الحشاشين.. دراما تاريخية أعادتها "المتحدة" بضخامة إنتاجية
الأعمال الفنية التاريخية ذات طابع خاص، فهي ليست عملًا يعرض أو مادة تقدم فحسب، لكن أهدافها أبعد بكثير من مجرد فيلم أو مسلسل، العمل التاريخي هو تأريخ للماضي وتوثيق لأحداثه، وأحيانًا كثيرة رسائل ورؤى الهدف منها سياسي يوجّه بشكل معين.
أتذكر عندما كنت طالبًا بالفرقة الثالثة قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام، وكنت أدرس مادة تناقش الأعمال الدرامية، وآليات نجاحها، وعرفت أن الدراما المصرية ناجحة لكنها «بعافية حبتين»، خصوصًا في الأعمال التاريخية، وأن رصيدنا من هذا النوع ضئيل جدًا يعد على أصابع اليد الواحدة، وهنا تساءلت: لماذا تفوقت علينا دراما تاريخية أخرى مثل تركيا، فكانت الإجابة دائما: تكاليف إنتاج العمل التاريخي كبيرة ولا يوجد منتج يغامر بالأموال في عمل قد لا يدرعليه عائدًا ماديًا كبيرًا.
منذ أن عرفت هذه الإجابة، لازمني إحساس العجز، لماذا بلد كبير ودولة عظيمة كمصر بتاريخ عتيق لا يوجد لها رصيد من الأعمال التاريخية الكبيرة، ولدينا مئات بل آلاف الشخصيات التاريخية التي تحتاج أن تطفو على السطح وتظهر من جديد لتتوارثها الأجيال؟.
مياه كثيرة جرت في نهر السينما والدراما، وأعمال فنية فقدت بريقها وتحولت من التأريخ إلى المقاولات، قوامها العري والكتابة الهابطة التي تضم جملًا وألفاظًا كلها إيحاءات جنسية هدفها زيادة إيرادات العمل، وبالتالي أصبح لدينا نجوم كارتونية مصطنعة، هدفهم جمع فلوس كثيرة للمنتج حتى يستمر في أعماله غير الهادفة.
اليوم، وفي رمضان 2024، ومع أول يوم من الموسم الدرامي، جمعتنا الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أمام واحد من الأعمال التاريخية المسكوت عنها، والتي لم تخرج للنور منذ زمن طويل، وهو مسلسل «الحشاشين» الذي يعرض يوميا في رمضان على شاشة قناة dmc.
"الحشاشين" عمل ضخم ما كان أن يظهر للنور إلا بكيان كبير وشركة إنتاج أكبر، سخّرت كل إمكاناتها ومواردها لهذا العمل، والذي نجح نجاحًا مبهرًا في أولى حلقات العرض.
الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية نافذة الأمل الجديدة لإحياء التاريخ والتراث المصري القديم، وإعادته في ثوب جديد، استطاعت أن تقدم عملًا دراميًا على مستوى عالٍ من النواحي الفنية والإنتاجية، قالب جديد على الدراما المصرية لم نره من قبل، نجوم على أعلى مستوى، كاميرات في كل نواحي العمل، كتابة، وإخراج، تصوير، وأداء تمثيلي، أماكن تصوير، ديكورات، ملابس، إضاءة، كل شىء أصبح متاحًا في عصر المتحدة، نستطيع أن نرى صورة حقيقية من التاريخ، صورة بالألوان الطبيعية، كأننا نعيش في زمن حسن الصباح ورفاقه.
لم أعتد تقييم أي عمل فني قبل أن أشاهد ما لا يقل عن 5 حلقات متتالية، لكنني وجدت نفسي لا أستطيع أن أتوقف عن الكتابة، فهناك أعمال تجد نفسك منبهرًا عندما ترى طالعها، وطالع "الحشاشين" يؤكد أننا أمام عظمة حقيقية من نواحي فنية وإنتاجية، أتوقع أن تشهد الحلقات القادمة أحداثًا أكثر إثارة وتشويقًا، وإنتاجًا سخيًا يقدم لنا كل شىء عن تلك الحقبة التاريخية التي سمعناها قديمًا والآن نشاهدها.