الخلطة التى يجب أن نتخلص منها
على موقع التغريدات «إكس» قرأت معلومة ذات مغزى، رجل أعمال عربى شهير جدًا بارك لمصر والإمارات على مشروع بناء رأس الحكمة، ثم قال معلومة تخصه.. قال إنه طلب من الحكومة المصرية شراء أحد فنادق العلمين الجديدة لكنه لم يستطع إتمام عملية الشراء، سبب فشل المفاوضات أن مصر تمسكت بالسعر الذى تراه عادلًا للفندق، فى حين رأى رجل الأعمال أنه «سعر خيالى» وأنه اقترح سعرًا مشابهًا لسعر الغرفة الفندقية فى أى مكان فى العالم.. بغض النظر عن العلمين لا تشبه أى مكان فى العالم.. إلا أن هذا الخبر أسعدنى كمواطن.. هو رد غير مقصود على كتائب الإرهاب الإلكترونية.. هو خبر يقول إن فى مصر حاكمًا مؤتمنًا وأمينًا بالفعل، وإنه لا يفرط فى ثروة مصر أبدًا، وإنما يبنى ويستثمر ويحصل على أرباح من أجل بناء المزيد من المشاريع وتحقيق المزيد من الأحلام.. هذا رجل أعمال محترم وله علاقات جيدة فى مصر، وهو أيضًا من أبناء دولة الإمارات الشقيقة وتجربته تقول إن مصر تتعامل بمبدأ «واحد+ واحد يساوى اثنين».. لدينا مشاريع بنيناها بأنفسنا لتشجيع الاستثمار فى هذه البقعة الساحرة نبيعها بسعرها الحقيقى لا أكثر ولا أقل.. هذه الواقعة تدعو الجميع للاطمئنان.. وأنا لا أقصد هنا الكلاب الإلكترونية النابحة.. لأن هذه تتمنى خراب مصر، وتشكك فى كل تصرف، وتكذب كل تصريح، وتسفه من أى نجاح، وتقلل من كل جهد.. ولكن أقصد المواطن العادى الذى يحاولون تضليله.. هذا المواطن فى عقله خلطة مرتبكة لا بد من احترامها.. لديه حب لوطنه- وهذا حقه وواجبه- ومفاهيم مشوشة للوطنية، وحنين لزمن الاشتراكية وعداء فطرى للأجنبى من زمن عرابى الثائر عن حق ولكن بطريقة خاطئة، ونزوع يمينى متطرف ضد كل من هو غير مصرى حتى لو كان أخًا عربيًا شقيقًا، وحنين لزمن جمال عبدالناصر وصوته وهو يعلن قرارات التأميم، وأصداء لمقالات صحفية نشرت آخر عشرين عامًا ضد الخصخصة ورأس المال الخاص ونفوذه، اختلط فيها الحق بالباطل، وكشف الفساد الفعلى بابتزاز رجال الأعمال بعضهم البعض، ومشروعات بيعت بسعر بخس بالفعل بمشروعات أخرى بيعت بسعر عادل، وصحفيون كانوا يكشفون الفساد بالفعل فى مصر ما قبل ٢٠١١ بآخرين كانوا يبتزون المشترى ويريدون أن يحصلوا على المعلوم وإلا هيّجوا الرأى العام، فى عقل المصرى العادى يختلط معنى تجربة جمال عبدالناصر العام وهو «بناء مصر قوية مستقلة» بالتكتيكات الخاصة مثل تأميم رأس المال الأجنبى والقوانين الاشتراكية.. هذه تكتيكات بنت زمنها ولو عاش عبدالناصر نفسه لغيّرها، والمعنى أننا نريد أن نتخلى عن هذه الأحذية الحديدية التى تقيدنا.. حيث كان الصينيون يرغمون الفتيات الصغيرات على ارتداء أحذية حديدية قاسية حتى لا تكبر أقدامهن، وقد قال يوسف إدريس رحمه الله إن الأفكار القديمة التى تحكم عقولنا تشبه هذه الأحذية وتمنعنا من النمو، الاستثمار الخاص موجود فى العالم كله، كل دولة يدخلها دولار استثمار مباشر هى الرابحة، لا يوجد مستثمر فى العالم يحمل مشروعه فى بلد ما ويرحل به، ولكن العكس هو الصحيح، يعيش فيه ويندمج فى المئة وعشرة ملايين مصرى ويصبح جزءًا منهم ونقول له ألف أهلا وسهلًا.. نريد أن نتخلص من خلطة اليمين الشعبوى+ العداء للأجانب+ الاشتراكية القديمة+ التطرف الدينى الواضح والمستتر، لأنها خلطة فاسدة تتداخل فيها بقايا كل شىء ببقايا كل شىء، وبعض مكوناتها ضد بعضها البعض وهذا يمكن أن يؤدى للتسمم ونحن لا يجب أن نسمح بهذا.