رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حفل جوائز الصحافة.. دليل على رؤية جديدة

برعاية مجلس الوزراء والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تابعنا بسعادة وامتنان حفل توزيع جوائز الصحافة المصرية. جاء الاحتفال رصينًا وقورًا منسقًا فعبّر ببساطته ورقيه عن عظمة القوى الناعمة المصرية وريادتها وقدرتها على الإنجاز، بأقل الإمكانيات المادية ولكن بقدرات عقلية وكفاءات بشرية لا تبارى. حفل رصين أدرك أنه وقف وراء نجاحه فكرًا وتحكيمًا وتنظيمًا مجلس نقابة الصحفيين برئاسة النقيب خالد البلشى. أما وصول رسالة الحفل بكل هذا الألق والبهاء فقد كان خلفه رؤية مشكورة لقيادات المتحدة للإعلام، ونفّذها بكفاءة رئيس شبكة تليفزيون الحياة الإعلامى المتميز محمود التونى. الشكر موصول للمتحدة أيضًا إذ قررت رفع قيمة الجوائز العامة بأكثر من ثلاثة أضعاف قيمتها السابقة.
شهد الاحتفال لمسات عبقرية ومعانى إنسانية راقية تمثلت فى حضور وتكريم رئيس وزراء مصر السابق مهندس إبراهيم محلب الذى نال تكريمًا مستحقًا لدوره فى خدمة النقابة. فى حين حضر الاحتفال عدد من الوزراء، من بينهم الوزير المثقف المستشار محمود فوزى، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة شئون البيئة، التى سلمت جوائز موضوعات البيئة للصحفيين الفائزين.
أما تكريم النقيب الأسبق الأستاذ جلال عارف بجائزة نقابة الصحفيين التقديرية، ففيه رسائل مهنية وإنسانية بل سياسية أيضًا قرأناها، بمنح التكريم لرمز صحفى من المحسوبين على التيار الناصرى، تقول إن مصر اليوم للجميع ولا تتم فيها محاسبة المواطن ولا مكافأة المتميز بناءً على موقفه السياسى أو انتمائه الحزبى أو معتقده الدينى، فالكل فى ميزان المهنية سواء والغلبة للكفاءة والمعيار الثابت هو التميز، طالما كنا جميعًا على أرضية وطنية واحدة.
تكريم آخر جاء بنفس عروبى حين تم إهداء الصحفى الفلسطينى وائل الدحدوح جائزة حرية الصحافة لنكرم فى شخصه كل الضحايا من الصحفيين الذين قضوا فى الحرب على غزة، بل إنها جائزة من مصر تقبّل بها جبين كل فلسطينى وفلسطينية قضوا أو حتى صمدوا فى مواجهة العدوان منذ ما يقرب من سنة كاملة. ملمح إنسانى آخر جاء بمنح جوائز تقديرية لعدد من رواد مهنة الصحافة ورموزها، وكذا تكريم عدد من موظفى النقابة فى رسالة تقول إن العمل المهنى أو النقابى لا يكتمل بأرباب المهنة دون غيرهم، فالنجاح خلطة لا يقوم عليها إلا الجميع بمعنى كلمة الجميع. 
سعادتى بهذا الحفل اكتملت بالوجوه الصحفية الشابة من كل المؤسسات الصحفية الذين بشّرت موضوعاتهم بمستقبل مطمئن لمهنة البحث عن المتاعب، مهنة كشف الحقائق. وفى الحقيقة جاء الحفل مناسبة جيدة لنتعرف على موضوعات صحفية متميزة قد يكون فاتنا متابعتها وسط زحام المشاغل والأحداث على مدار العام، ولكننا أدركنا أن فى الوسط الصحفى جهدًا مبذولًا يستحق المتابعة ولا يغفر تجاهله أى مبرر مهما كان.
احتفال يذكّرنا بليالى مهرجان الإذاعة والتليفزيون بحفلى افتتاحه وختامه وروعة ما كان يقدم فيه من فعاليات ومنافسات واستضافات عربية تؤكد قوة مصر الناعمة، وهو ما يدفعنا إلى مناشدة الدكتور ضياء رشوان، المرشح لرئاسة المجلس الأعلى للإعلام، والدكتور طارق سعدة، المرشح لرئاسة الهيئة الوطنية للإعلام، وبالتنسيق مع الشركة المتحدة ليدرسوا استعادة هذا المهرجان الذى بدأ فى عام 1995 وتوقف منذ عام 2011. إنه المهرجان الذى صنع نجومًا فى الإعلام العربى بعد أن ألقى الضوء على مواهبهم فانتبهت لهم قيادات الإعلام فى بلادهم ليتبوأ معظمهم اليوم مناصب قيادية فى دولهم ويقروا بالفضل لمصر التى ألقى أحد مهرجاناتها الضوء عليهم وعلى مواهبهم.
جاء حفل الجوائز هذا فى موعده تمامًا مع تشكيل الحكومة الجديدة وتفاؤل المصريين خيرًا بأعضائها وبرؤية جديدة متكاملة يتم بها ترسيخ فكرة الجمهورية الجديدة. أراه حفلًا يعيد الاعتبار لمهنة الصحافة صاحبة الجلالة. إنها احتفالية تكشف عن مواهب جديدة وترسّخ نجاحات أساتذة كبار، وتدعو قيادات المؤسسات للبحث عن أسباب حجب بعض الجوائز وإعادة تقييم كوادرهم، ومن ثم إعادة تدريب من يستحق وتأهيل من يبشّر وتقدير من يتميز.
نكرر التهنئة لكل الفائزين بالجوائز عن جدارة واستحقاق وكفاءة وتميز، وأنا أعرف بحكم سوابق التجارب كم يبات الفائز هانئًا قرير العين فرحًا، هذا إذا عرف النوم لعينيه سبيلًا ليلة تسلمه الجائزة، فنحن أرباب مهن لا تدر مالًا كثيرًا ولكنها تبهج الأكفاء لمجرد كلمة شكر، وتطمئن المجتمع حين يجد صوتًا يترجم آلامه ويعبر عن آماله.