رغم اعتراض النيابة الإدارية..
إرسال قانون "الخدمة المدنية" لمجلس الوزراء
أرسل قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدي العجاتي، مشروع قانون الخدمة المدنية، إلى مجلس الوزراء بعد مراجعته من الناحية القانونية والدستورية، تمهيدًا لإصداره.
يأتي ذلك على الرغم من اعتراض النيابة الإدارية على القانون لأنه يكرس الفساد والرشوة.
وتدارس القسم، المشروع، في ضوء أحكام الدستور والقوانين ذات الصلة، ورئيس هيئة النيابة الإدارية بشأن النص المتعلق باختصاصها مشروع القانون، وكتاب رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء بشأن ملاحظات وزارة المالية وهيئة النيابة الإدارية على المشروع، وذلك على مدار عدة جلسات، حضرها المستشار الدكتور محمد جميل، نائب رئيس مجلس الدولة، مفوضًا عن وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري للرد على استفسارات القسم.
وقرر مشروع القانون في المادة الأولى منه، على "أن يعمل بأحكامه المرفقة في شأن الخدمة المدنية، وتسـري أحكامه على الوظائف في الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحـدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، وذلك ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك".
ويلغي مشروع القانون الجديد، قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1978.
ويُصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون، خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به، وإلى أن تصدر هذه اللائحة؛ يستمر العمل باللوائح والقرارات القائمة حاليًا.
وقال مصدر قضائي بمجلس الدولة: "إن اعتراضات النيابة الإدارية على مشروع قانون الخدمة المدنية ﻻ صحة لها، مؤكدًا على أن القانون ﻻ يسلب اختصاصاتها".
وأشار المصدر إلى أن وزارة التخطيط استجابت لملاحظات النيابة بشأن المادة 57 من مشروع القانون، التي تنص على اختصاص النيابة الإدارية دون غيرها بالتحقيق مع شاغلي وظائف الإدارة العليا، وفي المخالفات المالية التي ترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للوحدة.
كما تتولى النيابة الإدارية التحقيق في المخالفات الأخرى التي تحال إليها، ويكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة للسلطة المختصة في توقيع الجزاءات أو الحفظ.
وكان نادي النيابة الإدارية، عقد مؤتمرًا مطالبًا رئيس الجمهورية بعدم إصدار القانون، وأعلن المستشار عبد الله قنديل، رئيس النادي، أسباب اعتراض النيابة على مشروع القانون ومن ضمنها سلبه لاختصاصات النيابة، وجعلها قاصرة على المخالفات المالية التي يترتب عليها ضررًا ماليًا يتعذر تداركها.
وقال المستشار عبد الله قنديل، رئيس مجلس إدارة نادي مستشاري النيابة الإدارية، إنهم يعترضون على قانون الخدمة المدنية لأسباب عديدة من أهمها أن ذلك القانون يقنن الرشوة ويلغي بعض اختصاصات النيابة الإدارية.
وأكد "قنديل" على أن مشروع القانون يجيز للموظف العام أن يقبل هدايا في حدود 300 جنيه، مؤكدًا أن النيابة الإدارية لن تتمكن من التحقيق معه وفقا للقانون باعتبار أن المبلغ لن يترتب عليه أضرار جسيمة.
وأضاف "قنديل" أن مستشاري النيابة العامة يعترضون على منع المرأة العاملة من الترقية إذا كانت مرافقة لزوجها للعمل في الخارج، وهو ما يعني إكراه الزوجة على مفارقة زوجها بقصد العودة للعمل حتى تحافظ على حقها في الترقية، مشيرا إلى أن المشروع سيؤدي لقطع الرباط الأسري، ما يصفه بعدم الدستورية.
وأكد "قنديل أن النيابة الإدارية تحاول وستظل تحاول عدم تمرير هذا القانون تمامًا، لأنه يمثل كارثة حقيقية، وفي حالة إقراره؛ سيلتزم به الجميع إلى أن يتم الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية لتصدر حكمها بانعدامه بسبب ما شابه من عوار"، بحسب تعبيره.
وأوضح "قنديل" أن مشروع قانون الحماية المدنية المزمع إصداره، جاء مخيبا للآمال؛ لما لحقه من عوار، مشيرًا إلى أنه طالب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء، إبراهيم محلب، بوقف تمرير ذلك المشروع؛ لأنه يسلب اختصاصات النيابة الإدارية، ويخالف دستور الثورة الذي لم يجف حبره - بحسب قوله.
وأكد أن القانون يهدر- عن عمد- روح ثورتي الشعب المصري في 25 يناير و30 يونيو، واللتان استهدفتا القضاء على الفساد المالي والإداري بأروقة ودواليب العمل الحكومي العام، لافتا إلى أنه يحجب كثيرا من الجرائم عن اختصاص النيابة الإدارية، وتناسى واضعوه كثيرا من الجرائم التأديبية ذات الخطورة الشديدة.
وأوضح "قنديل" أن المشروع أتى بمفارقة في غاية الخطورة، مفادها أنه ينص على اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق مع شاغلي الوظائف العليا مطلقا، أي مهما كانت المخالفة مسندة إليهم بوصفها وقيمتها، وبشأن من هم دون ذلك من الدرجات الوظيفية يشترط أن يكون هناك ضررا ماليا محققا ويقتصر اقتضاءه، وهو أمر يتصادم مع العقل والمنطق ويدفع بشاغلي الوظائف القيادية إلى الهروب من المسائلة وتحميل غيرهم أمور المرفق العام.
وقال إن المشروع يتصادم مع الدستور الحالي للدولة، والذي أفرد نص المادة 197 منه للنيابة الإدارية وأكد خلالها الطبيعة القضائية لها واختصاصها بالمخالفات المالية والإدارية دون سمة تحديد أو قيود، كما يتصادم مع اتفاقية مكافحة الفساد التي أعدتها الأمم المتحدة، ووقعت عليها مصر عام 2005، والتي توجب على كل دولة طرف في الاتفاقية اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة لمكافحة الفساد والقضاء عليه - بحسب قوله.
ومن جانبه، قال المتحدث الرسمي لنادي النيابة الإدارية المستشار أحمد جلال، إن مشروع قانون الخدمة المدنية المزمع إصداره؛ يكرس للفساد، ويتيح الفرصة لمؤسسات الدولة بالتستر على المخالفات المالية بزعم أنها لا يترتب عليها أضرار مالية.
وأضاف أن المشرع حينما أنشأ هيئة النيابة الإدارية، كان غرضه حماية المال العام، من قبل جهة قضائية تختص بمراقبة ومحاسبة الموظف العام.