حنانيكم أيها الموتورون
تعلمنا فى علم المنطق أن المقدمات تؤدى إلى النتائج، وهذا ما ينبغى أن نُسلّم به وأن ننتهجه أسلوبًا عندما نرد على من يتحدثون أو يناقشون أو حتى يختلفون بالعقل والمنطق. فمثلًا، حين يخاطبنا أحدهم أو حين نسمع بعضهم وهو يهاجم ما أقدمت عليه الدولة خلال العقد الأخير بتوجيه جُل اهتمامها بمشروعات البنية التحتية فى مجالات الطرق والكهرباء والاتصالات وغيرها من المرافق الحيوية، فلا سبيل لمناقشته إلا بالحُجة.
أما أولئك الذين يكتفون بإطلاق صيحات الاعتراض دون حُجة أو برهان يؤكد ما ذهب إليه تفكيرهم، فإن إقناعهم ضرب من ضروب المستحيل. لقد بُح صوت العقلاء فى محاولة إيضاح الصورة أو إفهام هؤلاء وأولئك ممن ادّعوا عدم الفهم، إذ ليس من الطبيعى أن يكون هناك عاقل أو إنسان ناضج شاهد كيف كان حال مرافقنا قبل عشرة أعوام من تردٍ وسوء حال، ثم تجده مُصرًا على رأيه بأن الدولة قد أخطأت فى حساب الأولويات.
إذ أين لنا بمستثمر- أجنبيًا كان أو مواطنًا- لديه الاستعداد للمغامرة باستثماراته فى سوق لا تضمن ولا توفر سبل الحماية لاستثماراته، أو أنها سوق لا تكفل وصول منتجه إلى المشترين له، أو أن هذه المنتجات تكون عُرضة للتلف بسبب سوء التخزين أو بُعد المسافات أو وعورة الطرق؟. وإذا لم يضخ المستثمرون رءوس أموال كافية لتأسيس مشروعات جديدة، فمن أين لنا بفرص عمل تستوعب مئات الآلاف من خريجى الجامعات وغيرهم من خريجى المدارس الفنية الذين يسعون جميعًا لبدء حياة ناجحة وتأسيس أسرة سعيدة؟ وتلك أبسط حقوقهم التى كفلها لهم الدستور.
وفى تصريح سابق للسيد الرئيس خلال إحدى جلسات مؤتمر «حكاية وطن بين الرؤية والإنجاز»، والمنعقد فى أكتوبر من العام الماضى، ذكر أن مصر أنفقت حوالى 10 تريليونات جنيه، أى ما يعادل 323 مليار دولار، على مشاريع البنية التحتية التى شملت إنشاء طرق وموانئ وتطوير للسكك الحديدية. وليس لنا أن نتجاهل حرص الدولة على أن يكون تنفيذ تلك المشروعات بأيادٍ مصرية من خلال شركات وطنية، وهو الأمر الذى وفّر كثيرًا من النفقات والدولارات على خزينة الدولة التى كان من المفترض إنفاقها لو تم استدعاء شركات أو خبرات أجنبية لتنفيذ تلك المشروعات، وهو ما وفّر، أيضًا، فرص عمل حقيقية وبعوائد مجزية لعشرات الآلاف من المصريين.
من المسلّم به أن النمو الاقتصادى الذى نأمله جميعًا لوطننا فرض على الجميع تحمل الضغوط الاقتصادية التى تحمّلها المواطن المصرى بثبات ووعى وإدراك كامل للمسئولية، وهو ما أشاد به السيد الرئيس فى أكثر من مناسبة، أذكر منها كلمته أمام منتدى إفريقيا عام 2017، المنعقد بمدينة شرم الشيخ، ثم فى الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو 2018، وفى سبتمبر 2019 عند استقبال سيادته أعضاء مجلس محافظى المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، ثم فى أبريل الماضى خلال حفل إفطار العائلة المصرية الرمضانى. وكثيرًا ما ذكر سيادته أن الشعب المصرى هو البطل الحقيقى، حيث لم يكن من المستطاع تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادى دون قبول الرأى العام لها، وهو ما كان سببًا فى نجاحها، وكم أشاد الرئيس بتحمل المصريين تبعات قرارات الإصلاح الاقتصادى فى مناسبات غير تلك التى رصدناها آنفًا.
وفى السياق ذاته، أيضًا، فإن مسيرة الإصلاح الاقتصادى ما كان لها أن تبلغ جزءًا مما حققته لولا استتباب الأمن فى البلاد داخليًا بجهد وزارة الداخلية وكل منسوبيها، وبفضل كفاءة عسكرية يمثلها جيشنا الوطنى العظيم الذى يعد قوة تُحسب لها الحسابات إقليميًا وعالميًا، ما أهّله ليكون قادرًا على ردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن أو إرهاب مواطنيه.
أيها الساخطون، أو الموتورون، حنانيكم بوطنكم إن كنتم من أبنائه حقًا. صحيح أن أحدًا لا ينكر حقكم فى المعارضة والانتقاد، ولكن ليكن هذا مشروطًا بأن يكون ذلك الانتقاد وتلك المعارضة على أرضية وطنية تدرك حجم التحديات فلا تستجيب لمغرض ولا تروج لزيف كاذب ولا تخضع لادعاءات حاقد.