وجه جديد!
هذه الأيام مولد سياسى كبير.. بعضهم يتحرك بوحى من ضميره، وبعضهم بوحى من مصالحه، بعضهم يشبه ممثل الدور الواحد.. يختفى سنوات ثم يظهر عندما يوجد دور مناسب له.. يؤدى دوره فى المسلسل ويحصل على أجره ويختفى.. يظهر بعد سنوات لأن الدور ينادى صاحبه.. فى عالم السياسة كما فى عالم التمثيل الأدوار تخصصات.. قد يكبر أحد الممثلين على أداء دور ما فيظهر ممثل من جيل أصغر ليلعب نفس الدور تقريبًا.. لأن الدور يستدعى ممثلًا شابًا.. هناك مثلًا فى دور المرشح المعارض.. لقد لعبه ببراعة الممثل المعروف «أسعد نور» منذ سنوات... وحصل على أعلى أجر يمكن الحصول عليه وقتها حتى إنه صار من أصحاب المليارات.. لكن الدور الجديد لا يناسبه.. سمعته ليست على ما يرام.. وملامحه مترهلة وعلاقته بالإرهاب مفضوحة، لذلك تم اكتشاف الممثل «أحمد طهطاوى» إنه وجه جديد.. يمكنه أداء أدوار البطولة بمنتهى البراعة.. وسنه مناسبة جدًا لأداء دور المعارض الشاب الشجاع.. وأجره أيضًا مناسب.. لا بد للممثل أن يتلقى دفعة من الأجر فى صورة عربون أو مقدم أتعاب كى ينفق على الدور.. إن الدور له مواصفات كى يقنع الجمهور.. لا يقتنع المصريون بممثل يذهب إلى العمل بالدراجة على طريقة البعض فى البلاد البعيدة.. لا بد من سيارة فارهة ومظهر يبدو وجيهًا بعض الشىء.. هذه طبيعة المصريين يعرفها من يتعاقد مع الممثل جيدًا.. من المفيد جدًا لمن يمثل هذا الدور أن يقول الشىء وعكسه.. لأن المهم هو حشد أكبر عدد من الجمهور.. أن يقول إنه تقدمى وفى نفس الوقت يدافع عن ختان البنات الذى هو ممارسة إجرامية! إن الناس تصف هذا عادة بالانتهازية.. ولكن الدور يتطلب هذا.. يمكن للممثل أن يدعى أنه يؤيد أفكار زعيم ثورة يوليو لأقصى درجة، لكنه يريد أن يتحالف مع أقذر أعداء ثورة يوليو وزعيمها لأقصى درجة أيضًا.. إن هذه طبيعة السيناريو وطبيعة المرحلة.. هذا هو ما يريده المخرج.. وصفة مجربة.. إن الممثل «أسعد نور» الذى لعب هذا الدور فى ٢٠٠٥ يفعل ذلك حتى الآن.. يقول إنه ليبرالى ويعمل خادمًا للإخوان.. تمويلهم جيد جدًا والدول التى تساندهم فى منتهى الكرم.. الممثل الجديد «أحمد طهطاوى» أيضًا.. يلعب على نفس التيمة.. كما كان «أسعد نور» وفديًا وإخوانيًا.. يمكن لطهطاوى أن يكون ناصريًا وإخوانيًا معًا.. إن من حقه أن يرتجل ويغير بعض جمل الحوار ما دام يحافظ على روح النص.. المهم هو وضع الإخوان فى جملة مفيدة.. إن دوره ليس دور بطولة، ولكنه يجتهد فى لفت الأنظار إليه.. مهم جدًا أن يجتذب الشباب من السن الصغيرة، والغاضبين من الوضع الاقتصادى.. هناك شريحة يعجبها البطل الوقح.. مهم جدًا أن يهتم بها الممثل طهطاوى.. إنها تركيبة نفسية، تعوض إحباطها بالاستمتاع بالوقاحة أو إهانة الكبار أو كسر القواعد.. هذه الشريحة سيهتم بها الممثل طهطاوى وسيقدم لها ما تريد.. إن بعض أفراد هذه الشريحة يتسمون بالبراءة، لذلك لا بد من كسبهم وإثارة إعجابهم طوال الوقت.. فى مرحلة من مراحل التطور الدرامى من المهم جدًا إثارة الحس الشعبوى لدى البسطاء بغض النظر عن منطقية السيناريو والحوار.. كأن يقول لهم الممثل مثلًا إننا يجب أن نبيع القصور الرئاسية ونشترى بثمنها قمحًا.. وفى مرحلة أخرى قد يعلن تنازله عن سيارته الفارهة ونيته الذهاب للقصر الرئاسى مشيًا على الأقدام.. إن هذا يعجب البسطاء جدًا.. ويجعلهم يحطمون الصالة كما كانوا يفعلون مع فريد شوقى، لكنه للأسف لا يحل مشاكلهم بشكل حقيقى ولا يغير حياتهم ولو بمقدار ذرة.. ولكن هذه أصول اللعبة وقواعد الدراما.. ما الفارق بين الماضى والحاضر؟ الفارق أن الناس أصبحت أكثر وعيًا، وأننا جميعًا دفعنا ثمنًا غاليا لمعرفة الحقيقة.. عرف المصريون قيمة الاستقرار.. وأننا يجب أن ننخرط فى عملية إصلاح مستمر مع الحفاظ على الاستقرار والاستمرار.. لا يمكن ترك البلاد نهبًا لانتهازية بعض مدعى السياسة أيًا كان من وراءهم، ولا يعنى هذا أنه لا توجد أخطاء.. توجد أخطاء لا بد من إصلاحها فورًا.. ولكن هذا لا يعنى إعطاء الفرصة للمهرجين وهواة السياسة وسماسرة التغيير.. لنبدأ الإصلاح بسرعة ولنحافظ على الاستقرار أيضًا بأقصى قوة، ولنضع أمامنا جميعًا هدف الوصول بمصر لبر الأمان ومواصلة ما بدأنا.. لأن هذا هو طريق الأمان الوحيد.