التميز:«ربّنا يطرح فيك البركة يا بني».
عاد عبدالرحمن إلى ملجئه المعتاد بين أحضان الكلاب، كان من الواضح على ملابسة وهيئته أنه يمكث منذ أيام في الشارع مؤكدًا لـ«الدستور» أن معاملة أقاربه ووالده لم تتغيّر للأحسن، فكانوا يظنون أن أحد رجال الأعمال المتطوعين سيقدموا على دفع مبالغ ضئيلة شهريًا ومن هنا شرعوا في أخذ الطفل والمكوث مجددًا في المنزل ولم يتغير الوضع وبعد أيام عادت المعاملة السيئة وهرب عبدالرحمن مجددًا إلى «أبو الغضب» الكلب الذي رافقه طوال فترة الشارع.
«عبدالرحمن الرّاقص مع الكلاب»، هكذا عرّف نفسه لنا بعد أن رأيناه جالسًا ممسكًا بيده ألوان يخط بها دون توقف وتجلس بجانبه الكلاب على أحد الأرصفة ميدان طلعت حرب وتحديدًا أمام جروبي، لترتسم على ملامحه نظرات الفرح عند علمه بأنه يمكن أن يتواصل مع الإعلام من جديد، فتقدم بالتحية وبدأت حدقتا عينيه تتسع سرورًا: "أنا بحب الرسم، وأصالة نصري، ونفسي أكمّل دراسة" تلك الكلمات لم تفارق حديثة كانت علامات التشبث واضحة في أداء عبدالرحمن فهو يرغب في حياة بسيطة ليس بها سواءً كراسة رسم وألوان وصديق يحبه منذ نعومة أظافره.
كان عبدالرحمن يدّخر يوميًا مبلغًا بسيطًا؛ حتى يتمكن من شراء كلب طالما حلم بوجود صديق وفي، اهتم بخمسة كلاب من الشارع واطلق عليهم أسماء "أبوالغضب، جوليا، فريسكا، بندقة، ويليام":«هم أصدقائي المقربين وبالأخص أبو الغضب هو أقدم صاحب اعتدت الحديث معُهـ فأحيانًا أشعر وكأنه يفهم ما بداخلي»، فأنا أجلس صباح كل يوم أفكر في عمل رسومات جديدة، لكن يده وعقله مصرّين على الأشكال المختلفة من الديناصورات، قام ببيع المئات منها سواء لأصحاب محال أو سائحين، فهو يمكث يوميًا في مقاهي الإنترنت الذي يعتاد التواجد بها بعد الانتهاء من الرسوم المطلوبة، لا يحب التدخين ولن يسمح لنفسه فعل ذلك.
يواصل الراقص مع الكلاب: «أملك جسد كي أبينة وأتابع بروس لي؛ حتى أتعرف على بعض الحركات والتمارين لأصبح ذات بنية أقوي».
بدأ عبدالرحمن يتلقى المساعدات من مصريين وسيّاح صينيين، وحصَل على كراسة رسم وألوان وبعض الصلصال وتمكّن من بيع لوحاته لكسب قوة يومه، تمحورت جميع رسوماته على أشكال الديناصورات تراوحت أسعار اللوحات من 10 - 50 جنيهًا، ليبات سعيدًا وهو يدس قروشه في جيبه، لاستكمال أحلامه على نغمات الكينج محمد منير التي تأتي تتهادى من بعيد: «لو بطّلنا نحلم نموت.. لو عاندنا نقدر نفوت".