محافظون وتجارب "12".. فرعون الأقصر سمير فرج!
البعض يعتبر أن اختياره لمنصب المحافظ ما هو إلا مكافأة نهاية خدمة أو تكريم من الدولة لمسيرة عمل طويلة، إلا اللواء د. سمير فرج الذى يعتبر كل منصب يتولاه تكليفًا ومهمة وطنية كلفته بها الدولة ويجب أن يؤديها على أكمل وجه.
تاريخ من العطاء للواء د. سمير فرج منذ تخرجه في الكلية الحربية عام 1963 خدم خلالها فى مواقع مختلفة، لعل أهمها مشاركته فى حرب أكتوبر المجيدة.
وتدرج د. سمير فرج فى المناصب والمواقع حتى اختير الملحق العسكرى لمصر فى عدة دول ذات الصلة بالأمن القومى المصرى، حتى ترأس إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، فحولها إلى منبر إعلامى مهم تتواصل من خلاله المؤسسة العسكرية مع المجتمع بكل تخصصاته ويلتحم مع الجماهير بكل فئاتها، وشهدت إدارة الشئون المعنوية طوال 7 سنوات هى مدة توليه لها، نقلة كبيرة وتطويرا غير مسبوق فى تقنيات الإعلام العسكرى والإنتاج التليفزيونى، وغيرها من وسائل التواصل، حتى كانت التكهنات بأن اللواء سمير فرج قد يصبح وزيرًا للإعلام، والمفاجأة كانت فى تعيينه رئيسًا لدار الأوبرا المصرية خلال الفترة من 2000 إلى 2004، و تحمل الرجل العسكرى مهمة النهوض بواحدة من عناصر القوة المصرية الناعمة وأهم مراكز الإبداع والموسيقى فى الوطن العربى فكان تجديد وإعادة افتتاح مسرح سيد درويش بالإسكندرية وتطوير معهد الموسيقى العربية بعد عقود طويلة من إغلاقه وتطوير مسرح الجمهورية وتطوير متحف دار الأوبر المصرية، الذى يحكى تاريخ الأوبرا منذ إنشائها وإنشاء متحف مقتنيات الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب وتأسيس فرقة نجوم الأوبرا، التى اكتشفت العديد من المواهب منهم آمال ماهر وشيرين وغيرهن وقد أعاد د. سمير فرج حفلات الأوبرا إلى المحافظات، بما فيها أوبرا عايدة التى قُدمت فى مختلف المحافظات ومعها انطلقت فرق الأوبرا بصحبة شخصيات عامة لإقامة ندوات جماهيرية فى ربوع مصر المختلفة.
كللت تلك النجاحات باختيار د. سمير فرج لرئاسة المجلس الأعلى لمدينة الأقصر- 2004 إلى 2009 - ليبدأ د. سمير فرج رحلة نجاح جديدة ومختلفة فى قطاع المحليات ولينقذ مدينة الأقصر من دمار حل عليها بعد سنين من الإهمال انتشرت خلالها العشوائيات وحاصرها الإهمال والفساد.
بدأ د. سمير فرج مهمة النهوض بمدينة الأقصر بوضع خطط تنمية شاملة، وبعد إنجازها حصلت الأقصر على المركز الثانى فى مسابقة المدن والعواصم الإسلامية بعد المدينة المنورة.
بدأه تطوير مدينة الأقصر بتطوير الساحة الأمامية لمعبد الأقصر ومسجد أبوالحجاج وتطوير الساحة الأمامية لمعبد الكرنك، ثم إزالة كافة العشوائيات التى كانت تعيق الرؤية أمام المعبد.
وأعاد فتح طريق الكباش الذى كان يصل ما بين معبدى الأقصر والكرنك، فاكتشفت العديد من الكباش والآثار المدفونة أسفل الطريق لتصبح الأقصر أكبر متحف مفتوح فى العالم، وتضاهي، بل وتتفوق على العديد من المدن وعواصم العالم.
وفى جرأة لا يقدر عليها إلا رجل مهام صعبة استطاع تنفيذ ثانى أكبر عملية تهجير فى تاريخ مصر بعد عملية نقل سكان النوبة، حيث تم نقل السكان المقيمين فوق أكثر من ألف مقبرة فرعونية، إلى مدينة القرنة الجديدة، التى قام ببنائها لتستوعب 3200 أسرة، بكل الخدمات المطلوبة من مدارس، ووحدات صحية، وملاعب رياضية، وجمعيات استهلاكية وتتحول بعدها حياة أهالى القرنة إلى حياة مدنية حديثة تحتفظ فى الوقت ذاته بروح القرية القديمة حيث رفض الأهالى أن تصبح بيوتهم من دورين وطلبوا أن تكون من دور واحد، ووافق د. سمير فرج وأعطى كل اسرة ما تريدة من بيوت بما يساوى أفراد الأسرة من الأبناء المتزوجين.
أنشأ د. سمير فرج خلال توليه رئاسة المجلس الأعلى لمدينة الأقصر مركز التراث الحضارى، والقرية النوبية للحفاظ على التراث النوبى لأكثر من 25 ألف نوبى مقيمين فى الأقصر، وطور محطة سكة حديد الأقصر بما يليق بالمدينة السياحية الأولى فى مصر، فكان اختياره ليكون أول محافظ للأقصر عندما فاجأه الرئيس مبارك بتحويل الأقصر إلى محافظة خلال زيارته للمدينة فى عام 2009 وضم إليها إسنا وأرمنت لتبدأ مرحلة جديدة فى حياة أهالى الأقصر، قال عنها الكاتب الصحفى خالد محمود ابن مدينة الأقصر «إنها تجربة غيرت شكل المدينة وشكل الحياة فيها.. وجعلت الشخصية الأثرية حاضرة فى كل شبر فى المدينة.. حولت الأقصر إلى معبد داخله مدينة.. رمت الأساس الذى حول كورنيش النيل إلى منجز حقيقى.. وأضاف خالد محمود أنه لو كان هناك ملحوظات فى تجربة د. سمير فرج سيكون ملخصه فى أن الجانب الاجتماعى لم يره بشكل كاف».
وفى النهاية، تظل تجربة لواء د. سمير فرج هى الأبرز فى تاريخ الأقصر الحديث، بما يسمح أن نطلق عليه لقب فرعون الأقصر الجديد الذى أعاد للمدينة بهاءها.