مفكرون: التطرف لا تصنعه الجماعات الإرهابية فقط
وضع مفكرون وخبراء «روشتة» اقتلاع جذور الفكر المتطرف من المجتمع، مؤكدين أن مواجهة التطرف لا تكون من خلال الحل الأمنى فحسب، بل هى عمل فكرى شامل، محذرين من وجود مشكلات تجعلنا عرضة لمرض الإرهاب من جديد، بعد أن نجحت الدولة فى القضاء عليه بشكل كبير.
وقال الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسى الإدارة والتحرير بجريدة «الدستور»، خلال إدارته ندوة «اتجاهات التطرف والإرهاب فى الشرق الأوسط»، التى عُقدت فى القاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ٥٥، إن ظروف المجتمع أدت إلى تراجع بعض القضايا عن ساحة النقاش، ومن بينها قضايا التطرف والإرهاب.
ونبه «الباز» إلى أن التطرف والإرهاب لا تصنعه فقط الجماعات الإرهابية الساعية إلى الحكم، لكن كل المؤسسات فى المجتمع قد تكون لها عوامل فى دعم فكرة الإرهاب، ومن بينها المسجد والأسرة على سبيل المثال.
وأضاف رئيس مجلسى إدارة وتحرير «الدستور»: «مواجهة الإرهاب ليست من خلال الحل الأمنى فقط، فمواجهة الفكر المتطرف هى عمل فكرى فى الأساس، ويكون ذلك من خلال المجتمع بكل مكوناته، مثقفيه وفنانيه وكل المكونات الأخرى».
وواصل: «نجاح الدولة فى مواجهة الإرهاب والانتصار عليه يحتاج إلى إعداد دراسات وأبحاث بشأنها، ثم عرضها على الرأى العام، من أجل تجنب تكرار التجربة».
وقال الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، إن مواجهة الإرهاب تعتبر من الموضوعات الشائكة، فى ظل وجود حراك كبير للفكر الإرهابى فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، التى توجد بها بؤر للفكر الإرهابى.
وأضاف «زايد»، خلال الندوة التى جاءت بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة: «التطرف بمعناه الواسع والعريض يمثل التطرف فى السلوك، وهو قد لا ينتج شكلًا من أشكال الإرهاب، فعلى سبيل المثال قد نجد تطرفًا علمانيًا».
وواصل: «التطرف هو نوع من التحزب للأفكار أو للقبيلة أو لجماعة معينة، وهذا النوع من التطرف موجود فى كل المجتمعات، كما أن هناك شكلًا آخر من التطرف يتمثل فيما يمكن أن نطلق عليه الإرهاب الصامت».
وأفاد بأن الإرهاب يقوم فى البداية بدعم من نشأة حركات متطرفة ترتبط بالدين ولها أفكار على قدر كبير من التشدد، وهذا الأمر ليس بعيدًا عن الدولة الوطنية، التى قد تواجه صعوبات فى السيطرة بشكل كامل على الأفكار المتطرفة داخل المجتمع، والتى ليست بالضرورة أن تُترجم إلى مواجهات مباشرة، بل لها أشكال وأنماط أخرى مختلفة، مؤكدًا أن «مصر نجحت فى القضاء على كل أشكال الإرهاب، من خلال جهود كبيرة قامت بها الدولة على مختلف المستويات».
أما الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات، فقال إن المجتمع قد يكون أنتج فى بعض الأوقات من تاريخه بعض الأشكال من التطرف والإرهاب، مؤكدًا أن مصر نجحت وانتصرت فى معركتها ضد الإرهاب، وبذلت فى ذلك ثمنًا غاليًا من دماء الشهداء.
ونبه «عكاشة» إلى أن الموجة الإرهابية التى انتشرت منذ عام ٢٠١١ تعتبر الأكثر خطورة، مضيفًا: «الدولة نجحت فى الانتصار بمعركتها ضد الإرهاب من خلال إدراكها خطورة هذه الموجة الإرهابية الجديدة، وساعد فى هذا الوعى لدى المواطنين والرأى العام، فى مواجهة مخاطر هذه الموجة، التى كانت تستهدف ضرب عصب الدول الوطنية».
بينما رأت الدكتورة عزة فتحى، أستاذ علم الاجتماع، أن مشكلة التطرف تتمثل فى المغالاة فى الدين، واستغلال الشباب والتأثير على أفكارهم، واستغلال فكرة حبهم للمغامرة، مشيرة إلى أن الأزمة الكبيرة فى التطرف هى أنه عدو متخفٍ يعمل من خلال «خلايا عنقودية».
ورأت أستاذ علم الاجتماع أن مواجهة التطرف تحتاج إلى «أمن فكرى» متكامل على عدة مستويات، سواء من خلال الخطاب الدينى وتطويره، أو الفن والدراما والمسرح والفكر والثقافة.
وقال الدكتور جمال عبدالجواد، مدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن خطر الإرهاب ما زال قائمًا، فرغم نجاح الدولة فى هزيمة الموجة الأحدث التى واجهتنا من الإرهاب، لكن هذا ليس كافيًا، خاصة مع حاجتنا لتأسيس مرحلة جديدة تكون بلا إرهاب.
وأضاف «عبدالجواد»: «تحقيق الدولة الانتصار على الإرهاب فى جولة يحتاج إلى الانتباه والإعداد والتجهيز لانتصار نهائى، خاصة أنه ما زلنا لدينا مشكلات فى عدة اتجاهات تجعل المجتمع يظل عرضة لمرض الإرهاب».