طاقة أمل
جزء من الإعجاب بمرافعة مصر أمام محكمة العدل الدولية يرجع لأداء مُمثلة مصر فى المحاكمة المستشار نيفين موسى.. هناك اعتزاز بأن مصر تملك كوادر متمكنة وقادرة ومشرفة.. جزء من هذا الأداء الراقى يعود لكون السيدة نيفين موسى خريجة جامعة من أكبر جامعات العالم وهى جامعة «كامبريدج».. كنت أفكر فى هذا المعنى حين طالعت تحقيقًا صحفيًا عن الجامعات الأجنبية الدولية فى مصر.. التقرير نشرته نشرة «إنتربرايز»، وهى خدمة صحفية مهمة تقدمها مجموعة متخصصة.. يتحدث التقرير عن إقدام عدد من الجامعات الدولية على افتتاح فروع جديدة لها فى مصر.. هذا الإقبال لم يحدث صدفة ولكنه جزء من رؤية الدولة المصرية لتحسين التعليم المحلى وتحويل مصر لمركز للتعليم الدولى.. بداية هذه الطفرة كانت حين قررت وزارة التعليم العالى إلزام الجامعات الخاصة الجديدة بعقد شراكات مع جامعات عالمية معترف بها كشرط للسماح لها بالعمل.. كانت نقطة البداية هى قانون تنظيم فروع الجامعات الأجنبية فى مصر عام ٢٠١٨ «تحدث عنه الرئيس السيسى وقت صدوره».. بحسب تقرير للمجلس الثقافى البريطانى فقد أدى صدور القانون لوجود ١٠٢ مؤسسة تعليمية أجنبية تعمل فى مصر منها فروع الجامعات الدولية، والشهادات المشتركة، والمزدوجة، وغيرها من الشراكات.. يتحدث التقرير عن وجود سبعة فروع لجامعات دولية كبيرة فى مصر كلها موجودة فى العاصمة الإدارية الجديدة.. من هذه الجامعات جامعتان كنديتان، وأربع جامعات بريطانية، وجامعة برتغالية.. يقول التقرير إن هذا ليس كل شىء، ولكن هناك جامعات دولية جديدة فى الطريق لافتتاح فروع لها فى مصر، فهناك جامعة يونانية تعتزم افتتاح فرع لها فى الإسكندرية عام ٢٠٢٥، وهناك جامعة روسية تستعد لافتتاح فرع لها فى القاهرة الجديدة، فضلًا عن جامعة أخرى تستعد للافتتاح فى مدينة السادس من أكتوبر، بينما تخطط جامعة كندية لافتتاح فرعين لها فى مصر، أحدهما فى شرق القاهرة والآخر فى غربها، وعلى عهدة التقرير تستعد جامعة طبية أمريكية لافتتاح فرع لها فى مصر، وهو نفس ما تستعد له جامعة برتغالية.. لماذا أقدمت كل هذه الجامعات الدولية على افتتاح فروع لها فى مصر؟ يقول التقرير إن هذا بسبب سياسات التشجيع الحكومى لهذه الجامعات على الوجود فى مصر.. لماذا تفعل مصر ذلك؟ يقول التقرير إن هذا جزء من جهود تحسين جودة التعليم وتقوية مهارات العمل، وتطوير قوة عمل حديثة.. وإلى جانب سياسات التشجيع الحكومى هناك مزايا أخرى تشجع الجامعات الدولية، منها أن مصر سوق كبيرة يزيد عدد السكان فيها بشكل يومى، وهناك ارتفاع لنسبة الشباب الذين هم المستهدف الأول للجامعات الدولية، حيث إن ٥١٪ من الشعب المصرى تحت سن الخامسة والعشرين، والرقم فى طريقه للزيادة فى السنوات المقبلة «يمكن إضافة بعض الوافدين لمصر لجمهور هذه الجامعات الدولية المنتظر».. من ضمن أسباب توسع الجامعات الدولية فى مصر أنها تريد اجتذاب شريحة من أبناء الأسر الميسورة التى كانت تسافر لإتمام تعليمها فى أوروبا، وربما تفضل تعليم أبنائها فى فروع الجامعات فى مصر توفيرًا للعملة الصعبة من جهة ولتجنب عناء الغربة من جهة ثانية، ورغم كل هذه المميزات لا يخلو الأمر من صعوبات، حيث تعانى بعض الجامعات من ارتفاع تكاليف بناء فروعها فى مصر، ومن أزمة العملة الصعبة، بحيث توقفت أعمال الإنشاء فى ثلاث جامعات وتعانى جامعات أخرى من مشاكل مع الشركاء المصريين.. يقول التقرير المهم إن عدد الطلاب الذين يسافرون للدراسة فى الخارج هو خمسين ألف طالب كل عام بعد أن كان الرقم ١٢٫٣ ألف عام ٢٠٠٨.. وإن ٣٠٪ من هؤلاء يذهبون للإمارات «بها فروع لكل الجامعات الكبرى»، ثم ألمانيا بنسبة ١١٫٧٪، ثم تركيا بنسبة ٨، ٧٪.. انتهى اقتباسى من التقرير المهم الذى نشرته «إنتربرايز»، وبقى أن أقول إن التعليم فى الجامعات الكبرى كان أساس النهضة المصرية الحديثة، وإن كل رموز النهضة كانوا أبناء مصريين بسطاء وتابعين أتيحت لهم فرص الدراسة فى الخارج، من رفاعة الطهطاوى لعلى مبارك ومن طه حسين لأحمد زويل وبينهم عشرات آلاف من قصص النجاح المصرية داخل وخارج مصر، وإنه إذا كان علينا أن نحيى وزارة التعليم العالى على تنفيذ رؤية الرئيس، فإن علينا أن نطلب حل مشاكل الجامعات الدولية فى مصر لأن الاستثمار فى التعليم هو أفضل أنواع الاستثمار الأجنبى، وكل دولار ندفعه لها نستطيع أن نسترده آلاف الدولارات لو أحسنا تعليم أبنائنا والاستثمار فيهم.. هذا مجال مهم تحقق فيه إنجاز بفعل رؤية الرئيس لإبقاء طلابنا داخل مصر، وينبغى أن يستمر، وأن ندعم تعليم المصريين النابغين فى هذه الجامعات بغض النظر عن مستواهم المادى.. ولكن هذا موضوع آخر بعد أن تبدأ هذه الجامعات نشاطها فى مصر بالفعل.