دراسة: الدولة اتخذت خطوات تجاه علاج العجز المالى فى الموازنة العامة
أوضحت دراسة للمرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن ارتفاع الدين العام المصري كان أحد أهم التحديات التي تواجه الدولة المصرية منذ عقود، مضيفًا أنه فى فترة الحربين العالميتين، ومع تعطل إمدادات القطن الأمريكي، كان للذهب الأبيض المصري (القطن) دور بارز في خفض الديون المتراكمة "آنذاك" إلى 26 مليون جنيه إسترليني، للحد الذي وصلت مصر إلى إقراض بريطانيا مبلغ 430 مليون جنيه إسترليني، وقد نجحت محاولة مصر في إنهاء ديونها الخارجية إلى أخرى داخلية، من خلال إصدار سندات اشتراها المصريون.
وأضافت الدراسة، أن السبب الأساسي للمشكلات الاقتصادية بشكل عام هو عجز الموازنة العامة للدولة (أن يكون إجمالي المصروفات أكبر من إجمالي الإيرادات)؛ إذ إن ذلك العجز يتطلب تمويلًا، إما محليًا من خلال زيادة نطاق الدين العام المحلي إلى الناتج المحلي الإجمالي، أو خارجيًا من خلال الاقتراض، سواء من مؤسسات دولية أو من خلال إصدار سندات بالأسواق العالمية؛ بهدف تمويل ذلك العجز.
وأشارت إلى أن هناك أمرين رئيسين عند الحديث عن الديون، وهي عملية التمويل وإيرادات المشروع الذي تم إنفاقه به، والأمر الثاني هو المدى الزمني للتمويل (قصير أو طويل الأجل)، وبين المدى الزمني المتوقع حتى يبدأ المشروع توليد إيرادات، مضيفة أنه تواجه الدولة المصرية تحديًا كبيرًا، هو أن التمويل الخارجي المستخدم بالدولار الأمريكي، ويتم إنفاقه على مشروعات تولد عائدًا بالجنيه المصري، وهو الأمر الذي يزيد من تحديات توافر العملات الأجنبية لسداد القرض والعوائد.
ونوهت إلى أن المدى الزمني للمشروع والذي يبلغ في متوسطة ثلاث سنوات بمصر (متوسط الآجال الزمنية للتمويلات) لا يتطابق مع المدى الزمني للمشروع، والذي يستغرق آجالًا طويلة لتوليد إيرادات، والوصول إلى نقطة التعادل، وهو ما يضيف تحديًا آخر يتمثل في عدم توافق المدى الزمني للتدفقات النقدية الداخلية المتولدة عن المشروع والتدفقات النقدية الخارجية المتمثلة في سداد القرض والعوائد.
وأكدت الدراسة، أنه بدأت الدولة بالفعل في خطواتها تجاه علاج العجز المالي الذي تواجهه الموازنة العامة للدولة، ووضعت خطة للوصول بالعجز الأولي بالمالية العامة إلى نسبة 2% ثم 2.5%، وهو ما ستكون له نتائج إيجابية بمرور الوقت في خفض العجز الكلي بالمالية العامةت وإمكانية التحول إلى فائضت وخفض نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشارت إلى أن ما قامت به وزارة المالية من جهود لدعم عملية التحول الرقمي في منظومة الفاتورة الإلكترونية، والتي تم تطبيقها على جميع المشروعات التجارية والخدمية بالبلاد من شأنها أن توسع الوعاء الضريبي للمؤسسات التي تسدد ضرائب للدولة المصرية، وهو ما يعزز من إيرادات المالية العامة، ويسهم في تمويل خفض العجز والنمو.
وشددت على ضرورة وجود تعديل تشريعي يضع حدًا أقصى لإجمالي الديون الداخلية والخارجية المصرية، وهو ما يقوض قدرات الحكومة على الاقتراض، ويتطلب موافقة البرلمان المصري على تعديل ذلك الحد، إما برفعه أو خفضه، الأمر الذي يعزز من قدرات الدولة المصرية على ضبط أوضاع الدينين المحلي والخارجي في المستقبل.