أعياد مصرية رغم التحديات
نحتفل حالياً بأعياد الربيع بنكهة مصرية خالصة. فما يحدث- فى أم الدنيا من المؤكد أنه يختلف عن أى دولة أخرى فى العالم، هكذا تقول لنا صفحات التاريخ منذ نعومة أظافرنا ، وهكذا هى الحقيقة التى يقرها العالم إلى حد أن الهوس بالحضارة الفرعونية وتاريخ مصر الفرعونية تصدر عشرات الكتب فى أنحاء العالم فى كل عام، وهذا الهوس تلمسه حين تذهب إلى فرنسا وإلى ألمانيا بشكل ملحوظ، فلقد بدأ التاريخ هنا فى أرض مصر ، ولاتزال مصر تشكل الأحداث فى المنطقة بل وفى العالم.
ولا توجد دولة فى العالم يحتفل مسلموها ومسيحيوها بالأعياد معاً إلا مصر، فنحن اليوم نحتفل بعيد شم النسيم وهو عيد فرعونى أصيل كان يؤذن بداية الربيع ويطلق عليه «شمو» فى مصر الفرعونية، حيث يخرج المصريون إلى الحدائق والمتنزهات للاستمتاع بالجو البديع وبالزهور والخضرة.
وبالأمس احتفلنا فى مصر بعيد القيامة المجيد، حيث اُضيئت الكنائس وعلت أصوات الترانيم والصلوات، وتبادل المصريون مسلمين ومسيحيين التهانى بمناسبة الأعياد، أن ما يحدث فى مصر المحروسة ليس بدعة أو أمراً جديداً علينا، فلقد نشأنا وتربينا على المحبة والصداقة والشراكة وحب الوطن، مسلمينا ومسيحيينا معاً، أما مسألة محاولات التفرقة بينهما فى رأيى فإنها لن تنجح أبداً ولا حتى بعد مائة عام، ففى البيوت والمدارس والأندية والمؤسسات وفى كل المجالات كبر المسلم والمسيحى معا دون أن يفرق بينهما أى شىء، أما أن يظهر علينا من يحاولون زعزعة هذه التركيبة التاريخية التى أصبحت إحدى سمات الشعب المصرى، فإن المصريين أذكى من أن يخدعهم مخطط كشفوه وأدركوه ويكتشفون فى كل يوم حقائق جديدة ومعلومات جديدة عن محاولات تقسيم وإضعاف مصر عن طريق زرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين.
إننا شعب يحب البهجة والفرح والضحك وإلقاء النكت حتى فى أثناء الأزمات والمحن، وإذا كان بعض ممن مازالوا يطلقون على انفسهم دعاة يستغلون الدين لتحقيق مآرب دولية لإضعاف مكانة مصر، فإن علينا نحن الكتاب والإعلاميين والمثقفين أن نكشف الحقائق للشعب أولاً بأول، وأن نقوم بتصحيح المفاهيم المغلوطة التى يحاول أن يبثها المتآمرون حول أشقائنا وأهالينا من المسيحيين، ولابد أن يقوم الأزهر الشريف بدوره بإصلاح وتنقية مناهجه التى تحض على التطرف وأن يرد أولاً بأول على تزوير الدين الإسلامى الذى يقوم به بعض مدعى الدين حول الدين أشقائهم فى الوطن.
ومحاولات إثارة الفتن باستخدام الدين، ومطلوب مراقبة وتصحيح ما يحدث، والوقوف فى وجه الذين يريدون ان يعيدونا إلى زمن وأد البنات أى بعبارة أخرى إلى عصر الجاهلية، ومطلوب من كل أم أن تحتوى أبناءها حتى لا تتلقفهم الأيدى المتطرفة والمتآمرة على سلامة الوطن. دعونا نخرج ونحتفل ونستدعى أجمل ما فى العادات والتقاليد الاحتفالية التى نشأنا عليها، فنتبادل التهانى لأنها طقوس رائعة تنشر البهجة فى ربوع الوطن، وهى موجودة بيننا منذ قديم الأزل، ودعونا نلون البيض ونتبادل الكعك والحلوى والمحبة، لأن فى الشعب المصرى المحب للوطن مزايا وسمات لابد أن نحافظ عليها فى مواجهة من يريدون أن يشبعوا بيننا الكراهية والفوضى والصراعات وحقيقة الأمر أننا شعب محب للحياة وللبهجة ولدينا شوق للفرح والاحتفال.
وأهلاً بأعياد الربيع وكل عام ومصر بألف خير.