رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اقتراب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة برعاية مصرية

جريدة الدستور

كشفت تقارير صحفية عن أن مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» شهدت تقدمًا ملحوظًا، فى ظل تقديم كلا الجانبين «تنازلات كبيرة» قد تمهد الطريق نحو اتفاق نهائى، خلال الأيام القليلة المقبلة.

وحسب وسائل إعلام، فقد سجلت الأيام الأخيرة فى المفاوضات «اختراقًا كبيرًا» بفضل التحركات المصرية، وسط عمل مصر على إقناع الطرفين بقبول صيغة أولية لوقف إطلاق النار، تشمل تهدئة فورية لمدة ٤٨ ساعة كخطوة أولى، يليها فتح المعابر تحت إدارة فلسطينية لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية للمدنيين داخل القطاع، ثم وقف إطلاق النار لمدة تصل إلى ٦٠ يومًا فى المرحلة الأولى، يتم خلالها تبادل المحتجزين والأسرى الفلسطينيين.

ويستند الاتفاق المطروح حاليًا إلى الصفقة التى تم عرضها على الجانبين، فى أواخر مايو الماضى، ووافق عليها بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، قبل أن يتراجع عنها لاحقًا.

ومن المخطط تنفيذ الصفقة الحالية على عدة مراحل، الأولى تشمل خطوات إنسانية لمدة تتراوح بين ٧ و٨ أسابيع، تطلق إسرائيل خلالها سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، مقابل إطلاق «حماس» سراح عدد من المحتجزين لديها.

ويتضمن الاتفاق وقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين ٤٥ و٦٠ يومًا، يتم خلالها تبادل الأسرى والمحتجزين، وترتيب الأوضاع الأمنية فى قطاع غزة. وفى الخطوة التالية، يتم تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، وتبدأ القوات الإسرائيلية فى الانسحاب التدريجى من المناطق المتفق عليها، وصولًا إلى انسحاب كامل فى المراحل اللاحقة.

بعد ذلك، وضمن المرحلة الأولى أيضًا، يتم إيصال المساعدات والآلات والمعدات، وسيتم تجديد المستشفيات وبعض الخدمات العامة داخل القطاع، على أن ينسحب الجيش الإسرائيلى إلى الحدود الشرقية لقطاع غزة.

وتسمح إسرائيل بعودة تدريجية للنساء والأطفال الفلسطينيين، الذين ليسوا فى سن القتال، إلى مناطق شمال قطاع غزة. ولن تتضمن المرحلة الأولى انسحابًا كاملًا للجيش الإسرائيلى، مع الحصول على ضمانات لإنهاء الحرب بشكل كامل داخل القطاع.

ومن المرجح أن تشهد المرحلة الثانية للاتفاق إطلاق سراح الجنود والشباب المتحتجزين لدى «حماس». وفى المرحلة الثالثة سيتم الإفراج عن جثث المحتجزين فى غزة. ووفق التقارير، سلمت «حماس» قائمة بأسماء المحتجزين الموجودين لديها للوسطاء، من أجل الاتفاق حول الدفعات التى سيتم تبادل الأسرى الفلسطينيين بهم.

ويتوقع أن توافق «حماس» على إطلاق سراح المحتجزين من كبار السن أو ذوى الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى عدد من المجندات الإسرائيليات، مقابل أن تفرج إسرائيل عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين فى سجونها.

وتتميز الصفقة الحالية بأنها اتفاق مرحلى، أى أن التزام إسرائيل و«حماس» بتنفيذ كل مرحلة يقودهما إلى الانتقال للمرحلة التالية. وتشمل بنودها انسحابًا تدريجيًا للجيش الإسرائيلى إلى خارج القطاع، وكذلك الانسحاب من محورى «فيلادلفيا» و«نتساريم».

وأكدت التقارير أن حركة «حماس» أبدت مرونة ملحوظة فى المفاوضات الأخيرة، بعد أن بدلت مطلبها بوقف كامل للحرب والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلى من قطاع غزة، بأن تكون هناك ضمانات لعدم عودة إسرائيل للقتال تلقائيًا مرة أخرى، بالإضافة إلى تنفيذ الانسحاب بشكل تدريجى.

وتواصل «حماس» الإصرار على عدة شروط أساسية، أهمها إمكانية إعادة الفلسطينيين إلى منازلهم التى نزحوا منها فى شمال قطاع غزة. كما وافقت على تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، ضمن ترتيبات تشرف عليها مصر.

وقدمت إسرائيل تنازلات فى إطار المفاوضات، فأبدت استعدادها للانسحاب من بعض المناطق فى قطاع غزة كجزء من الاتفاق، مع الإبقاء على وجود محدود فى محورى «نتساريم» و«رفح»، خلال المرحلة الأولى فقط من الاتفاق.

ووافقت إسرائيل على إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكوم عليهم بالمؤبد، مقابل إفراج «حماس» عن نحو ٣٠ محتجزًا إسرائيليًا، بين أحياء وجثث.

فى المقابل، تحذر مصادر فى إسرائيل من الإفراط فى التفاؤل، وتؤكد أن الفريق المفاوض يحافظ على الصمت تجاه ما يحدث خلف الكواليس أملًا فى إتمام الاتفاق هذه المرة، حسبما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وتحدثت تقارير إسرائيلية وأمريكية حول المواعيد المرجحة لبدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل، خاصة بعد انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، موضحة أن الاتفاق من الممكن أن يتم توقيعه بالتزامن مع عيد «الحانوكا» اليهودى، الذى يحل هذا العام يوم ٢٥ ديسمبر، أى بالتزامن مع «الكريسماس»، أو فى الأيام التى تليه، حسبما نشرت صحيفة «يسرائيل هيوم» فى وقت سابق.

وقالت مصادر إسرائيلية أخرى مطلعة على المفاوضات إن هناك تفاؤلًا بالفعل حول تحقيق «اختراق» فى عدد من القضايا التى كانت عالقة فى تنفيذ الصفقة، لكن دون ترجيح أى توقيت لإتمامها.

فى السياق ذاته، قال مسئول إسرائيلى إنه إذا وافقت «حماس» على كل البنود المطروحة حاليًا، وقدمت قائمة بجميع المحتجزين الأحياء لديها، وحدث توافق على عدد الذين تريد إسرائيل إعادتهم فى المرحلة الأولى، فسيكون هناك اتفاق على الفور، مضيفًا: «نحن لا ننتظر عيد الحانوكا، ولا الرئيس ترامب، ولا وقتًا آخر، زيادة عدد المحتجزين الذين سيتم إطلاق سراحهم على قيد الحياة هو الاتجاه الذى نسير فيه الآن».

ورغم ذلك التصريح الحديث، تظهر التقديرات فى إسرائيل أن تل أبيب لديها طموح بالتوصل إلى اتفاق خلال ديسمبر الجارى، ربما بالفعل خلال عيد «الحانوكا»، أو على أى حال قبل تنصيب ترامب، فى ٢٠ يناير ٢٠٢٥.