تعميق التصنيع المحلى لتعزيز الاكتفاء الذاتى ومواجهة التضخم
قال عدد من خبراء الاقتصاد إن مواجهة أزمة التضخم الحالية تتطلب العديد من الإجراءات، على رأسها تعميق التصنيع المحلى، وزيادة الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية، وتحسين بيئة الاستثمار، وتنويع مصادر الحصول على العملة الصعبة، وهو ما يستلزم وجود استراتيجية واضحة وإدارة اقتصادية قوية.
وشدد الخبراء، خلال حديثهم إلى «الدستور»، على أن الأزمة الاقتصادية الحالية فى مصر تعد انعكاسًا للأزمات العالمية والصدمات المتتالية، بداية من جائحة فيروس «كورونا»، مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، ثم الحرب فى غزة، والتى أثرت على المنطقة والعالم كله، وأسهمت فى زيادة التوترات فى التجارة العالمية.
وقال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن الاقتصاد العالمى يشهد حاليًا انكماشًا مقارنة بالسنوات الماضية، لافتًا إلى أن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية كانت تتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمى نموًا بنسبة ٢.٩٪ فى ٢٠٢٣ لكن النمو تراجع لحدود ٢.٧٪ فقط، بسبب الأزمات المتتالية والصراعات السياسية، التى أثرت على سلاسل الإمداد والتوريد، وتسببت فى ارتفاع تكاليف الشحن وأسعار الطاقة فى العالم كله، مضيفًا: «مصر تأثرت كثيرًا بما يحدث فى العالم».
ورأى «الإدريسى» أن هناك بعض القرارات التى يمكن اتخاذها لاحتواء أزمة التضخم الحالية، على رأسها زيادة الإنتاج، والاهتمام بقطاعى الصناعة والزراعة، مطالبًا الحكومة بالعمل على إيجاد بدائل أخرى لزيادة إيرادات وموارد الدولة، بدلًا من اللجوء لرفع أسعار السلع والخدمات، ما يسهم فى تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن.
وقالت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطى، إن التوترات الحالية فى البحر الأحمر ستضيف مزيدًا من التأثيرات السلبية على الاقتصاد العالمى، وتؤدى إلى مزيد من زيادة تكاليف الشحن والتأمين على السفن، ما يتسبب فى زيادة أسعار البضائع والسلع عالميًا.
ونبهت الخبيرة المصرفية إلى أهمية استكمال تطبيق استراتيجية الدولة الموضوعة فى عام ٢٠٢٢، التى تعتمد على زيادة الاكتفاء الذاتى، وتوسيع القاعدة الصناعية، وزيادة الصادرات والاستثمارات، وإدراج القطاع الخاص فى التنمية، معتبرة أن كلها خطوات تؤدى إلى تراجع معدلات التضخم.
وأضافت: «سيسهم الاكتفاء الذاتى من السلع فى إحداث فارق كبير فى مسألة الاحتياج للدولار، وكذلك توطين الصناعة، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتى فى العديد من السلع»، معتبرة أن الأمور لم تتحرك على المستوى المطلوب حتى الآن، فيما يتعلق بتشجيع الصناعة والاهتمام بالتصدير، مع إشراك القطاع الخاص بشكل أكبر فى المشروعات التنموية.
وواصلت: «بعد انضمام مصر إلى تكتل (بريكس)، يجب أن تعمل وزارة التجارة والصناعة على عقد اتفاقيات مع دول التكتل لزيادة التبادل التجارى واستخدام العملات المحلية فيه، ما يقلل من الطلب على الدولار ويسهم فى حل الأزمة الحالية».
أما الخبير الاقتصادى، السيد عبدالعظيم، فرأى أنه لزيادة العوائد الدولارية، يجب اتخاذ العديد من الإجراءات الاقتصادية والسياسية، موضحًا: «نحتاج لتشجيع الأفراد والشركات على تحويل الودائع والاستثمارات بالعملات الأجنبية لزيادة الاحتياطيات الدولارية، مع تطوير صادرات جديدة تزيد من هذه العملات، بالإضافة إلى تحسين البيئة التجارية، وتعزيز القطاع السياحى من خلال تطوير المنتجات السياحية، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال، وتحسين الإدارة المالية والسياسات الضريبية، بما يسهم فى تحفيز النشاط الاقتصادى ويزيد من الدخل بالعملة الصعبة».