مدحت العدل يكتب عن مذكرات خالد منتصر: أحببت "خلف خطوط الذاكرة"
نحن نصادق بشرًا لم نعرفهم.. لأننا نحمل حلمًا مشتركًا.. فكرًا إنسانيًا يجمعنا.. وأيضًا همًا واحدًا ومعاناةً تجرعناها علي بُعد الزمان والمكان.. فڤان جوخ صديقي ونيكوس كازانتزاكس ونجيب سرور وغيرهم من البشر الحقيقيين.. ولقد صادقت وأحببت وحلمت مع الدكتور خالد منتصر قبل أن أراه.. قرأته واشتركت معه في الرؤي والأحلام لهذا الوطن الذي يقتلُ بنيه ولكننا لا نملك إلا التفاني في عشقه.. وقد تحبُ فنانًا ما من أعماله فلما تعرفه بشكل شخصي تحزن أن صورته التي كونتها في خيالك قد اهتزت.. أما دكتور خالد منتصر فقد أحببته أكثر عندما تعرفت عليه إنسانيًا فلا انفصال علي الإطلاق بيّنه ككاتب وإنسان بل ازددات الحميمية بسبب هذا القرب..
أقول كل تلك المقدمة الطويلة لأنه لا بد منها لفهم حالة العشق والتوحد التام مع كتابه أو سيرته الذاتية الرائعة (خلف خطوط الذاكرة) فهو لم يكتب سيرته فقط بل سيرتنا جميعًا كجيل وسيرة وطن عذبنا معه، وأنظمة سياسية ضحت بنا وبأحلامنا لصالح مصالح ضيقة، ولن ينساها التاريخ أبدااا. فها هو دكتور خالد يعود بشهادته علي العصر ليدينهم ويبكي ويبكينا معه علي شهدائنا من المفكرين والشعراء الذين تركتهم الأنظمة لتأكلهم ضباع الأسلمة السياسية.. عشت كل تلك الأحداث كأنها بالأمس وقد حولها الكتاب إلي فيلم سينمائي يمر أمام عينيا فبكيت، وتذكرت وأنا الذي لم ينس ولن ينسي.. لن أتكلم عن أسلوب السرد فهذا من شأن نقاد الأدب ولكني أتحدث عن الشحنة العاطفية الصادقة بشكل مذهل التي بعثها في هذا الكتاب فأنا أيضًا طبيب ووقتئذٍ كنت أتحسس طريقي كشاعر وكاتب وأحلم مثل كل جيلي بوطنٍ يليق بالمصريين، ولكن ما حدث قد أجل أحلامنا إلي أن بلغنا المشيب وقاربنا علي الرحيل وبالطبع لن نلحق بتلك الأحلام التي نأمل أن تتحقق.. ما كتبه دكتور خالد هو قليل جدااا عما يستطيع أن يكتبه ففي رأي أن كل فصل من الممكن أن يصبح كتابًا منفصلًا.. يا صديقي الجميل والنبيل أنفض عنك غبار الكسل، وواصل البحث عن ذواتنا في كتاب ثانٍ وثالث ورابع.. نحتاج هذا الصدق والشهادة علي العصر ليس فقط ككتب مقرؤة بل ودراما كي يعرف بسطاء الناس من وقف بحانبهم وجانب مصر، ومن باعهم وباعها. أحببت كل ما في (خلف خطوط الذاكرة) ولكنني- ومعي كثيرون- ننتظر المزيد.