رغم المخاطر المنتظرة..
"السلكاوي" طريقة صعيدية للهروب إلى جحيم ليبيا
مازالت ظاهرة الهروب من الفقر إلى ليبيا مستمرة، رغم التشديدات الأمنية التي تقوم بها السلطات المصرية والليبية وقوات حرس الحدود؛ لمواجهة تسلل المهاجرين، والذي يأتي في مقدمتها أبناء محافظات الصعيد خاصة الفيوم والمنيا وأسيوط.
يوجد نوعان من الهجرة، الأولى الهجرة عن طريق الحدود المصرية الليبية، والتي يسميها البعض بـ"السلكاوي"، عبر الدروب الصحراوية، والثانية الهجرة عن طريق البحر باستخدام القوارب ومراكب الصيد، وتكون أكثر خطورة.
أرجع البعض تكرار عمليات الهجرة إلى ليبيا بسبب ارتفاع نسب البطالة بين الشباب، وخاصة الفئة العمرية 20 ـ 40 عامًا، طبقا للبيانات المتاحة ومع تزايد عدد العاطلين الذي تعدى 4 ملايين، مما قد يجعل من بعضهم أشخاص هامشيين أقرب إلى ضعف الانتماء واللامبالاة.
ويؤكد اللواء العناني حمودة مدير أمن مطروح، أن أزمة الهجرة غير الشرعية تفاقمت عقب ثورات الربيع العربي، ومع الانفلات الأمني في ليبيا، وزيادة جرائم تجارة تهريب العمالة المهاجرة غير المشروعة عبر مصر وليبيا، ويقوم بهذه التجارة سماسرة ووسطاء يحملون الشباب اليائس عبر رحلات خطرة غير مأمونة، حيث بلغ عدد المهاجرين ممن تم ضبطهم إلى نحو 6 آلاف مهاجر منذ ثورة 25 يناير في مصر و17 فبراير في ليبيا.
وبحسب الإحصاءات أصبحت محافظات الصعيد، أكثر المناطق المصرية تصديرًا للهجرة غير الشرعية إلى ليبيا، ولم تقتصر هذه الهجرة على الراشدين، بل تطاول الأطفال دون الخامسة عشر، فيما تعبر محافظات الفيوم والمنيا الأكثر تصديرا للشباب فوق سن 18 عامًا.
وحسب المصادر، تقع نقطة انطلاق الرحلات غير الشرعية في واحة سيوة، ومدينة السلوم، التي تعتبر أقرب نقطة إلى الحدود الليبية، حيث يسدد المرشحون للهجرة كلفة الرحلة التي تتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف جنيه.
ويروي شهود عيان، أن كثيرين من المصريين يصرون على إكمال رحلة الهجرة، معرضين حياتهم للخطر، بصفة يومية، وسط الصحراء، دون طعام أو شراب، وهذا غالبًا ما يؤدي إلى حالات وفاة، وبعضهم يُقتل، وتترك الجثامين في الصحراء، ومن ينجو من الموت يجد عناصر حرس الحدود في انتظاره، ويلقون القبض عليه ليتم ترحيله، ومن ينجح في الهرب يجد نفسه أمام سلسلة لا تنتهي من الصعوبات، تجعله يكتشف مرارة الواقع الليبي، ويستيقظ من وهم الثراء، وغالبا ما تتحول حياته مأساة.
ويقول رمضان محمود، أحد عمال التراحيل من محافظة الفيوم، إنه اعتاد السفر إلى دولة ليبيا منذ 7 أعوام، أملا في الحصول على لقمة عيش، بعد حصوله على دبلوم صناعي وإنهاء خدمة التجنيد ولم يجد عمل، مؤكدا أنه تم ترحيله وحاول العودة مرة أخرى لعدم وجود عمل مناسب في مصر.
ويؤكد شريف ممدوح، عامل، أنه سافر رغبة في توفير تكاليف الزواج لكنه واجه مخاطر عديدة وغير متوقعة في ليبيا، حيث يتعرض المصريون للسرقة والضرب، ولا توجد جهة أمنية يشتكون لها.
ويضيف محمد مصطفى، من محافظة المنيا، بعت ذهب زوجتي بـ 5 آلاف جنيه، ودفعتهم لأحد السماسرة نظير تسهيل دخولي إلى ليبيا عن طريق واحة سيوة، وعندما وصلت سيوة، وجدت ما يقرب من 90 شخصًا قام السماسرة باحتجازهم في مزرعة حتى يكتمل العدد في مأساة لا تنتهي.