موسم المزايدة على مصر
منذ يومين بدأ موسم المزايدة على مصر.. المزايدة على مصر لها مواسم معروفة وهى غير مرتبطة باسم الرئيس ولا بنظام الحكم.. لا يعرف الكثيرون أن المزايدة على مصر قبل يونيو ١٩٦٧ هى التى قادتنا للقرار الخطأ والطريق الصعب.. كانوا يزايدون على جمال عبدالناصر رغم أنه هو الذى كرّس قضية فلسطين كقضية العرب المركزية، وجعل العداء لإسرائيل فرض عين على كل عربى.. فى مايو ١٩٦٧ علت أصوات تزايد على مصر وتسعى لتوريطها وتقول كيف تسكت مصر على تهديدات إسرائيل لسوريا؟ لم يعرف أحد حتى الآن هل كانت المزايدات مخلصة للعرب أم أنها كانت مدفوعة من إسرائيل من طرف خفى؟ ولا أظن أن أحدًا سيعرف إجابة هذا السؤال لا فى الحاضر ولا فى المستقبل.. الآن تتعرض مصر لمزايدات شبيهة رغم كل ما تقوم به للحفاظ على قضية فلسطين والسعى لعدم تصفيتها وما تقدمه لكل الفلسطينيين من مساعدات، منها ما هو معلن وما هو خفى شأن كل شىء فى عالم السياسة.. شاهدت مقطع فيديو لبضع عشرات يقفون فى مكان مظلم ويهتفون ضد مصر باسم أهل غزة، ولم أعرف هل هؤلاء إسرائيليون يتحدثون العربية أم ممثلون يؤدون مشهدًا معينًا طُلب منهم، أم أن المقطع كله مصمم ببرنامج الذكاء الاصطناعى.. التوتر بين مصر وإسرائيل الذى يوشك أحيانًا أن يتحول لاشتباك يقول بسهولة ما هو موقف مصر، وما هى انحيازاتها، ومن لا يفهم ذلك لديه مشكلة فى الفهم.. تفتح مصر مطار العريش لاستقبال المساعدات وترسل هى نفسها أطنانًا من المساعدات، وليس ذنب مصر أن إسرائيل تخرب الجانب الآخر من المعبر، وحتى لو تم إدخال المساعدات بالقوة القسرية فإن إسرائيل ستقصفها لترد عليها مصر وننسى موضوع دخول المساعدات، ونتفرغ للحرب التى ستزيد من معاناة أهل غزة، ونجعلهم تحت قصف نيرانى مضاعف.. بكل تأكيد رفضت مصر النزوح الجماعى لأهل غزة إلى مصر، ليس فقط لأنه يصفى القضية الفلسطينية، ويحل مشكلة إسرائيل على حساب مصر، ولكن لأن من ضمن الآثار الجانبية لإخلاء غزة أن تنفرد إسرائيل بالفصائل المسلحة وتفنيها عن آخرها.. أنا لا أقول إن ذلك سبب عدم قبول مصر النزوح الجماعى لأهل غزة، ولكن رفض مصر مفيد للفلسطينيين من هذه الناحية.. لذلك أشك كثيرًا فى درجة ذكاء أى مسئول من حماس يزايد على مصر.. إلا إذا كان ذلك للاستهلاك المحلى.. وقتها لا ضرر ولا ضرار.. فتحت مصر المعبر لعلاج الجرحى من أهل غزة، وطبيعى أن يكون ذلك للحالات الخطرة فقط، وهذا هو موقف مصر منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية حتى الآن.. إسرائيل بسنتيمتر واحد وبالتأكيد فإن اختيار الحرب هو خيار الدولة المصرية وجيشها وشعبها، وليس من حق أحد أن يقترحه عليها، فضلًا عن أن يحاول إجبارها عليه.. بشكل عام يبدو أن المزايدة هواية عربية لم يفلح العرب فى أى هواية أخرى غيرها عبر العقود الماضية، فهنيئًا لمن يزايد بمزايداته شرط أن يترك من يعملون على الأرض يتفرغون لعملهم.