هلع استرازينيكا
اعتراف شركة استرازينيكا البريطانية بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا يمكن أن يتسبب فى آثار جانبية مميتة لأنه قد يفضى إلى تجلط الدم؛ اعتراف آثار هلع العالم طبعًا، العالم الذى وجد فى اللقاح، يوم الإعلان عنه، إنقاذًا من الفيروس الفتاك الذى كان ملأ المعمورة سريعًا ونال من البشرية أعدادًا هائلة.. لا أعتقد أن الأمر سيقف عند هذه الشركة، بل قد يكون بادئة لاعترافات شركات أخرى عن أضرار لقاحاتها أيضًا، وهو الأمر الذى سيوسع دائرة الهلع، والأخطر أنه سيجعل الناس يمتنعون فى المستقبل عن أخذ اللقاحات المضادة للفيروسات المحتملة دائمًا.
يقول أطباء كثيرون: كل اللقاحات لها آثارها الضارة؛ لأنها بالأساس مادة جرثومية مخففة التأثير، ولكن هذه الآثار جميعًا لا تُقاس بحجم النفع الذى تؤديه للإنسانية جميعًا، ومهما يكن من خسائر فإنها قليلة بالنظر إلى الحماية الأكيدة التى تقدمها اللقاحات للبشر المهددين بالأخطار الوبائية ومن ثم الفناء.
يقول آخرون: الشركة أخطأت خطأً جسيمًا، ولا بد من المساءلة والعقاب الرادع وتعويض الذين أصابهم فقد أو مرض لأنهم وثقوا فيها، لم تخطئ لأنها اعترفت، لكن أخطأت لأنها طرحت اللقاح، حين طرحته، وليست متيقنة من كون أضراره حادة كما أقرت مؤخرًا.
وأقول: يأتى هذا الاعتراف المثير للجدل والهلع فى آن واحد بساعة مضطربة من ساعات العالم؛ فحرب إسرائيل على فلسطين تتفاقم لحظة بعد لحظة، ولا أحد يدرى إلى أين تتجه البوصلة فى حرب روسيا وأوكرانيا، بجانب القلاقل الإقليمية والدولية الثابتة، والمشكلات الاقتصادية المعقدة التى عصفت ببلاد كثيرة فى الفترات الأخيرة، وتوقعات الأوبئة الجديدة الوافدة؛ ربما يفرض الأمر هكذا سؤالًا بديهيًا: لماذا الآن يا استرازينيكا؟! لا أشير هنا إلى مؤامرة ما، وإن كنت لا أستبعد المؤامرات، لكن من حقى أن أربط الأحداث ببعضها وأحاول المعرفة، وقد أصل إلى الشىء الخفى الذى وراء الأكمات، وقد لا أصل، غير أننى أؤمن بأن وراءها شيئًا لا يستراح إليه بتة.
قد تعترف شركات أخرى، كما ألمعت آنفًا، بوجود الخلل نفسه، وقد تعترف بما هو أشد، والمشكلة المحيرة حينها: بينما ينذر المنذرون حاليًا بأوبئة قريبة قادمة؛ كيف يقتنع الناس فعليًا باللقاحات المضادة مجددًا؟!
نحن فى كارثة عالمية تسببت فيها الشركة البريطانية لصناعة الأدوية، اعترافها كان شجاعًا بلا شك، ولكن المشكلة تتجلى فى موافقتها السابقة على طرح لقاح لم تكن عالمة بعواقبه الرهيبة، أو كانت على علم بها ومع ذلك أنفذته؛ مما يشير إلى استهانتها المخزية بالخلق وتلاعبها القاتل بهم.
هناك مخرج أخلاقى بسيط هو ألا يطمح كيان وقائى إلى الكسب السريع على حساب الإنسان المضطر الملهوف مرة أخرى «هذاك ما جرى على ما أعتقد»، وليت منظمة الصحة العالمية تشدد رقابتها على الجميع بداية من الآن، وليتنا نتخفف من الهلع.