الإذاعة تعود للواجهة وتنافس التلفزيون بعد غياب طويل
شهدت الإذاعة هذا العام عددا من الأعمال الدرامية المتميزة، وبرغم أنها تحمل مضمونا هادفا، ويقدمها كثير من النجوم الكبار على رأسهم أحمد حلمي بمسلسل "أزمة نفسية"، ويسرا مع صلاح عبد الله بـ "دخان شحاتة"، ومحمد هنيدي بمسلسل "شوربة السياحة" إلا أن هذه المسلسلات لم تحظ بنسبة استماع عالية مقارنة بالمسلسلات الدرامية التي تذاع على كافة القنوات الفضائية، وأصبح من الخطر أن يستمر الوضع كما هو الآن.
أكد الناقد الفني طارق الشناوي، أن الموضوع يعود إلى السوق، فبرامج ومسلسلات رمضان قديما كان جزء كبير منها إذاعية، إلا أنها تغيرت حسب ذوق المشاهد، حيث أصبح الجمهور يفضل الصورة.
وأضاف: "زمان الناس كانت بتسمع فؤاد المهندس"، لكن هذه العادة تغيرت وأصبحت تستمع إلى المدفع على التلفزيون بدلا من مدفع الراديو، وكان الكثير يتابع عمر بطيشة، وفزورة آمال فهمي.
ورغم ذلك إلا أنه رأى أن الإذاعة حاليا بدأت تستعيد ولو بنسبة بسيطة إنجازاتها القديمة ونجاحا ملموسا، والدليل على ذلك أنه أصبح يتواجد أكثر من مسلسل في الإذاعة يتم إنتاجه من الإذاعات الخاصة.
وقال الفنان أشرف عبد الغفور: إن في الفترة الأخيرة بدون شك "العجلة دارت" بالنسبة للإذاعة، وبدأت تستعيد قوتها من جديد، مؤكدا أنه كما للتلفزيون جمهور فالإذاعة أيضا لها جمهورها، وسيظل له مستمعون من بينهم المسافرون، والعاملون بالأحياء الشعبية، والورش.
ورأى الناقد والمؤلف محمود قاسم، أن الدول العربية الأخرى تسلط الضوء على الإذاعة مثلما تفعل مع التلفزيون فيعرض له على سبيل المثال مسلسل درامي يومي لمدة ربع ساعة بعنوان "رحلة السندباد الأخيرة" على إذاعة سلطنة عمان ثلاث مرات في اليوم وله نسبة استماع قوية، رغم المنافسة الشديدة، ويعرض في مصر له مسلسل "ليلى في الفيسبوك" وهو مسلسل يومي للأطفال.
وأكد "قاسم" أن جمهور الإذاعة ظالم وغير مهتم، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في المستمعين من جهة لأنهم يستمعون للإذاعة في سياراتهم كوسيلة للتسلية فقط، دون أن يحمل أي منهم ذكريات للقصص التي يسمعها، ومن جهة أخرى فالنقاد لا تهتم بالمسلسلات الإذاعية بالقدر الكافي، فبالتالي رجع الصدى يكون قليلا، علاوة على أن الدراما التلفزيونية تعد مبهرة للعين، ووجود عدد كبير من المحطات الفضائية يتجاوز 300 قناة تجعل الجمهور يتشتت، فكيف تنافس الإذاعة هذا الكم الهائل؟
كذلك قارن ما يحدث في مصر بالدول العربية الأخرى، فعلى سبيل المثال تهتم دول كسلطنة عمان والبحرين بالإذاعة وجمهورها يستمع إليها في منزله، ويقام مهرجان في البحرين سنويا للإذاعة والتلفزيون.
وبالنسبة للمتابعة، ففي مصر محطات قليلة تحوز على إعجاب الجمهور يأتي على رأسها إذاعة القرآن الكريم، ويليها إذاعات الأغاني، وراديو 9090، كذلك إذاعة الشباب والرياضة التي قدمت في هذا الشهر برامج قوية، بينما المحطات الرسمية لا تلفت انتباه المستمعين كالبرنامج الثالث رغم أهميته، وإذاعات الكبار.
وقال مجدي الطيب، الناقد الفني: "نعترف بأن ظاهرة الاستماع للراديو ولى زمانها"، وبالتالي الاهتمام الآن كبير جدا لمشاهدة القنوات الفضائية والأرضية، ومنذ سنوات وتتعرض المسلسلات الإذاعية لظلم كبير، التي من الممكن أن تكون ذات مستوى رائع ومأخوذة أحيانا من نصوص أدبية، ولكنها في النهاية تتعرض لظلم كبير بسبب الدراما التلفزيونية.
وأضاف: "في فترة من الفترات كنا نعطي مساحة من اهتمامنا للراديو، خصوصا فيما بعد أذان المغرب حيث كنا نستمع إلى صوت المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت، ويليه تواشيح النقشبندي، ثم فزورة آمال فهمي، وبعدها المسلسل الرئيسي".
إلا أن هذه الطقوس تغيرت في السنوات الماضية، حيث بدأ الاهتمام بالتلفزيون وبرامجه رغم سخافتها وتفاهتها، والإعلانات التي تتمتع بمستوى رديء للغاية، وحتى المسلسلات نفاجأ بإيقاف التدفق الدرامي فيها بسبب الإعلانات، ورغم كل هذه المظاهر إلا أن أحدا منا لم يقرر العودة للاستماع للراديو، والاستمتاع بالمسلسلات الإذاعية.
واقترح "الطيب" أن تفسح القنوات الفضائية، وعلى رأسها التلفزيون المصري مساحة ما بعد أذان المغرب لمدة ساعة تخصص للمسلسلات الإذاعية، ورغم صعوبة الاقتراح وصعوبة التنفيذ، إلا أن هذا من الممكن أن يعيد الإذاعة ومسلسلاتها وجمهورها الذي اختفى.