قروض بالراند والريال
لتقليل الاعتماد على الدولار، وسعيًا إلى إقامة نظام مالى دولى متعدد الأقطاب، بدأ «بنك التنمية الجديد» التابع لتجمع الـ«بريكس»، تقديم قروض بعملتى جنوب إفريقيا والبرازيل، «الراند» و«الريال»، وتتوقع ديلما روسيف، رئيسة البنك، إقراض ما بين ٨ و١٠ مليارات دولار هذا العام، مرجّحة أن يكون ٣٠٪ منها بالعملات المحلية، لافتة إلى أن تلك العملات ليست بدائل للدولار، بل للنظام المالى أحادى القطب.
بدأت دول الـ«بريكس»، الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، قمتها الخامسة عشرة، أمس الثلاثاء فى جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، وعلى رأس جدول أعمالها توسيع التجمع وتعزيز استخدام العملات المحلية، كبدائل للدولار فى المعاملات التجارية والمالية. وغدًا، الخميس، تشارك عدة دول صديقة، أو الأعضاء الجدد المحتملين، فى حوار «بريكس بلس» و«بريكس إفريقيا»، تحت شعار «شراكة من أجل النمو المتسارع، والتنمية المستدامة، والتعددية الشاملة». وفى مقال نشرته مجلة «أوبونتو» الجنوب إفريقية، أكد سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى إن بلاده ستعطى الأولوية لزيادة دور العملات الوطنية فى التسويات المتبادلة، إضافة إلى تعزيز إمكانات «بنك التنمية الجديد» و«ترتيب الاحتياطى الطارئ» للتجمع.
لتمييز نفسه عن البنك وصندوق النقد الدوليين، لا يضع «بنك التنمية الجديد» شروطًا سياسية على القروض. ولجريدة «فايننشيال تايمز»، قالت روسيف: «نحن نتنصل من أى نوع من الشروط.. غالبًا ما يتم منح القروض بشرط تنفيذ سياسات معينة.. نحن لا نفعل ذلك. نحن نحترم سياسات كل بلد». ونقلت الجريدة البريطانية عن روسيف، أن البنك يدرس طلبات انضمام حوالى ١٥ دولة، مرجحّة أن تتم الموافقة على قبول ٤ أو ٥ دول، امتنعت عن ذكر أسمائها، لكنها قالت إن البنك يضع تنويع تمثيله الجغرافى ضمن أولوياته.
أحد أبرز أهداف تجمع الـ«بريكس»، هو كسر الهيمنة الغربية، أو الأمريكية، على الاقتصاد العالمى، والإفلات من سيطرة البنك وصندوق النقد الدوليين، وبناء نظام مالى عالمى أكثر عدلًا وتوازنًا. وتحقيقًا لهذا الهدف، تم اتخاذ عدة خطوات مهمة، من بينها إنشاء «بنك التنمية الجديد»، الذى أعلن، فى ديسمبر ٢٠٢١، عن ترحيبه بانضمام مصر، التى وصفها بأنها «واحدة من أسرع دول العالم نموًا». وفى ٣٠ مارس الماضى، نشرت الجريدة الرسمية، تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسى على وثيقة انضمام مصر للبنك واتفاقية تأسيسه.
تأسيسًا على ذلك، شاركت مصر فى الدورة الثامنة من الاجتماعات السنوية للبنك، التى استضافتها مدينة شنغهاى الصينية، أواخر مايو الماضى، وأعرب خلالها الدكتور محمد معيط، وزير المالية، محافظ مصر لدى البنك، عن تطلعه إلى قيام البنك، وكل بنوك التنمية متعددة الأطراف، بدور أكبر فى توفير تمويلات ميسرة للاستثمارات الخضراء بالدول النامية، من خلال تسهيل التعاون والشراكة على المستويين الإقليمى والدولى، وإيجاد أدوات مالية مبتكرة، لافتًا إلى أن البنية التحتية الأكثر استدامة تتطلب حلولًا غير تقليدية للتمويل والتشغيل طويل الأجل، تقوم على التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة ومراعاة البعد البيئى.
إلى الآن، أقرض «بنك التنمية الجديد» حوالى ٣٣ مليار دولار لتمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة. ولأن الدول الأعضاء فيه تتبنى رؤية مشتركة تجاه القضايا السياسية والاقتصادية، تقوم على استشراف آفاق التعاون ودعم تمويل التنمية، نتوقع ألا تأتى جهود البنك لمعالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة على حساب دعم التنمية المستدامة فى الدول النامية والأقل نموًا، وننتظر أو نتمنى أن ينخرط بشكل أكثر فاعلية فى جهود تمكين تلك الدول من الحصول على التمويل اللازم، بعيدًا عن صراعات الشرق والغرب، التى سيكون الفوز فيها بالنقاط، لا بالضربة القاضية، لو لم تحدث تحولات مفاجئة، أو تطورات غير متوقعة.
.. أخيرًا، ومع رغبة ١٥ دولة فى الانضمام لـ«بنك التنمية الجديد»، هناك، أيضًا، ٢٣ دولة تقدمت بطلبات انضمام لتجمع الـ«بريكس»، من بينها ٨ دول عربية، هى مصر، الإمارات، السعودية، الجزائر، البحرين، الكويت، المغرب، وفلسطين. وطبيعى أن يؤدى توسيع التجمع، والبنك التابع له، إلى إحياء مبادرات عديدة كان قد تم الإعلان عنها، منذ سنوات، ولم يتم اتخاذ خطوات جدية بشأنها.